مشاركة

الفصل 2

مؤلف: سو شي
فأجابها السيد برهان بجلافةٍ دون أن ينظر إليها قائلا: "لقد سمعتِ ما قلتُه."

فصارت سارة تعبث بطرف ملابسها المتسخ وتقول بصوت خافت: "سيدي، هذه ليست مزحة مضحكة على الإطلاق."

ابتسم السيد برهان ابتسامة سخرية وسألها بنبرة حادّة: "أليس الزواج مني هو هدفكِ منذ البداية؟"

مرّت نظرة السيد برهان الحادّة كالسّكين على وجه سارة الشاحب، وعندما التقت عيونهما، ارتجفت سارة وأدارت وجهها بسرعة، فأمسك بذقنها بقوة وأجبرها على النظر إليه.

لاحظت سارة لأول مرة أن تقاسيم وجهه من تحت النظارة الشمسية تبدو بارزةً وواضحة، وكأنها منحوتةٌ فنيّة، وشعر ذقنه الأسود القصير يضيف إليه جاذبية لا تقاوم.

كانت بدلته في غاية الأناقة، وهي بالتأكيد من علامة تجارية فاخرة.

أدركت سارة من نظرتها الأولى أن هذا الرجل من طبقة اجتماعية مرموقة.

أمّا هي فكانت في حالة بائسة، ملابسها ممزقة وشعرها أشعث وجسدها متسخ ولم تستحم منذ أيام.

فهل سيذهبان لتسجيل عقد الزواج حقا؟

ضيّقت سارة عينيها وقالت بصوت هادئ: "هل تعتقد يا سيدي أن قضائي عامين في السجن دون أن أرى رجلًا، سيجعلني أرتمي في حضن أيّ رجل أراه مهما كان دميمًا وغير جذاب؟"

لم يتمالك السيد برهان نفسه عن رمقها بنظرة أخرى.

رغم صغر سنّها، كانت كلماتها لاذعة، وخارجها هادئ بشكل غير عادي، الأمر الذي زاد من ازدرائه لها.

فسألها ببرود: "أتتعمدين استفزازي بهذه الطريقة كي تجذبي اهتمامي؟"

وقبل أن تجيبه سارة، أمر السائق: "اتجه إلى مكتب الأحوال المدنية!"

حاولت سارة والخوف يعتريها أن تفتح الباب وتنزل: "أتركني! أنا لا أعرفك!"

أمسك برهان معصمها بقوّة ونظر إليها نظرة قاتمة، وقال مهددًا إياها: "أصغي إليّ جيدًا يا امرأة، إن كنتِ تريدين الموت؛ فسأحقق لكِ أمنيتك!"

اغرورقت عينا سارة بالدموع، وقالت بصوت مرتعش: "أنا... لا أريد أن أموت."

"إلى مكتب الأحوال المدنية!" أمر السيد برهان مرة أخرى.

لكن مساعده الذي يجلس بجانب السائق سأله مترددًا: "سيدي، هل سنذهب إلى مكتب الأحوال المدنية هكذا؟"

فرد عليه مستفهمًا: "ماذا تعني؟"

نظر مساعده إلى سارة وقال بشكل صريح: "السيدة، ملابسها ممزقة وملطخة بالوحل..."

"عُد للمنزل إذن!" أمر السيد برهان سائقه مرة أخرى.

"أمرك سيدي!" رد السائق وهو يشغل المحرك.

بعد ساعة ونصف، توقفت السيارة.

ترجّلت سارة من السيارة لتجد نفسها أمام منزل فاخرٍ مترامي الأطراف يقع على منحدر جبليّ، ومعروف باسم "منزل السيد برهان".

كان هذا المنزل مختلفا تمامًا عن الفيلا التي رأتها قبل ثلاثة أيام على الجبل ذاته.

كان منزلًا أشبه بقصر إمبراطوري كبير.

لكن تلك الفيلا بدت كزنزانة متهالكة.

ولا شك أن الرجل الذي سلبها عذريتها هناك قبل ثلاثة أيام، كان سجينًا محكومًا بالإعدام فيها.

وبينما هي شاردة بتفكيرها، وإذ بيد السيد برهان تمسك معصمها بقوة. كان طويلًا ورأسها بالكاد يصل إلى كتفه، وخطواته واسعة لدرجة أنها كانت تركض خلفه بتعثرٍ كأنها كلبٌ ضالٌ وجده على قارعة الطريق.

عندما رأى الخدم السيد برهان في الفناء مقبلًا نحوهم، انحنوا له قائلين: "مرحبا بعودتك سيدي."

سحب السيد برهان سارة ومشى متخطيًا جناح البيت الرئيسي وصولًا إلى صفٍّ من الأكواخ الصغيرة في فناء المنزل الخلفيّ، ثم دفع بها نحو مجموعة من الخادمات قائلاً: "أحضرن لها ملابسا نظيفة ودعنها تستحم!"

"أمرك سيدي." أجابت الخادمات بصوت واحد، وأخذن سارة إلى الحمام.

يجب عليها الهرب من هنا.

ليس معقولًا فور خروجها من السجن أن تقع في قبضة رجل يكرهها ولكنه يرغب في الزواج منها في الوقت ذاته.

انغمست سارة في تفكيرها لدرجة أنها لم تشعر بالخادمات وكن قد نزعن عنها معظم ملابسها.

بدأت الخادمات يتهامسن.

"هل تلك الندوب الزرقاء على رقبتها آثار قُبلات؟"

انتبهت سارة من شرودها واحمرّ وجهها خجلًا وقالت: "لست معتادةً أن يحمّمني أحد، اخرجن من فضلكن، سأستحم بنفسي."

سألتها إحدى الخادمات: "أنتِ..."

قاطعتها سارة قائلة: "خادمة."

فقالت الخادمات بلا مبالاة: "استحمّي بنفسك إذن!" ثم استدرن وخرجن.

وبعد أن خرجن جميعًا، همست إحدى الخادمات بسخرية: "كنت أعتقد أنها امرأة تخصّ السيد برهان، وإذ بها في الأصل مجرد خادمة، عرفتُها امرأةً رخيصةً من أول نظرة، كيف يطلبون منا أن نحمّمها بأيدينا."

رفعت الخادمة رأسها فجأة فرأت السيد برهان واقفًا عند باب الحمام، فسكتت من شدة الخوف.

جلست سارة تحدق بوجهها الأحمر في المرآة.

لقد فقدت عذريتها للمرة الأولى، ولم ترَ وجه الرجل الذي سلبها إياها، بل ولن ترى وجهه مرة أخرى في حياتها.

أغمضت سارة عينيها، وتركت دموعها تسيل على وجنتيها حتى وصلت إلى عنقها.

وفجأة، سمعت صوتًا رجوليًا قاسيًا يقول لها: "أنتِ امرأةٌ قذرةٌ حقًا!"

فتحت سارة عينيها بذعر، لتجد السيد برهان يحدّق في عنقها بنظرة مشمئزة.

فأسرعت بالتقاط ملابسها وغطّت بها جسدها وهي تبكي بحرقة من شدة الخجل والإهانة: "لقد خطفتني فور خروجي من السجن، أنا لا أعرفك، حتى إن كنت قذرة، فهذا لا يعنيك، أخرج من هنا!"

استمر السيد برهان في النظر إلى عينيّ سارة باحتقار وهو يراقب تعابير وجهها، لم يكن قادرًا على تحديد ما إذا كانت تمثّل أم لا.

هذه المرأة ماهرة حقًا في الخداع.

"استحمّي ثم تعالي معي لنسجل عقد الزواج، وبعد ثلاثة أشهر سأطلقك وأعطيكِ بعض المال، ولن تتمكني من البقاء معي لحظة واحدة بعد ذلك!". ثم أغلق الباب وخرج فور أن أنهى كلامه.

ساد الهدوء التام فناء المنزل بسبب وجود السيد برهان. فقد شهد كل خادمٍ هنا قبل أربعة أيامٍ مدى قسوة وبأس هذا الرجل الذي أصبح حديثًا كبير عائلة رستم.

برهان هو الابن الرابع للسيد رستم، لكنه ليس شقيقًا لإخوته الثلاثة، بل هو ابن السيد رستم من عشيقته. ورغم أن عائلة رستم تعد من العائلات الأرستقراطية العريقة التي تمتد جذورها لمئات السنين، إلا أن برهان لم يكن يحق له أن يرث أي شيء من ممتلكات العائلة باعتباره ابناً غير شرعيّ.

حتى أقارب عائلة رستم البعيدون هم أكثر أحقيّةً من برهان بالميراث.

وفي صباه، نُفي برهان إلى خارج البلاد ومُنع من العودة إليها، ولكن بعد سنوات من الكفاح، تمكّن من العودة إلى وطنه، إلّا أنه وجد والدته قد سُجنت جرّاء تهمةٍ ملفّقة.

ومنذ ذلك الحين، بدأ السيد برهان يخطط بدقّة ويعمل في الخفاء، حتى تمكّن من أعداءه وأخذ بثأره من خلال تظاهره بالموت قبل ثلاثة أيام، ثم استولى على زمام الأمور في عائلة رستم، وصار هو كبيرها والآمر الناهي فيها.

عندما يسترجع برهان ذكرياته، يغمره شعور بالقسوة والوحشة. لم تكن والدته ترغب في أن تكون عشيقة، لكن زوجة أبيه الأولى هي من كانت تستخدم الحيل للاحتفاظ بزوجها، واستغلت والدته لتحقيق ذلك.

وعندما اكتشفت والدة برهان أن زوجها متزوجٌ بالفعل، كانت حاملاً في شهرها التاسع.

وفي سبيل ألا يكبر ابنها في أسرةٍ ينقصها الأب؛ تحمّلت والدته الكثير من الإهانة. وعندما بلغت والدته منتصف العمر، لُفقت لها تهمةٌ أدت إلى سجنها. وبعد أن تمكن برهان بصعوبة من السيطرة على عائلة رستم بأكملها وإخراج والدته من السجن، تبين له آنذاك أن والدته لم يتبقَ لها سوى ثلاثة أشهرٍ لتعيشها في هذه الدنيا.

كانت أمنية والدة برهان الوحيدة هي تزويج ابنها من سارة، زميلتها في السجن.

وبما أن والدته كانت تعيش أيامها الأخيرة، لم يكن أمام برهان سوى تحقيق أمنيتها.

وقبل يوم واحد من إطلاق سراح سارة، أجرى برهان بعض التحقيقات عنها، وتبين له أن نواياها من التقرب من والدته كانت خبيثة.

فجأة، قاطعته احدى الخادمات بصرخة مذعورة قطعت تفكيره قائلةً: "سيدي، هناك مشكلة كبيرة."

فالتفت إليها برهان بنظرة حادّة وسألها: "ما الذي حدث؟"

فأجابته الخادمة بصوت مرتجف: "تلك المرأة... قفزت من النافذة وهربت."

الفصول ذات الصلة

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 3 

    "ماذا؟" قطبَ برهان حاجبيه غضبًا، ثم دخل مسرعًا. كان الحمام فارغًا، ولم يجد وراءها سوى عبارةً مكتوبةً بالدم على الحائط: "سيد برهان، على الرغم من أنك تفوقني في المكانة الاجتماعية، إلا أنني لا أريد الزواج منك، وداعًا بلا لقاء!" كانت هذه العبارة مكتوبة بخط واضحٍ وحادّ، يعبّر عن عزيمةٍ صلبةٍ لا تلين. وقف برهان مشدوهًا وحائرًا. هل كانت المعلومات التي جمعها عنها خاطئة؟ بعد ثوانٍ قليلة، أمر بصوتٍ صارم: "ابحثوا عنها في الجبل الخلفي!" لم يكن باستطاعة برهان أن يترك والدته تموت وفي قلبها أمنية لم تتحقق.  شقّت الأغصان والأشواك المتشابكة طريقها في ملابس سارة، ولكنّها ساعدتها في التشبث والنزول عن الجبل بسلام. ثم اختبأت تحت غطاء كثيف من الأغصان المتشابكة لتتفادى أعين أفراد عائلة برهان الذين كانوا يفتشون عنها. ومع حلول الظلام، تمكنت سارة من الوصول إلى الجانب الآخر من الجبل. وفي الصباح الباكر، توجهت إلى منزل السيد سمير. فوجئ السيد سمير الخولي وزوجته السيدة غادة برؤية سارة. فسألتها السيدة غادة بخوف: "كيف تمكنتِ من الهروب من السجن؟" ردّت سارة بسخرية: "مدام غادة، لقد أنهيت مدة محكوميتي." قالت ا

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 4

    أمضى برهان شهرًا كاملًا في البحث عن سارة.وعندما بدأ يعتقد أنه قد أخطأ في حكمه عليها، وأن سارة ليست بالسوء الذي أظهرته تحرّياته عنها، اكتشف أنها صارت تعمل نادلةً على مقصورته الخاصة. يبدو أنه أخطأ في تقديرها حقًا. "سيد برهان... ما الذي يحدث هنا؟" نظر مدير المطعم إلى السيد برهان وقال بخوف."منذ متى وهي تعمل هنا؟" سأل برهان المدير وهو يرميه بنظراته الحادّة."ششش... شهرٌ واحدٌ يا سيدي." أجاب المدير بتلعثم.شهر واحد!هذا هو الوقت الذي كانت تهرب فيه منّا.لكنها في الحقيقة لم تكن تهرب، بل كانت تخطط للُعبة أكبر.يا لها من فتاة لئيمة!نظرت سارة إلى برهان نظرةً غاضبة ممتزجة بالشعور بالظلم. يا له من عالم صغير؟ "أنا لا أفهم ما تقوله، اترك يدي! وإلا سأتصل بالشرطة." حاولت بكل قوتها الإفلات من قبضة برهان المُحكمة، لكنها لم تستطع أن تتحرك قيد أُنملة. تكاثفت قطرات العرق على جبين سارة من شدّة الألم.وبينما ترتعد فرائصه خوفًا، صرخ المدير موبخًا سارة: "روان، لقد تجاوزت حدودك!" ضحك برهان ضحكة باردةً قائلا: "روان!، هل زوّرت هويّتكِ بعد خروجكِ من السجن وغيّرتِ اسمكِ إلى روان!" في هذه اللحظة، وصلت مشرف

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 5

    مَن غير برهان كان يقف خلف سارة؟ ابتسم ذلك الرجل ابتسامة خفيفة، وقال لها بصوت هادئ وأنفاس دافئة: "أمي مريضة وتحتاج للراحة، ألم تجدي طريقة أخرى لحل مشكلتك؟ لماذا تتعبينها أنتِ أيضًا؟"وقفت سارة مشدوهةً :"........." لم يعطها ذلك الشخص فرصةً للرد وأخرجها من الغرفة على الفور."يا برهان، تحدث مع سارة حول موضوع الزواج بجديّة، وتأكد من معاملتها بلطف." هكذا صرخت الخالة سمية من وراء ابنها. أجابها برهان وهو يغلق باب الغرفة: "حاضر يا أمي، لا تقلقي."سحب برهان سارة لمسافةٍ طويلةٍ عبر ممر المشفى.وما إن وصلا إلى نهاية الممر، فإذ بوجه برهان الودود قد انقلب إلى وجهٍ باردٍ يخلو من أي مظاهر الودّ.قبضَ برهان عنق سارة بقوّة ودفعها إلى الحائط وهو ينظر إليها نظرات حادّة كالسيف: "أيتها المجرمة، لقد اختبرتِ صبري مرارًا وتكرارًا، والآن تتجرأين على القدوم إلى أمي، لقد تجاوزت كل الحدود! إذا حدث لأمي أي مكروه، فسأجعلكِ تتمنين الموت!" احمرّ وجه سارة من شدة الاختناق، وقالت بصعوبة: "أنا... لم أكن أعرف.. أن الخالة سمية... هي أمك."فهمت سارة أخيرا سبب كراهية برهان الشديدة لها، ولماذا أصرّ على الزواج منها رغم ذلك.

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 6

    بعد خروجهما من مكتب الأحوال المدنية، ودَّعت سارة السيد برهان رستم: "سيد برهان، الطبيب يمنع الزيارة بعد الظهيرة، لذا لن تتسنى لي العودة معك، سوف آتي غدًا قبل الظهيرة مرة أخرى لزيارة الخالة سمية".كانت سارة في عدم وجود الخالة سمية، تحافظ على مسافة بينها وبين السيد برهان.أجابها السيد برهان بنبرة فاترة: "كما تشائين".فانصرفت سارة لوحدها.سأل حازم السيد برهان وهما داخل السيارة: "ألا تخشى هروبها يا سيدي؟".ابتسم السيد برهان ابتسامة صفراء وهو يقول: "تهرب؟ إلى أين، أستعود للعمل نادلة في المطعم الذي اعتدت الذهاب إليه؟ كيف ستأتي حينئذ لاقتراض المال من أمي ثانية؟ لم تكن تبتغي من هروبها في المرتين السابقين سوى رفع سعرها".حازم: "كلامك صحيح".قال السيد برهان: "انطلق بالسيارة".انطلقت السيارة مسرعة بجانب سارة دون أن يلتفت إليها السيد برهان مطلقًا.جرَّت سارة جسدها المنهك وعادت إلى المنزل.وما إن وصلت إلى بوابة المنزل، استوقفتها إحداهن: "سارة! هل كنتِ حقًا مختبئة في هذا الحي؟".إنها لينا!قبل عامين، كانت لينا تعيش حياة فوضوية، ومن جراء ذلك؛ تعرضت للاغتصاب من رجل منحط طاعن في السن وقبيح، وفي أثناء تل

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 7

    فهمت لينا الأمر، أدركت أن السيد برهان يضمر لها جفاءً شديدًا.شعرت لينا كما لو أنها طعنت في قلبها بسكين….كان مزيجًا من الألم والخجل والضيق.بل وشعرت أيضًا بالخوف من السيد برهان.ولما همَّت بإلقاء بضع عبارات من دلالها المصطنع، سمعته يغلق الهاتف في وجهها بقوة.شعرت لينا في قلبها بخفقةٍ عنيفة.سارعت السيدة غادة بسؤالها: "ما الأمر يا لينا؟"."أمي….برهان لا يرغب في المجيئ لمناقشة أمر الزفاف، إنه…..هل علم شيئًا ما؟".أخذت لينا تبكي من شدة الخوف وتقول: "هل اكتشف أنني انتحلت شخصية سارة؟ ماذا نفعل يا أمي؟ إن برهان رستم يقتل ولا يبالي، إنني خائفة…..اهئ اهئ اهئ".ارتدعت فرائص السيدة غادة والسيد سمير الخولي هو الآخر من شدة الخوف.قضت العائلة فترة ما بعد الظهيرة بأكملها في حالة من الذعر والهلع، إلى أن دخل الخادم قائلًا: "سيدي، سيدتي، سارة تنتظر في الخارج، تقول إنها جاءت لأخذ صورها هي وأمها"."دعها ترحل!"، صبَّت لينا كل غضبها على سارة في الحال.كان الخوف يسيطر عليها في تلك اللحظة، حتى إنها نسيت تمامًا ما قالته لسارة بالأمس، إنها من سمح لها بالمجيء لأخذ صور أمها القديمة.في الواقع، كانت لينا تريد أن ت

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 8

    اندهش السيد برهان أيضًا من تلك الفتاة التي ظهرت أمامه فجأة.لم يكن يغطي جسدها أي ثياب في تلك اللحظة.…..كانت بشرتها محمَرَّة قليلًا لأنها فرغت للتو من الاستحمام، وتناثرت على كتفيها خصلات شعرها القصيرة والمتشابكة وكان الماء يقطر منها، وعلى وجهها الصغير الذي يضاهي كف اليد، امتزجت قطرات الماء مع بقايا البخار.ولما وجدت سارة نفسها عارية هكذا تماما أمام السيد برهان، انكمشت على نفسها خجلًا، لكن دون جدوى.وكان السيد برهان يرتدي هو الآخر ثيابًا خفيفة.كان مفتول العضلات، فارع الطول، قوي البنية، عريض المنكبين، ممشوق الخصر، وكانت بشرته تميل إلى اللون البرونزي، وفوق عضلات ساعده الأيمن الصلبة القوية، كانت ثمة ندبتان مروِّعتان تبرزان مدى قوته وشراسته.فلما نظرت سارة إلى ندبتيه هاتين، ارتجف قلبها رجفة شديدة.لكن خجلها الشديد -لأنه رآها عارية- ألهاها عن ذلك الخوف.حاولت سارة عبثًا أن تستر جسدها بيديها، لكن دون جدوى، فمدت ذراعها بحذر شديد تريد أن تتناول المنشفة.فأحست في يدها بقشعريرة حادة."أنتَ…..ألم يكن من المفترض ألا تعود؟ لما..….لماذا عدت؟"، اصطكت أسنان سارة واحمرَّ وجهها حتى صار كما الرغيف المخبوز

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 9

    خفق قلب سارة بشدة.إن رجلًا نبيلًا كالسيد برهان، هو بالتأكيد في غنى عن وجود فتاة في حياته، والسبب الوحيد في زواجه منها، إنما هو لإسعاد أمه التي باتت على شفا الموت ليس إلا.لكن سارة لم تكن تتوقع أبدًا أن تكون لينا هي خطيبة السيد برهان.صارت الحياة بالنسبة لها بمثابة مسرحية ساخرة.كل الذين ظلموها عاشوا سعداء هانئين، أما هي، فمستقبلها معدوم، وحملت دون زواج، حتى إنها لا تعرف هوية والد الطفل الذي في بطنها.ثم نظرت سارة إلى هذين الخطيبين الرائعين والمتكافئين، فشعرت أنها تبدو أمامهما كالمتسولة.هل السبب في أن لينا سمحت لها بالمجيء لأخذ صور أمها، أنها تريد أن تتباهى بخطيبها؟حاولت سارة إخفاء حزنها، وقالت بنبرة باهتة: "كيف لفتاة وضيعة مثلي أن تعثر على زوج ثري؟ كنت أمزح لتوي، يبدو أن ضيفًا أتاكم، لن أزعجكم، أستأذنكم في صور أمي وسأنصرف في الحال".تحاشت سارة إطالة النظر إلى السيد برهان، حتى بدت وكأنها لا تعرفه مطلقًا.ولم ترتسم على ملامح السيد برهان هو الآخر أية تعابير.كان لا يريد أصلًا أن يأتي إلى منزل عائلة الخولي، لكنه لما تذكر أن لينا أنقذت حياته، اقتنص اليوم بعض الوقت لزيارتهم.لكنه لم يكن ي

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 10

    تجمدت سارة في مكانها.وظلت تستمع إلى إهانة لينا لها، وكانت تتمنى من قلبها لو تستطيع تمزيق وجهها.لكنها لم تكن تستطيع أن تتصرف بتهور آنذاك. فإن هي بدأت الشجار سيتحول إلى عراك عنيف، لذا خشيت سارة أن يتأذى الطفل الذي في بطنها.ابتسمت سارة بفتور وسألتها: "هل تهتمين بهذا العمل لتلك الدرجة؟".ضحكت لينا باستهزاء وقالت: "أنا فقط قلقة على صحتكِ، احترسي ألا تصابين بالأمراض والأوبئة، حينها سيصبح مجيئكِ إلى بيتي سيجلب لي الوباء والفساد"."إذن لماذا دعوتِني إلى بيتكِ وأصريتِ على بقائي لتناول الطعام؟ لقد ظننتُ أنكِ مهتمةٌ بمعرفة كل شيء عن هذا العمل"، قالت سارة ذلك بنبرةٍ هادئةٍ لكنها كانت كافية لإسكات كل من في المنزل.لم يلحظ أحد أنه في تلك اللحظة، كانت عينا السيد برهان الحادتين تحدقان في سارة بعمق وبرود.وبعد لحظات، التقط مفاتيحه وهَمَّ بالمغادرة.لحقته لينا تسأله: "هل أغضبك شيء ما؟".قال السيد برهان بفتور دون أن يلتفت إليها: "إن بقيتِ على اتصال بهذه المرأة، فسأعطيكِ بعض المال تعويضًا عن خطبتنا ونفسخ هذه الخطبة نهائيًا".قالت لينا وهي تلحق بالسيد برهان لتسترضيه: "حسنًا فهمت، لا داعي لتغضب من امرأة

أحدث فصل

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 30

    صرخت سارة بغضب وقالت: "لماذا جئتما إلى هنا؟ هيا اخرجا من هنا فورًا"، لم تكن سارة تكترث لكل الأذى الذي لاقته من لينا ووالدتها غادة، بل كان كل ما يشغل بالها في هذا الوقت، أنهما بالتأكيد جاءتا لمضايقة الخالة سمية وهذا سيفاقم مرضها.أمسكت سارة حقيبتها وضربت بها السيدة غادة.لكن الخالة سمية أوقفتها: "سارة.....".نظرت سارة إلى الخالة سمية وقالت: "لا تخافي يا أمي، سأطردهما فورًا".قالت الخالة سمية: "سارة، أنا من دعوتهما إلى هنا".سارة: ".......؟".نظرت سارة خلفها، فوجدت لينا ووالدتها غادة ينظران إلى الخالة سمية المستلقية على السرير والخوف يملأ أعينهما.ثم نظرت مرة أخرى إلى الخالة سمية وسألتها في حيرة: " أنتِ من دعوتهما للمجيء إلى هنا يا أمي؟".نظرت الخالة سمية إليهما بوجه شاحب ونظرات مفعمة بالتحدي وقالت: "لينا، غادة....".نظرة غادة إلى الخالة سمية نظرة عداء وقالت: "يا خالة سمية.....".قالت الخالة سمية: "هل تظنان أنني وابني برهان كنا سنظل على قيد الحياة حتى الآن لو لم نقاوم كل الظروف كي نحظى بمكانة واحترام بين أفراد عائلة رستم؟ خصوصًا أن زواجي من رستم لم يُعلن بشكل رسمي"."لقد عاشت سارة في منز

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 29

    قال السيد فؤاد: "على الأقل يمكنكِ دعوتي لتناول الغداء معكِ..." ثم نظر إلى المتجر الصغير من حوله فوجده مظلمًا مليئًا بالدخان ولا يوجد به سوى العمال المهاجرين".غطى السيد فؤاد أنفه بيده وتحمل كل شيء من حوله من أجل أن يحظى بفرصة للفوز بالفتاة التي تعجبه."على الأقل يمكنكِ دعوتي لتناول وجبة طعام لا تتجاوز دولارًا، أليس كذلك؟".أجابت سارة بسرور: "حسنًا".طلب الاثنان وجبتي طعام، عبارة عن طبقين من الخضار وطبق من اللحم.كانت سارة قد شبعت بالفعل بعدما تناولت وجبتها الأولى التي لم يكن بها سوى الفطر والبازلاء، ثم جلست أمام السيد فؤاد تشاهده وهو يتناول طعامه.كان شعورًا محرجًا حقًا.لكن الأكثر إحراجًا هو أن سارة ظلت جالسة أمام السيد فؤاد دون أن تتحدث بكلمة واحدة، بينما كان هو يتناول وجبته عديمة الطعم متمنيًا أن يستطيع إمساك خد سارة البارد ويهز رأسها بقوة.لكنه كان يفضل أن يضمها إلى صدره بقوة ولا يفلتها ثانية.لم يتخيل أنها ستظل طوال الوقت هادئة وانطوائية هكذا.لكن السيد فؤاد صياد ماهر، يعرف كيف يتحلى بالصبر حتى يصطاد فريسته.وبعدما انتهيا من تناول طعامهما، اكتشفت ساره أن السيد فؤاد قد دفع بالفعل

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 28

    فجأة رفعت سارة عينيها لترى من الذي يتحدث، لكنها لم تتذكر من هو، وبعد بضع ثوانٍ قالت: "السيد فؤاد".حينها وقف مدير قسم التصميم بسرعة وباحترام ومشى نحو السيد فؤاد ثم انحنى قائلًا: "سيد فؤاد، ما الذي أتى بك إلى هنا؟ هل جئت لتتفقد أحوال العمل؟".نظر فؤاد له وقال: "ما مشكلة هذه الموظفة؟".قال المدير: "إنها موظفة جديدة متوسطة التعليم وليس لديها أي خبرة، تغيبت عن العمل لعدة أيامٍ دون إنذار، يستحيل أن يعمل أمثالها في شركتنا"."أقسم أنني لن أتغيب عن العمل مرة أخرى، سأعمل بكل قوتي في الموقع حتى لو اضطررت لنقل الطوب" قالت سارة هذا لتستجدي أي فرصة أخيرة تبقيها في هذه الوظيفة.قال فؤاد بلهجة حادة: "إنها مجرد مصممة مساعدة أليس كذلك؟ في شركةٍ كبيرةٍ كهذه علينا التعامل بتسامح مع الموظفين، يجب أن نعطيهم فرصةً أخرى، خاصةً إن كانوا جدد، ولطالما اعترف الموظف بخطئه، فإنه سيصححه بالتأكيد ولن يكرره".لم يعقِّب المدير على كلام السيد فؤاد.لكنه استنتج أن السيد فؤاد وهذه الفتاة الوضيعة يعرفان بعضهما البعض.لم يكن لدى مدير التصميم خيارًا آخر سوى إعادتها للعمل، خاصةً بعدما شفع لها السيد فؤاد.قال المدير: "بشرط أل

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 27

    لم يؤثر صراخها في تعابير وجه السيد برهان، بل أخذ ينظر إليها ويتفحصها من رأسها حتى أخمص قدميها. دفعت سارة السيد برهان بقوة لتبعده عن طريقها، ثم التقطت منشفتها ولفتها حول جسدها بسرعة وركضت نحو غرفة الضيوف.وما إن أغلقت الباب خلفها، سالت الدموع من عينيها.تملكها حينها شعور بالخجل والعار هي وحدها من أدركت كم كان شعورًا خانقًا.رفعت معصمها لتمسح دموعها التي لم تستطع كبحها، وقبل أن تنحني لتلتقط ملابسها، انفتح الباب فجأة، فارتعبت سارة وارتجف جسدها، وعندما التفت ورفعت عينها، رأت السيد برهان أمامها يحمل صندوق الإسعافات الأولية.غطت سارة جسدها بالمنشفة وقالت: "أنت.....ماذا تفعل هنا؟".لم يجبها السيد برهان؛ بل اقترب منها وأمسك ذراعها ووضعها على السرير على بطنها، وقبل أن تستوعب ما يجرى، كان السيد برهان قد بدأ يدهن لها مرهمًا باردًا على ظهرها.كان ظهرها مليئًا بالكدمات وآثار ربط الحبال، لم تستطع سارة رؤيتها لكنها شعرت بألمٍ شديدٍ في ظهرها أثناء الاستحمام، والآن بعدما دهن السيد برهان هذا المرهم البارد على ظهرها، هدأ شعورها بالألم على الفور.ثم انتقل بعد ذلك إلى ساقيها اللتين كانتا مليئتين بآثار ربط

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 26

    صاحت سارة مرة أخرى: "سيد برهان.......".التقط السيد برهان هاتفه وأجرى اتصالًا: "حازم، تعال إلى هنا فورًا لتصطحب الآنسة لينا إلى المنزل".لينا: ".....".أنهى السيد برهان المكالمة ثم قال بفتور: "انتظري هنا، سيأتي حازم في غضون ثلاث دقائق ليعيدكِ إلى المنزل".وما إن أنهى كلامه، دخل المصعد وضغط على زر الصعود وأغلق باب المصعد.بقيت لينا مذهولة وحدها تحت المطر.وبعد ثلاث دقائق، وصل حازم وأوقف سيارته أمام لينا، ثم فتح نافذة السيارة ونادى عليها: "آنسة لينا، اصعدي إلى السيارة بسرعة حتى لا يبللكِ المطر".تغيرت ملامح لينا وقالت: "هل أنت غبي؟".حازم: "....؟".أنا خطيبة السيد برهان رستم، ينبغي عليك بصفتك سائقه الشخصي، أن تنزل وتفتح لي باب السيارة، ثم تركع لتجعل قدمك مسندًا أصعد عليه إلى السيارة".حازم: "......".وبعد بضع ثوانٍ، نزل حازم من السيارة دون أن ينبس ببنت شفة، ثم فتح باب السيارة وثنى إحدى ساقيه باحترام وقال: "تفضلي بالصعود يا آنسة لينا".قالت لينا بنبرة متعالية: "هكذا أفضل!".أدركت لينا بعد هذه الليلة أنها مهما فعلت أو ارتكبت من أخطاء، فإن السيد برهان سيتزوجها في النهاية.ذلك لأنه قد اقتنع

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 25

    كان الاتصال من الجدكان جد برهان يتحدث بنبرة تجمع بين الأمر والتشاور: "برهان، بما أنك قلت إن تلك المرأة كانت فقط من أجل تهدئة والدتك، فقد قررنا، جدتك وأنا، أن نقيم مأدبة عشاء عائلي بسيطة. في نهاية هذا الأسبوع، ستحضر فتيات من العائلات الراقية من المدينة الجنوبية والعاصمة في هذه المأدبة..."لم يترك برهان فرصة لجده لإكمال كلامه، إذ قاطعه قائلًا: "لن أذهب!"أصبحت نبرة جده أكثر ليونة وقال: "برهان، انتظر قليلًا، اسمعني حتى النهاية، حسنًا؟"برهان: "...""برهان؟""أنا أسمع.""برهان، لن أتدخل في أمور شركة العائلة، ولكنني الآن بلغت السادسة والتسعين. ألا يمكنك أن تترك لي فرصة أن أراك تتزوج وتنجب قبل وفاتي؟ إذا وجدت فتاة تناسبك بين الضيوف، فهذا سيكون الأفضل. وإن لم تجد، فلن نضغط عليك." في النهاية، كان جده يكاد يتوسل لبرهان.ألقى برهان نظرة على لينا، التي كانت لا تزال تحت المطر، ,وأجاب: "حسنًا."بعد أن أنهى المكالمة، قال برهان للينا: "استعدي خلال الأيام المقبلة. سترافقيني هذا الأسبوع إلى منزل عائلة رستم لمقابلة جدي."لينا، التي بدت علامات الفرح تلمع في عينيها، سألت بفرح: "سيدي، ماذا تقول؟ هل تعني أ

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 24

    "هل تمطر؟" قالها برهان وهو يتجه نحو الشرفة لينظر إلى الخارج، وبالفعل كانت الأمطار تتساقط. عندما نظر للأسفل، رأى امرأة جاثية على ركبتيها في الماء، ترفع رأسها وتنظر تجاهه.أخذ برهان مظلة ونزل إلى الأسفل."سيدي... سيدي... لا أصدق أنك ما زلت تود النزول لرؤيتي." كانت شفتا لينا قد تحولت إلى اللون الأرجواني من شدة البرد، وهي تزحف على ركبتيها باتجاهه، ثم عانقت ساقيه بشدة. "سيدي، اسمعني، دعني أكمل كلامي. حتى لو قتلتني بعدها، سأكون راضية، فقط أطلب منك فرصة واحدة للدفاع عن نفسي."نظر السيد برهان إلى هذه المرأة التي كانت تجثو أمامه بخضوع وتذلل، شعر باشمئزاز شديد يتملكه. فقد كان على وشك أن يركلها حتى الموت بالأمس.لكن في النهاية، تراجع في اللحظة الأخيرة فقط لأنها أنقذت حياته بجسدها ذات مرة، مما منحه الفرصة للسيطرة على مجموعة شركات رستم. توقفت قدمه في اللحظة التي كانت على وشك أن تصطدم بها.ومع ذلك، كانت مشاعر الكراهية تجاه لينا تتزايد في قلبه يومًا بعد يوم.هذه المرأة لم تعد تلك المطيعة والمستسلمة كما كانت في الليلة التي أنقذت حياته. على الرغم من أنه وعدها بالزواج بعد شهرين، إلا أنها ما زالت تثير غ

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 23

    "أمي، أنا آسفة." سقطت دموع سارة على طرف الغطاء الذي يلف الخالة سمية. كان صوتها مبحوحًا من كثرة البكاء: "لقد بدأت العمل للتو، وكان عليّ الامتثال لتعليمات المدير. قرر المدير فجأة إرسالي في رحلة عمل لبضعة أيام، فلم أتمكن من زيارتكِ في الوقت المناسب."أجابت الخالة سمية بابتسامة حزينة وهي تنظر إلى الأنابيب المتصلة بجسدها: "ليس ذنبكِ يا حبيبتي. جسدي يزداد ضعفًا يومًا بعد يوم... لا أعرف إن كنت سأتمكن من فتح عيني مرة أخرى بعد أن أغلقها.""أمي، لا تقولي ذلك، أرجوكِ، لا تتركيني. لو رحلتِ عني، سأصبح وحيدة تمامًا. لم يعد لدي أي أحد في هذا العالم..." صرخت سارة وهي تضع رأسها على صدر الخالة سمية، تبكي بحرقة ودموعها تنهمر دون توقف.في ذلك اليوم، بعد أن تم إنقاذ سارة، لم تعد إلى المنزل. بقيت في المستشفى تعتني بالخالة سمية. كانت تنظفها، تغسل شعرها، وتقص أظافرها. ومع رعايتها الحنونة، بدأت الخالة سمية تستعيد بعضًا من صحتها، وظهر لون الحياة مجددًا على وجهها الشاحب.بفضل رعاية سارة الدقيقة، بدا أن برهان، الابن البيولوجي للخالة سمية، لا دور له تقريبًا. ففي كثير من الأحيان، كان يقف بهدوء على الجانب، يراقب تلك

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 22

    سارة كانت ترتجف خوفًا وهي تتكئ على عنق برهان، جسدها يرتعش بالكامل. كانت تعلم أن برهان رجل قاسٍ، لكنها لم تره يومًا بعينيها يتصرف بهذه القسوة. اليوم، أخيرًا شهدت كيف أنه رجل لا يتراجع عن كلمته، مهما كان الأمر.ومع ذلك، كانت تعلم أن هؤلاء الأشخاص يستحقون ما حصل لهم.لم يكن هناك ما يستدعي الشفقة عليهم.على العكس، كادت هي أن تكون الضحية، وكانت على وشك أن تُعذب وتُقتل على يد لينا.رفعت سارة رأسها ببطء، وهي مستندة على كتف برهان، ثم نظرت إلى لينا بعينين بريئتين للغاية.تم نقل سارة إلى المستشفى، وبعد أن أجرى الطبيب الفحص قال: "إنها مجرد كدمات في الأنسجة الرخوة، لا يوجد ما يدعو للقلق."تنفست سارة الصعداء، وبدأت مشاعر الخوف التي كانت تعتريها تتلاشى تدريجياً. بعد أن كانت مُختطفة لعدة أيام، ولم تكن تعرف كيف كانت حال الخالة سمية خلال هذه الفترة."سيد برهان، شكرًا لإنقاذكِ لي، هل الخالة سمية بخير؟" سألته سارة وهي تنظر له بامتنان."الوضع ليس جيدًا!"سارة: "......ماذا... ماذا حدث للخالة سمية؟""في وحدة العناية المركزة." قالها برهان بوجه خالٍ من التعبير. في الفترة الأخيرة، كانت سارة تذهب كل يوم إلى ال

امسح الكود للقراءة على التطبيق
DMCA.com Protection Status