Share

الفصل 4

Author: سو شي
أمضى برهان شهرًا كاملًا في البحث عن سارة.

وعندما بدأ يعتقد أنه قد أخطأ في حكمه عليها، وأن سارة ليست بالسوء الذي أظهرته تحرّياته عنها، اكتشف أنها صارت تعمل نادلةً على مقصورته الخاصة.

يبدو أنه أخطأ في تقديرها حقًا.

"سيد برهان... ما الذي يحدث هنا؟" نظر مدير المطعم إلى السيد برهان وقال بخوف.

"منذ متى وهي تعمل هنا؟" سأل برهان المدير وهو يرميه بنظراته الحادّة.

"ششش... شهرٌ واحدٌ يا سيدي." أجاب المدير بتلعثم.

شهر واحد!

هذا هو الوقت الذي كانت تهرب فيه منّا.

لكنها في الحقيقة لم تكن تهرب، بل كانت تخطط للُعبة أكبر.

يا لها من فتاة لئيمة!

نظرت سارة إلى برهان نظرةً غاضبة ممتزجة بالشعور بالظلم.

يا له من عالم صغير؟

"أنا لا أفهم ما تقوله، اترك يدي! وإلا سأتصل بالشرطة." حاولت بكل قوتها الإفلات من قبضة برهان المُحكمة، لكنها لم تستطع أن تتحرك قيد أُنملة.

تكاثفت قطرات العرق على جبين سارة من شدّة الألم.

وبينما ترتعد فرائصه خوفًا، صرخ المدير موبخًا سارة: "روان، لقد تجاوزت حدودك!"

ضحك برهان ضحكة باردةً قائلا: "روان!، هل زوّرت هويّتكِ بعد خروجكِ من السجن وغيّرتِ اسمكِ إلى روان!"

في هذه اللحظة، وصلت مشرفة المقصورة والنادلة التي طلبت من سارة أن تنوب عنها، لكنهما كانتا مرعوبتين لدرجة أنهما لم تنبسا ببنت شفة.

شعرت سارة باليأس التام.

كان يتبقى يومان فقط لتتقاضى راتبها!

ولكن كل شيء قد ضاع.

"لماذا لا تتوقف عن مطاردتي؟ لماذا؟" غمرت سارة مشاعر الحزن والغضب، حتى احمرّت عيناها. ثم رفعت يدها وعضّت ذراع برهان بقوة، فصرخ من شدّة الألم وتركها على الفور.

هربت سارة بعيدًا.

لم تكن تمتلك القوة لمواجهة أي أحدٍ منهم، لذلك كان الهروب هو خيارها الوحيد.

وبعد أن استوعب برهان الموقف، كانت سارة قد غادرت المطعم بالفعل، واستقلت حافلة النقل العام، ثم نزلت بعد عدة محطات.

وبينما كانت تسير في الشارع، انفجرت بالبكاء.

زُج بها في السجن بدلًا من لينا؛ وسُلبت أغلى ما تملك على يد رجل قد مات؛ وبعد أن خرجت من السجن بصعوبة بالغة، اكتشفت انها لن تتمكن من رؤية والدتها مرة أخرى.

ألم يكتفِ الحظ السيء من ملازمتها بعد!

ومن يكون برهان هذا، ولماذا يطاردها بلا هوادة!

لماذا؟

هل يستغل ضعفها؛ لأنها خرجت من السجن فوجدت نفسها وحيدة بلا ظهر ولاسند!

بكت سارة حتى شعرت بالغثيان، فجلست على جانب الطريق تتقيأ بلا توقف. ولأنها لم تأكل شيئًا منذ الصباح؛ كانت تتقيأ سائلًا حامضًا أخضر اللون.

مرت بجانبها سيدة وربتت على ظهرها قائلة: "يا ابنتي، هل تعانين من أعراض الحمل؟"

الحمل؟

دبّ الرعب في قلب سارة.

فقد كانت تشعر بالغثيان بشكل متكرر مؤخرًا، لكنها لم تفكر أبدًا في أنها قد تكون حاملًا. وعندما ذكرت تلك المرأة العجوز الأمر أمامها، تذكرت تلك الليلة التي مضى عليها أكثر من شهر.

ذهبت إلى المشفى والقلق يعتريها، وكانت تحمل في يدها بضع عملات معدنية بالكاد تكفي.

أعطاها الطبيب شريط اختبار الحمل وطلب منها إجراء فحص البول.

وبعد عشر دقائق، أكد الطبيب النتيجة قائلًا: "أنتِ حامل."

تراجعت سارة إلى الوراء مصدومةً تقول: "لا، لا يمكن أن أكون حاملًا."

قال الطبيب بأعصاب باردة: "يمكنكِ إجهاضُه"، ثم رفع رأسه ونظر للخارج قائلا: "المريض التالي."

خرجت سارة وجلست وحدها على أحد مقاعد المشفى وكلّها شعور بالعجز والضياع.

"لا تبكي... لا تبكي، امسحي دموعكِ." جاء صوت طفولي خافت من أمام سارة، ففتحت عينيها لترى طفلة صغيرة ترتدي حفاضة تقف أمامها.

مدّت الطفلة يدها الصغيرة الممتلئة تحاول مسح دموع سارة، لكنها لم تتمكن من الوصول إلى وجهها، فراحت تربت على ساقيها وتواسيها.

وفي تلك اللحظة العاطفية، ذاب قلب سارة أمام تلك الطفلة الصغيرة.

قالت الأم الشابّة التي كانت تقف مبتسمة أمام سارة: "آسفة، طفلتي عاطفية وحساسة."

أجابتها سارة بابتسامة مهذبة: "بل طفلتكِ لطيفةٌ جدًا."

وبينما كانت تراقب الأم وطفلتها تبتعدان بعينان تملأهما الغبطة، راحت سارة تتحسس بطنها بحنوٍ ولُطف؛ فلم يعد لديها أي قريب في هذا العالم، وطفلها الذي في أحشائها صار هو كل عائلتها.

غمرها في تلك اللحظة شعور بالبهجة والترقب كونها ستصير أمّاً لأول مرة.

ولكن، كيف ستعيل طفلها؟

حتى تكاليف عملية الإجهاض لم تستطع تحمّلها.

في صباح اليوم التالي، توجهت سارة إلى السجن حاملةً في قلبها خيطًا رفيعًا من الأمل، وتوسلت إلى الحارس قائلة: "هل يمكنني مقابلة الخالة سميّة؟"

كانت الخالة سميّة قد قضت بالفعل سنوات طويلة من عقوبتها عندما دخلت سارة إلى السجن، وكانت تهتم بسارة كثيرًا وتجنّبها الكثير من المتاعب مع السجينات. لم تكن سارة تعرف الكثيرعن ماضي الخالة سُمية، لكنها شعرت بأنها امرأة ثريّة.

كان هناك شخص يرسل للخالة سميّة مبلغاً وفيرا من المال كل شهر داخل السجن كي تغطي نفقات طعامها. وذلك المبلغ البسيط الذي كان بحوزة سارة عندما خرجت من السجن، كان هدية من الخالة سمية أيضًا.

"لقد خرجت الخالة سمية من السجن منذ أكثر من شهر"، قال حارس البوابة وهو يحسب الأيام.

"ماذا!" صرخت سارة بدهشة.

"أنتِ هي سارة، أليس كذلك؟" سأل الحارس فجأة.

أومأت سارة برأسها: "أجل، أنا".

"عندما خرجت الخالة سمية، أعطتني رقم هاتف وقالت إنه لكِ. في ذلك اليوم، خرجتِ من السجن وركبتِ سيارة فارهة على الفور، حتى أنني صرخت عليكِ ولم تسمعيني". أخرج الحارس رقم الهاتف وأعطاه لسارة.

"شكراً لك."

بعد ساعتين، التقت سارة بصديقتها السابقة في السجن، الخالة سمية، في جناح فاخر في أرقى مشفىً خاصٍ في المدينة الجنوبية.

كانت عينا الخالة سمية شبه مغمضتين، ووجهها شاحب، وتبدو عليها علامات المرض، ورغم شيب شعرها إلا أنه أضفى عليها المزيد من الكبرياء والوقار.

كان باستطاعة سارة أن تتخيل مدى جمال الخالة سميّة في شبابها، ولكنها كانت تتساءل عن سبب دخولها السجن؟

"خالة سميّة؟" نادت سارة بهدوء.

فتحت الخالة سمية عينيها ببطء، وعندما رأت سارة أمامها، أصابتها نوبة سعالٍ مستمرة قبل أن تهدأ وتقول:"سارة، أخيرًا رأيتكِ. لقد طلبت من ذلك الولد اللئيم أن يحضركِ لي، لكنه كان يخبرني دائماً بأنكِ قد عدتِ إلى بلدتكِ، وأخيرًا جئتِ، هذا جيد."

أجابت سارة وهي تحاول مداراة تلك الكذبة:" نعم، لقد عدت للتو من بلدتي يا خالة سمية."

عرفت سارة أن "الولد اللئيم" الذي تقصده الخالة سمية هو ابنها بالتأكيد.

ثم أدركت أخيرًا أن إطلاق سراحها المبكر من السجن كان بسبب الجهود الكبيرة التي بذلها ابنها.

وأنهم قد أحسنوا إليها بما يكفي إذ أخرجوها من السجن، ففي عائلة بهذا الثراء والوجاهة، كان من المستحيل أن تحتفظ الخالة سمية بصديقة مثل سارة."

لذلك لم يبالغ ابن الخالة سمية حين أخبر والدته بأن سارة قد عادت إلى بلدتها.

قالت الخالة سمية بتأثر والدموع في عينيها: "لم أنسكِ أبدًا. لولا رعايتكِ لي في السجن، لما كنتُ على قيد الحياة الآن، ولما تمكنتُ من رؤية ابني مرة أخرى."

هزت سارة رأسها وقالت: "لا داعي لقول ذلك يا خالة. عندما اعتنيتُ بكِ حينها، لم أكن أنتظر منكِ شيئًا بالمقابل..."

كانت سارة تفكر، كيف ستطلب المال من الخالة سمية التي أنهكها المرض؟

"حسنا.. خالتي سميّة، أعرف أنه ليس وقتا مناسبًا لأطلب منك طلبًا كهذا، لكنني حقًا لا أجد مخرجًا آخر، أنا.."

سألتها الخالة سميّة: "ما بكِ؟ أنتِ هنا مع خالتك، ما عليكِ إلا أن تخبريني بما يضايقكِ."

خفضت سارة رأسها ولم تجرؤ على النظر في وجه الخالة سمية وقالت: "خالة سميّة، هل... هل يمكنكِ أن تقرضيني بعض المال؟"

"كم تحتاجين؟ سأعطيكِ أنا." سمعت سارة صوتًا رخيمًا ودافئًا جاء من خلفها.

استدارت بسرعة، فلم تصدق ما رأته عيناها وفقدت القدرة على الكلام: "كيف!... كيف وصلت إلى هنا؟"

Related chapters

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 5

    مَن غير برهان كان يقف خلف سارة؟ ابتسم ذلك الرجل ابتسامة خفيفة، وقال لها بصوت هادئ وأنفاس دافئة: "أمي مريضة وتحتاج للراحة، ألم تجدي طريقة أخرى لحل مشكلتك؟ لماذا تتعبينها أنتِ أيضًا؟"وقفت سارة مشدوهةً :"........." لم يعطها ذلك الشخص فرصةً للرد وأخرجها من الغرفة على الفور."يا برهان، تحدث مع سارة حول موضوع الزواج بجديّة، وتأكد من معاملتها بلطف." هكذا صرخت الخالة سمية من وراء ابنها. أجابها برهان وهو يغلق باب الغرفة: "حاضر يا أمي، لا تقلقي."سحب برهان سارة لمسافةٍ طويلةٍ عبر ممر المشفى.وما إن وصلا إلى نهاية الممر، فإذ بوجه برهان الودود قد انقلب إلى وجهٍ باردٍ يخلو من أي مظاهر الودّ.قبضَ برهان عنق سارة بقوّة ودفعها إلى الحائط وهو ينظر إليها نظرات حادّة كالسيف: "أيتها المجرمة، لقد اختبرتِ صبري مرارًا وتكرارًا، والآن تتجرأين على القدوم إلى أمي، لقد تجاوزت كل الحدود! إذا حدث لأمي أي مكروه، فسأجعلكِ تتمنين الموت!" احمرّ وجه سارة من شدة الاختناق، وقالت بصعوبة: "أنا... لم أكن أعرف.. أن الخالة سمية... هي أمك."فهمت سارة أخيرا سبب كراهية برهان الشديدة لها، ولماذا أصرّ على الزواج منها رغم ذلك.

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 6

    بعد خروجهما من مكتب الأحوال المدنية، ودَّعت سارة السيد برهان رستم: "سيد برهان، الطبيب يمنع الزيارة بعد الظهيرة، لذا لن تتسنى لي العودة معك، سوف آتي غدًا قبل الظهيرة مرة أخرى لزيارة الخالة سمية".كانت سارة في عدم وجود الخالة سمية، تحافظ على مسافة بينها وبين السيد برهان.أجابها السيد برهان بنبرة فاترة: "كما تشائين".فانصرفت سارة لوحدها.سأل حازم السيد برهان وهما داخل السيارة: "ألا تخشى هروبها يا سيدي؟".ابتسم السيد برهان ابتسامة صفراء وهو يقول: "تهرب؟ إلى أين، أستعود للعمل نادلة في المطعم الذي اعتدت الذهاب إليه؟ كيف ستأتي حينئذ لاقتراض المال من أمي ثانية؟ لم تكن تبتغي من هروبها في المرتين السابقين سوى رفع سعرها".حازم: "كلامك صحيح".قال السيد برهان: "انطلق بالسيارة".انطلقت السيارة مسرعة بجانب سارة دون أن يلتفت إليها السيد برهان مطلقًا.جرَّت سارة جسدها المنهك وعادت إلى المنزل.وما إن وصلت إلى بوابة المنزل، استوقفتها إحداهن: "سارة! هل كنتِ حقًا مختبئة في هذا الحي؟".إنها لينا!قبل عامين، كانت لينا تعيش حياة فوضوية، ومن جراء ذلك؛ تعرضت للاغتصاب من رجل منحط طاعن في السن وقبيح، وفي أثناء تل

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 7

    فهمت لينا الأمر، أدركت أن السيد برهان يضمر لها جفاءً شديدًا.شعرت لينا كما لو أنها طعنت في قلبها بسكين….كان مزيجًا من الألم والخجل والضيق.بل وشعرت أيضًا بالخوف من السيد برهان.ولما همَّت بإلقاء بضع عبارات من دلالها المصطنع، سمعته يغلق الهاتف في وجهها بقوة.شعرت لينا في قلبها بخفقةٍ عنيفة.سارعت السيدة غادة بسؤالها: "ما الأمر يا لينا؟"."أمي….برهان لا يرغب في المجيئ لمناقشة أمر الزفاف، إنه…..هل علم شيئًا ما؟".أخذت لينا تبكي من شدة الخوف وتقول: "هل اكتشف أنني انتحلت شخصية سارة؟ ماذا نفعل يا أمي؟ إن برهان رستم يقتل ولا يبالي، إنني خائفة…..اهئ اهئ اهئ".ارتدعت فرائص السيدة غادة والسيد سمير الخولي هو الآخر من شدة الخوف.قضت العائلة فترة ما بعد الظهيرة بأكملها في حالة من الذعر والهلع، إلى أن دخل الخادم قائلًا: "سيدي، سيدتي، سارة تنتظر في الخارج، تقول إنها جاءت لأخذ صورها هي وأمها"."دعها ترحل!"، صبَّت لينا كل غضبها على سارة في الحال.كان الخوف يسيطر عليها في تلك اللحظة، حتى إنها نسيت تمامًا ما قالته لسارة بالأمس، إنها من سمح لها بالمجيء لأخذ صور أمها القديمة.في الواقع، كانت لينا تريد أن ت

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 8

    اندهش السيد برهان أيضًا من تلك الفتاة التي ظهرت أمامه فجأة.لم يكن يغطي جسدها أي ثياب في تلك اللحظة.…..كانت بشرتها محمَرَّة قليلًا لأنها فرغت للتو من الاستحمام، وتناثرت على كتفيها خصلات شعرها القصيرة والمتشابكة وكان الماء يقطر منها، وعلى وجهها الصغير الذي يضاهي كف اليد، امتزجت قطرات الماء مع بقايا البخار.ولما وجدت سارة نفسها عارية هكذا تماما أمام السيد برهان، انكمشت على نفسها خجلًا، لكن دون جدوى.وكان السيد برهان يرتدي هو الآخر ثيابًا خفيفة.كان مفتول العضلات، فارع الطول، قوي البنية، عريض المنكبين، ممشوق الخصر، وكانت بشرته تميل إلى اللون البرونزي، وفوق عضلات ساعده الأيمن الصلبة القوية، كانت ثمة ندبتان مروِّعتان تبرزان مدى قوته وشراسته.فلما نظرت سارة إلى ندبتيه هاتين، ارتجف قلبها رجفة شديدة.لكن خجلها الشديد -لأنه رآها عارية- ألهاها عن ذلك الخوف.حاولت سارة عبثًا أن تستر جسدها بيديها، لكن دون جدوى، فمدت ذراعها بحذر شديد تريد أن تتناول المنشفة.فأحست في يدها بقشعريرة حادة."أنتَ…..ألم يكن من المفترض ألا تعود؟ لما..….لماذا عدت؟"، اصطكت أسنان سارة واحمرَّ وجهها حتى صار كما الرغيف المخبوز

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 9

    خفق قلب سارة بشدة.إن رجلًا نبيلًا كالسيد برهان، هو بالتأكيد في غنى عن وجود فتاة في حياته، والسبب الوحيد في زواجه منها، إنما هو لإسعاد أمه التي باتت على شفا الموت ليس إلا.لكن سارة لم تكن تتوقع أبدًا أن تكون لينا هي خطيبة السيد برهان.صارت الحياة بالنسبة لها بمثابة مسرحية ساخرة.كل الذين ظلموها عاشوا سعداء هانئين، أما هي، فمستقبلها معدوم، وحملت دون زواج، حتى إنها لا تعرف هوية والد الطفل الذي في بطنها.ثم نظرت سارة إلى هذين الخطيبين الرائعين والمتكافئين، فشعرت أنها تبدو أمامهما كالمتسولة.هل السبب في أن لينا سمحت لها بالمجيء لأخذ صور أمها، أنها تريد أن تتباهى بخطيبها؟حاولت سارة إخفاء حزنها، وقالت بنبرة باهتة: "كيف لفتاة وضيعة مثلي أن تعثر على زوج ثري؟ كنت أمزح لتوي، يبدو أن ضيفًا أتاكم، لن أزعجكم، أستأذنكم في صور أمي وسأنصرف في الحال".تحاشت سارة إطالة النظر إلى السيد برهان، حتى بدت وكأنها لا تعرفه مطلقًا.ولم ترتسم على ملامح السيد برهان هو الآخر أية تعابير.كان لا يريد أصلًا أن يأتي إلى منزل عائلة الخولي، لكنه لما تذكر أن لينا أنقذت حياته، اقتنص اليوم بعض الوقت لزيارتهم.لكنه لم يكن ي

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 10

    تجمدت سارة في مكانها.وظلت تستمع إلى إهانة لينا لها، وكانت تتمنى من قلبها لو تستطيع تمزيق وجهها.لكنها لم تكن تستطيع أن تتصرف بتهور آنذاك. فإن هي بدأت الشجار سيتحول إلى عراك عنيف، لذا خشيت سارة أن يتأذى الطفل الذي في بطنها.ابتسمت سارة بفتور وسألتها: "هل تهتمين بهذا العمل لتلك الدرجة؟".ضحكت لينا باستهزاء وقالت: "أنا فقط قلقة على صحتكِ، احترسي ألا تصابين بالأمراض والأوبئة، حينها سيصبح مجيئكِ إلى بيتي سيجلب لي الوباء والفساد"."إذن لماذا دعوتِني إلى بيتكِ وأصريتِ على بقائي لتناول الطعام؟ لقد ظننتُ أنكِ مهتمةٌ بمعرفة كل شيء عن هذا العمل"، قالت سارة ذلك بنبرةٍ هادئةٍ لكنها كانت كافية لإسكات كل من في المنزل.لم يلحظ أحد أنه في تلك اللحظة، كانت عينا السيد برهان الحادتين تحدقان في سارة بعمق وبرود.وبعد لحظات، التقط مفاتيحه وهَمَّ بالمغادرة.لحقته لينا تسأله: "هل أغضبك شيء ما؟".قال السيد برهان بفتور دون أن يلتفت إليها: "إن بقيتِ على اتصال بهذه المرأة، فسأعطيكِ بعض المال تعويضًا عن خطبتنا ونفسخ هذه الخطبة نهائيًا".قالت لينا وهي تلحق بالسيد برهان لتسترضيه: "حسنًا فهمت، لا داعي لتغضب من امرأة

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 11

    "ماذا؟"، ظن السيد برهان أنه سمعها بشكل خاطئ.قالت سارة بنبرة هادئة وكأنها لا تخشى الموت: "أعطني خمسة آلاف دولار وأعدك أنني لن أزعج عائلة لينا ثانية".ضحك السيد برهان ممتعضًا.يا لها من امرأة ماكرة، تعرف كيف تستغل الفرص.نظر السيد برهان لها وقال بنبرة ساخرة: "من الذي وعدني بالأمس أنه لن يطلب مني المال مرة أخرى مهما حدث؟".ابتسمت سارة بسخرية وسألته: "أتظن أن امرأة مثلي مليئة بالعيوب وتتقن كل فنون التلاعب والمكر، ستكون صادقة أو تحفظ وعودها؟".السيد برهان: "........". كدتُ أنسى مدى وقاحتها.فابتسم لها ابتسامة صفراء وقال بنبرة حادة: "هل تعتقدين أنني لا أستطيع إعادتكِ إلى السجن كما أخرجتكِ منه؟".سارة: "........".كانت سارة تعرف أن اللعب مع السيد برهان لا فوز فيه، وأنها ستكون الطرف الخاسر في كل الأحوال.لكنها مضطرة لإيجاد وسيلة تحصل بها على خمسة آلاف دولار، حتى لا يعبث أحد بقبر أمها.نظرت سارة إلى الأسفل وقالت بابتسامة قاتمة: "أجل، أعرف أن قتلي سهلًا عليكَ كقتل النملة".ثم فتحت الباب وخرجت.أمسك بها السيد برهان وسألها: "إلى أين ستذهبين؟".قالت له: "ليس لك الحق أن تسألني".اقترب منها السيد ب

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 12

    حزنت سارة فور سماعها هذا الخبر.كانت تعلم يقينًا أنها والسيد برهان في حكم الزوجين، لكنهما كالغرباء.فضلًا عن أن خطيبته لينا عدوتها.صحيح!إنها عدوتها!حتى الآن لم تكن سارة تعلم ملابسات وفاة أمها، وكانت تريد استقصاء ذلك الأمر، لكنها الآن لا تملك حتى أجرة الحافلة لتعود إلى المنزل، كما أنها لا تزال حاملًا.إنها الآن لا تستطيع تحقيق أي شيء.وليس أمامها سوى التحلي بالصبر.اقتربت السيدة غادة من السيد سمير وأمسكت بيده بقوة وقالت: "أحقًا ما تقوله يا سمير؟ أحقًا يريد السيد برهان رستم إقامة حفلة خطوبته على لينا؟ ألا يجب أن تلتقي الأسرتان أولًا؟ هل وافق جده وأبوه على لينا، أليست لديهم مشكلة في أن تكون طفلة متبناة؟".ولما سمعت سارة كلمة "متبناة"، ازدادت حزنًا على حزنها.فهي أيضًا كانت متبناة في منزل عائلة الخولي.كانت عائلة الخولي قد تبنت لينا وهي في عمر السنتين، وما إن دخلت لينا منزل الخولي، اعتبرها كل من السيد سمير وزوجته السيدة غادة، ابنة غالية ولؤلؤة ثمينة.ظلت سارة تتنهد وتسأل نفسها بحسرة: لماذا حياة لينا سعيدة هكذا؟انطلقت سارة نحو الخارج بوجه شاحب وقلب حزين."توقفي!"، اعترضت السيدة غادة طري

Latest chapter

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 30

    صرخت سارة بغضب وقالت: "لماذا جئتما إلى هنا؟ هيا اخرجا من هنا فورًا"، لم تكن سارة تكترث لكل الأذى الذي لاقته من لينا ووالدتها غادة، بل كان كل ما يشغل بالها في هذا الوقت، أنهما بالتأكيد جاءتا لمضايقة الخالة سمية وهذا سيفاقم مرضها.أمسكت سارة حقيبتها وضربت بها السيدة غادة.لكن الخالة سمية أوقفتها: "سارة.....".نظرت سارة إلى الخالة سمية وقالت: "لا تخافي يا أمي، سأطردهما فورًا".قالت الخالة سمية: "سارة، أنا من دعوتهما إلى هنا".سارة: ".......؟".نظرت سارة خلفها، فوجدت لينا ووالدتها غادة ينظران إلى الخالة سمية المستلقية على السرير والخوف يملأ أعينهما.ثم نظرت مرة أخرى إلى الخالة سمية وسألتها في حيرة: " أنتِ من دعوتهما للمجيء إلى هنا يا أمي؟".نظرت الخالة سمية إليهما بوجه شاحب ونظرات مفعمة بالتحدي وقالت: "لينا، غادة....".نظرة غادة إلى الخالة سمية نظرة عداء وقالت: "يا خالة سمية.....".قالت الخالة سمية: "هل تظنان أنني وابني برهان كنا سنظل على قيد الحياة حتى الآن لو لم نقاوم كل الظروف كي نحظى بمكانة واحترام بين أفراد عائلة رستم؟ خصوصًا أن زواجي من رستم لم يُعلن بشكل رسمي"."لقد عاشت سارة في منز

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 29

    قال السيد فؤاد: "على الأقل يمكنكِ دعوتي لتناول الغداء معكِ..." ثم نظر إلى المتجر الصغير من حوله فوجده مظلمًا مليئًا بالدخان ولا يوجد به سوى العمال المهاجرين".غطى السيد فؤاد أنفه بيده وتحمل كل شيء من حوله من أجل أن يحظى بفرصة للفوز بالفتاة التي تعجبه."على الأقل يمكنكِ دعوتي لتناول وجبة طعام لا تتجاوز دولارًا، أليس كذلك؟".أجابت سارة بسرور: "حسنًا".طلب الاثنان وجبتي طعام، عبارة عن طبقين من الخضار وطبق من اللحم.كانت سارة قد شبعت بالفعل بعدما تناولت وجبتها الأولى التي لم يكن بها سوى الفطر والبازلاء، ثم جلست أمام السيد فؤاد تشاهده وهو يتناول طعامه.كان شعورًا محرجًا حقًا.لكن الأكثر إحراجًا هو أن سارة ظلت جالسة أمام السيد فؤاد دون أن تتحدث بكلمة واحدة، بينما كان هو يتناول وجبته عديمة الطعم متمنيًا أن يستطيع إمساك خد سارة البارد ويهز رأسها بقوة.لكنه كان يفضل أن يضمها إلى صدره بقوة ولا يفلتها ثانية.لم يتخيل أنها ستظل طوال الوقت هادئة وانطوائية هكذا.لكن السيد فؤاد صياد ماهر، يعرف كيف يتحلى بالصبر حتى يصطاد فريسته.وبعدما انتهيا من تناول طعامهما، اكتشفت ساره أن السيد فؤاد قد دفع بالفعل

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 28

    فجأة رفعت سارة عينيها لترى من الذي يتحدث، لكنها لم تتذكر من هو، وبعد بضع ثوانٍ قالت: "السيد فؤاد".حينها وقف مدير قسم التصميم بسرعة وباحترام ومشى نحو السيد فؤاد ثم انحنى قائلًا: "سيد فؤاد، ما الذي أتى بك إلى هنا؟ هل جئت لتتفقد أحوال العمل؟".نظر فؤاد له وقال: "ما مشكلة هذه الموظفة؟".قال المدير: "إنها موظفة جديدة متوسطة التعليم وليس لديها أي خبرة، تغيبت عن العمل لعدة أيامٍ دون إنذار، يستحيل أن يعمل أمثالها في شركتنا"."أقسم أنني لن أتغيب عن العمل مرة أخرى، سأعمل بكل قوتي في الموقع حتى لو اضطررت لنقل الطوب" قالت سارة هذا لتستجدي أي فرصة أخيرة تبقيها في هذه الوظيفة.قال فؤاد بلهجة حادة: "إنها مجرد مصممة مساعدة أليس كذلك؟ في شركةٍ كبيرةٍ كهذه علينا التعامل بتسامح مع الموظفين، يجب أن نعطيهم فرصةً أخرى، خاصةً إن كانوا جدد، ولطالما اعترف الموظف بخطئه، فإنه سيصححه بالتأكيد ولن يكرره".لم يعقِّب المدير على كلام السيد فؤاد.لكنه استنتج أن السيد فؤاد وهذه الفتاة الوضيعة يعرفان بعضهما البعض.لم يكن لدى مدير التصميم خيارًا آخر سوى إعادتها للعمل، خاصةً بعدما شفع لها السيد فؤاد.قال المدير: "بشرط أل

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 27

    لم يؤثر صراخها في تعابير وجه السيد برهان، بل أخذ ينظر إليها ويتفحصها من رأسها حتى أخمص قدميها. دفعت سارة السيد برهان بقوة لتبعده عن طريقها، ثم التقطت منشفتها ولفتها حول جسدها بسرعة وركضت نحو غرفة الضيوف.وما إن أغلقت الباب خلفها، سالت الدموع من عينيها.تملكها حينها شعور بالخجل والعار هي وحدها من أدركت كم كان شعورًا خانقًا.رفعت معصمها لتمسح دموعها التي لم تستطع كبحها، وقبل أن تنحني لتلتقط ملابسها، انفتح الباب فجأة، فارتعبت سارة وارتجف جسدها، وعندما التفت ورفعت عينها، رأت السيد برهان أمامها يحمل صندوق الإسعافات الأولية.غطت سارة جسدها بالمنشفة وقالت: "أنت.....ماذا تفعل هنا؟".لم يجبها السيد برهان؛ بل اقترب منها وأمسك ذراعها ووضعها على السرير على بطنها، وقبل أن تستوعب ما يجرى، كان السيد برهان قد بدأ يدهن لها مرهمًا باردًا على ظهرها.كان ظهرها مليئًا بالكدمات وآثار ربط الحبال، لم تستطع سارة رؤيتها لكنها شعرت بألمٍ شديدٍ في ظهرها أثناء الاستحمام، والآن بعدما دهن السيد برهان هذا المرهم البارد على ظهرها، هدأ شعورها بالألم على الفور.ثم انتقل بعد ذلك إلى ساقيها اللتين كانتا مليئتين بآثار ربط

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 26

    صاحت سارة مرة أخرى: "سيد برهان.......".التقط السيد برهان هاتفه وأجرى اتصالًا: "حازم، تعال إلى هنا فورًا لتصطحب الآنسة لينا إلى المنزل".لينا: ".....".أنهى السيد برهان المكالمة ثم قال بفتور: "انتظري هنا، سيأتي حازم في غضون ثلاث دقائق ليعيدكِ إلى المنزل".وما إن أنهى كلامه، دخل المصعد وضغط على زر الصعود وأغلق باب المصعد.بقيت لينا مذهولة وحدها تحت المطر.وبعد ثلاث دقائق، وصل حازم وأوقف سيارته أمام لينا، ثم فتح نافذة السيارة ونادى عليها: "آنسة لينا، اصعدي إلى السيارة بسرعة حتى لا يبللكِ المطر".تغيرت ملامح لينا وقالت: "هل أنت غبي؟".حازم: "....؟".أنا خطيبة السيد برهان رستم، ينبغي عليك بصفتك سائقه الشخصي، أن تنزل وتفتح لي باب السيارة، ثم تركع لتجعل قدمك مسندًا أصعد عليه إلى السيارة".حازم: "......".وبعد بضع ثوانٍ، نزل حازم من السيارة دون أن ينبس ببنت شفة، ثم فتح باب السيارة وثنى إحدى ساقيه باحترام وقال: "تفضلي بالصعود يا آنسة لينا".قالت لينا بنبرة متعالية: "هكذا أفضل!".أدركت لينا بعد هذه الليلة أنها مهما فعلت أو ارتكبت من أخطاء، فإن السيد برهان سيتزوجها في النهاية.ذلك لأنه قد اقتنع

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 25

    كان الاتصال من الجدكان جد برهان يتحدث بنبرة تجمع بين الأمر والتشاور: "برهان، بما أنك قلت إن تلك المرأة كانت فقط من أجل تهدئة والدتك، فقد قررنا، جدتك وأنا، أن نقيم مأدبة عشاء عائلي بسيطة. في نهاية هذا الأسبوع، ستحضر فتيات من العائلات الراقية من المدينة الجنوبية والعاصمة في هذه المأدبة..."لم يترك برهان فرصة لجده لإكمال كلامه، إذ قاطعه قائلًا: "لن أذهب!"أصبحت نبرة جده أكثر ليونة وقال: "برهان، انتظر قليلًا، اسمعني حتى النهاية، حسنًا؟"برهان: "...""برهان؟""أنا أسمع.""برهان، لن أتدخل في أمور شركة العائلة، ولكنني الآن بلغت السادسة والتسعين. ألا يمكنك أن تترك لي فرصة أن أراك تتزوج وتنجب قبل وفاتي؟ إذا وجدت فتاة تناسبك بين الضيوف، فهذا سيكون الأفضل. وإن لم تجد، فلن نضغط عليك." في النهاية، كان جده يكاد يتوسل لبرهان.ألقى برهان نظرة على لينا، التي كانت لا تزال تحت المطر، ,وأجاب: "حسنًا."بعد أن أنهى المكالمة، قال برهان للينا: "استعدي خلال الأيام المقبلة. سترافقيني هذا الأسبوع إلى منزل عائلة رستم لمقابلة جدي."لينا، التي بدت علامات الفرح تلمع في عينيها، سألت بفرح: "سيدي، ماذا تقول؟ هل تعني أ

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 24

    "هل تمطر؟" قالها برهان وهو يتجه نحو الشرفة لينظر إلى الخارج، وبالفعل كانت الأمطار تتساقط. عندما نظر للأسفل، رأى امرأة جاثية على ركبتيها في الماء، ترفع رأسها وتنظر تجاهه.أخذ برهان مظلة ونزل إلى الأسفل."سيدي... سيدي... لا أصدق أنك ما زلت تود النزول لرؤيتي." كانت شفتا لينا قد تحولت إلى اللون الأرجواني من شدة البرد، وهي تزحف على ركبتيها باتجاهه، ثم عانقت ساقيه بشدة. "سيدي، اسمعني، دعني أكمل كلامي. حتى لو قتلتني بعدها، سأكون راضية، فقط أطلب منك فرصة واحدة للدفاع عن نفسي."نظر السيد برهان إلى هذه المرأة التي كانت تجثو أمامه بخضوع وتذلل، شعر باشمئزاز شديد يتملكه. فقد كان على وشك أن يركلها حتى الموت بالأمس.لكن في النهاية، تراجع في اللحظة الأخيرة فقط لأنها أنقذت حياته بجسدها ذات مرة، مما منحه الفرصة للسيطرة على مجموعة شركات رستم. توقفت قدمه في اللحظة التي كانت على وشك أن تصطدم بها.ومع ذلك، كانت مشاعر الكراهية تجاه لينا تتزايد في قلبه يومًا بعد يوم.هذه المرأة لم تعد تلك المطيعة والمستسلمة كما كانت في الليلة التي أنقذت حياته. على الرغم من أنه وعدها بالزواج بعد شهرين، إلا أنها ما زالت تثير غ

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 23

    "أمي، أنا آسفة." سقطت دموع سارة على طرف الغطاء الذي يلف الخالة سمية. كان صوتها مبحوحًا من كثرة البكاء: "لقد بدأت العمل للتو، وكان عليّ الامتثال لتعليمات المدير. قرر المدير فجأة إرسالي في رحلة عمل لبضعة أيام، فلم أتمكن من زيارتكِ في الوقت المناسب."أجابت الخالة سمية بابتسامة حزينة وهي تنظر إلى الأنابيب المتصلة بجسدها: "ليس ذنبكِ يا حبيبتي. جسدي يزداد ضعفًا يومًا بعد يوم... لا أعرف إن كنت سأتمكن من فتح عيني مرة أخرى بعد أن أغلقها.""أمي، لا تقولي ذلك، أرجوكِ، لا تتركيني. لو رحلتِ عني، سأصبح وحيدة تمامًا. لم يعد لدي أي أحد في هذا العالم..." صرخت سارة وهي تضع رأسها على صدر الخالة سمية، تبكي بحرقة ودموعها تنهمر دون توقف.في ذلك اليوم، بعد أن تم إنقاذ سارة، لم تعد إلى المنزل. بقيت في المستشفى تعتني بالخالة سمية. كانت تنظفها، تغسل شعرها، وتقص أظافرها. ومع رعايتها الحنونة، بدأت الخالة سمية تستعيد بعضًا من صحتها، وظهر لون الحياة مجددًا على وجهها الشاحب.بفضل رعاية سارة الدقيقة، بدا أن برهان، الابن البيولوجي للخالة سمية، لا دور له تقريبًا. ففي كثير من الأحيان، كان يقف بهدوء على الجانب، يراقب تلك

  • زواجُ بالإكراه   الفصل 22

    سارة كانت ترتجف خوفًا وهي تتكئ على عنق برهان، جسدها يرتعش بالكامل. كانت تعلم أن برهان رجل قاسٍ، لكنها لم تره يومًا بعينيها يتصرف بهذه القسوة. اليوم، أخيرًا شهدت كيف أنه رجل لا يتراجع عن كلمته، مهما كان الأمر.ومع ذلك، كانت تعلم أن هؤلاء الأشخاص يستحقون ما حصل لهم.لم يكن هناك ما يستدعي الشفقة عليهم.على العكس، كادت هي أن تكون الضحية، وكانت على وشك أن تُعذب وتُقتل على يد لينا.رفعت سارة رأسها ببطء، وهي مستندة على كتف برهان، ثم نظرت إلى لينا بعينين بريئتين للغاية.تم نقل سارة إلى المستشفى، وبعد أن أجرى الطبيب الفحص قال: "إنها مجرد كدمات في الأنسجة الرخوة، لا يوجد ما يدعو للقلق."تنفست سارة الصعداء، وبدأت مشاعر الخوف التي كانت تعتريها تتلاشى تدريجياً. بعد أن كانت مُختطفة لعدة أيام، ولم تكن تعرف كيف كانت حال الخالة سمية خلال هذه الفترة."سيد برهان، شكرًا لإنقاذكِ لي، هل الخالة سمية بخير؟" سألته سارة وهي تنظر له بامتنان."الوضع ليس جيدًا!"سارة: "......ماذا... ماذا حدث للخالة سمية؟""في وحدة العناية المركزة." قالها برهان بوجه خالٍ من التعبير. في الفترة الأخيرة، كانت سارة تذهب كل يوم إلى ال

Scan code to read on App
DMCA.com Protection Status