مشاركة

الفصل 13

مؤلف: سيد أحمد
نظر أحمد إلى محمود بعيونٍ باردة، فأوضح محمود على عجل: "يا سيدي، إن مدام سارة مع ليلي الآن."

ليلي هي أفضل صديقة لـسارة، ومن الطبيعي أن يكونا معًا. من أجل معرفة كل تحركات سارة، طلب أحمد من محمود إضافة حساب فيسبوك الخاص بها.

أخرج محمود هاتفه أثناء الشرح، وفتح أولاً منشورات الفيسبوك الخاصة بليلي. كان شعر ليلي الرومانسي المجعد ذو أزهار الكرز مُلفتًا للنظر للغاية، وما زال أحمد يرى سارة بجانبها في لمحة.

إنه فرق كبير عن أسلوبها المعتاد. حيث أصبح شعرها الذي يصل إلى الخصر يصل إلى أُذنها فقط. إلى جانب ذلك الوجه الصغير الرقيق، أصبح مزاجها الذي كان مشرقًا مثل الشمس الصغيرة عندما تبتسم كئيبًا أيضًا .

خفضت عينيها وارتدت قميصًا فضفاضًا محايدًا، يكشف عن عظام الترقوة الصغيرة والحساسة، وكان جسدها كله ينضح بنوعٍ من الجمال الزاهد.

الكلمة المطابقة لها أنها وُلدت من جديدة.

لم يدرك أحمد أن يده التي كانت تمسك بالهاتف كانت ترتعش قليلاً، لقد كان يضايقها لمدة عامًا كامل، والآن اختارت أن تتركه أكانت تختنق ألمًا هكذا؟

لا، حيث كانت أُخته راقدة تحت الأرض، لماذا هي تُولد من جديد؟

ليس الأمر وكأنني أشعر بالسوء،
الفصل مغلق
تابع القراءة على GoodNovel
امسح الكود لتنزيل التطبيق

الفصول ذات الصلة

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 14

    لا يمكن القول بإن ليلي غير قادرة على شُرب الخمر، ولكن يُمكن فقط القول بأنها لا تستطيع السيطرة على نفسها.فإذا لم توقفها سارة، لكانت قد دخلت في علاقة حميمة مع شخصٍ ما في الغرفة الخاصة. على أي حال، لم ترها سارة أبدًا وهي تعانق رجلاً وتقول أنها عازبةنظرًا لأنها كانت في حالة سكر شديد، لم يكن أمام سارة خيار سوى إعادتها إلى شقته المُستأجرة حديثًا.منذ بعض الوقت، اكتشفت العمة الممرضة أنها كانت تبحث عن شقة، لذلك قدمت لها شقة قريبها واعتقدت سارة أنها تستطيع توفير رسوم الوكالة، ولأن الممرضة أعطتها ضمانًا وافقت.لن يعود الطرف الآخر إلى الإمارات لبعض الوقت، ولم يوقع الاثنان عقدًا بعد، فتحدث سارة معه على فيسبوك، ولم تبدأ في التنظيف والانتقال إلى هنا إلا بعد موافقته.فبدون أي عقود رسمية لن يتمكن أحمد من العثور عليها لفترة من الوقت.فعلى الرغم من أن الشقة الصغيرة لم تكن جيدة مثل غرفة عائلتها قبل الإفلاس، ولا جيدة مثل عُش زوجيتها، إلا أنها بدت مريحة للغاية، فإنها تُحب المكان هنا خاصةً الأسماك الاستوائية التي تم تربيتها خصيصًا والتي كان والدها يحبها.تمكنت من رؤية البحر بمجرد أن فتحت النافذة، ا

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 15

    نظرت سارة بامتنان إلى باسل، الذي أومأ برأسه ليشير إليها، ثم استدار ليقوم بإجراءات التسجيل لها.شرحت الممرضة بصبر: "يا آنسة سارة، في الفترة القادمة ستحتاجين إلى تلقي العلاج لفترةٍ طويلة. والأدوية الكيميائية هي أدوية يتم حقنها وريديًا، وفي كل مرة يتم فيها نقل السوائل، يجب وضع إبرة في الأوعية الدموية، مما يتسبب في تعرض الأوعية للضرر نتيجةً للأدوية الكيميائية، وفي الحالات الخطيرة قد يحدث تسرب للدواء، لأن العديد من الأدوية الكيميائية تكون لها خصائص مدمرة. و من أجل تفادي هذه المشاكل، نوصي بأن تُركبي قسطرة في ذراعك.""لضمان وصول الدواء بسلاسة إلى الأوردة وجميع الأعضاء، سيتم تركيب قسطرة في الوريد مسبقًا. ميزة هذا الإجراء هي أنه يستمر لفترةِ أطول، ولن تحتاجي في المرات القادمة للبحث عن عرق جديد أو القلق من سقوط الإبرة، مما يجعل العلاج أسهل وأمن، ولكن عيبه هو أنه لا يمكنك حمل الأوزان الثقيلة بيدكِ هذه مستقبلاً."وافقت سارة على نصيحة الممرضة، وأجرت عملية صغيرة قبل العلاج الكيميائي لتركيب منفذ للسوائل في ذراعها.كانت جسدها مقاومًا للمخدرات، مما جعلها ترفض التخدير، وعندما قطع الجراح اللحم الرق

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل16

    خصصت سارة وقتًا لوضع مكياجها لتُظهر إشراقة وجههالفّت سارة نفسها مثل حبة الأرز.ضعف جسمها كثيرًا بعد تلقيها للعلاج الكيماوي، وأصبح هشًّا وكأنه دمية قطنية، وأصبحت مناعتها أضعف بكثير مما كانت عليه.لذا كان عليها إجراء فحص دوري كل يومين، لمتابعة نسبة خلايا الدم الحمراء والبيضاء في جسمها، وإذا قلّت تلك القيمة عن نسبة معينة، فلابد من التدخل الدوائي.حيث أنه إذا قلت نسبت المناعة عن نسبة معينة، فإن الحمي قد تعرض حياتها للخطر، لذا لم تتهاون سارة بالأمر واختارت درجة الحرارة بدلًا من الأناقة. لمست سارة شعرها من الخلف والذي أصبح هشًّا جدًا مقارنة ببقية شعرها، وارتدت بحذر شديد قبعة صوفية سوداء.قابلها باسل أثناء خروجها من الباب مباشرة، ثم قال لها ” سارة، جسمك غير مناسب للخروج الآن، لقد أجريت لك فحصًا للدم بالأمس، وكانت النتيجة أن هناك تدهور بشكل حاد، وبصفتي طبيبك المعالج، فأنا مسؤول عن سلامتك “نظرت سارة إليه بعيون تملؤها الدموع، وقالت له " باسل، لا أحد يريد أن يظهر بمظهر سيئ عند مقابلة شريك حياته السابق، أنا فقط أريد أن أخرج من حياته بشكل لطيف، قبل أن تزداد حالتي سوءًا. “وعندما فكر باسل

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل17

    رفعت سارة رأسها ونظرت إليها وعلى فمها ابتسامة ساخرة وقالت: " سؤال جيد منك يا سيّد أحمد، ولكن ألست أنت من اقترح فكرة الطلاق؟ "وبدلًا من أن يرد على سؤالها، اقترب منها وجسمه قد امتلأ بالثلج وقال لها :” هل كنتِ معه خلال تلك الأيام الماضية ؟ “من هذه المسافة القريبة، رأت سارة بوضوح البرودة في عينيه تحت رموشه الكثيفة السوداء، والعيون البيضاء التي امتلأت بالشعيرات الدموية الحمراء، ووجهه الذي اجتظ بالغضب.فأنكرت سارة إنكارًا تامًا وقالت:” لا، لقد كان من الصعب علي قيادة سيارتي في هذا الطقس القاسي، فأخذني معه صدفة في طريقه إلى هنا “.ابتسم أحمد ابتسامة صغيرة وقال لها:” عندما تكذبين يا سارة فأنك تنظرين للأعلى، هذه عادة قديمة لك، ولم تغيريها حتى الآن. بعد أن ظللت مصرة لعام كامل على التمسك، وأيضًا تركتِ والدك مريضًا في الفراش، كل هذا من أجل ذلك الرجل ؟ “لم تفكر سارة بتفسير الأمر، فشخص ذكي كأحمد سوف يشعر أن أي محاولة للتبرير إنما هي محاولة للاستهتار به وبذكائه، وقد يؤدي ذلك إلى تفاقم الوضع سوءًا. لذلك، غيّرت سارة الموضوع فورًا وقالت:” كل هذا ليس مهمًا، المهم أنني مصرة على طلاقنا. “قبل أن

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل18

    لم تسقط سارة على الأرض كليًّا، بل أمسكها شخص ما. لم يكن أحمد هو من أمسكها، بل كان خالد، ثم رفعت سارة رأسها ونظرت إلى أحمد وهو يقف بعيدًا، ويشاهدها بفتور وبدون أي اهتمام وهي تسقط، ولم تكن في عيونه أي نظرات توتر أو قلق عليها، بل كان غير مبالٍ بالكلّية.وبالطبع، في نظره، كيف يمكن لشخص أن يفقد توازنه دون أي سبب، وكان يرى أنها تمثل عليه.الآن ليس قلبه مليء بالكراهية لها، فكيف سيكون هناك أي اهتمام بها؟ولكن خالد سألها وهو في غاية القلق عليها قائلًا:” سيدتي ،هل أنتِ بخير؟ “" أنا بخير، إنه مجرد انخفاض في مستوى السكر." قالت سارة له ذلك وهي تبتسم ابتسامة ساخرة، ثم تابعت الخطى خلف أحمد.بعد ليلة طويلة من تساقط الثلوج، أصبح فناء المنزل كله مغطى بالثلج، ولم يظهر أي أحد من الخدم ليزيل الثلج عن الطريق، فتسببت تلك الخطوات القليلة التي مشتها سارة في الثلج في إرهاق كبير لها.وبعد مواجهة عنيفة وصعبة مع الثلوج والرياح، وصلت أخيرًا إلى الغرفة لتدفئ نفسها، ووقف أحمد على الباب وقال لها بسخرية:” لابد وأن أعترف أن مهاراتك التمثيلية قد تحسنت كثيرًا مقارنة عما كانت عليه في الماضي “.في الماضي، استخدمت

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل19

    كان كاحل سارة النحيف في يده كجناحي فراشة هشين، وكان بإمكانه سحقه بسهولة.انحنى أحمد إليها بجسده، واقترب منها ببطء.وجهها المذعور كان ينعكس في عينيه السوداء، ورفضها له أشعل آخر شرارة في قلبه.كان قلبها يدق بسرعة، وصاحت بقلق وغضب: "لا تلمسني بيدك التي لمست بها الآخرين، ابتعد عني!"ولكن أحمد أغلق شفتيها، ومنعها من الكلام.فهزت سارة رأسها بجنون وهي تنظر إليه محاولةَ الهروب من قبضته.مد أحمد يده عبر رقبتها، وأمسك برأسها بقوة، مجبراً إياها على رفع رأسها وقبول تلك القبلة التي كانت وكأنها قبلة عقاب.تدفق الهواء البارد والخشن إلى فم سارة، وعندما فكرت في أن شفتيه ربما قبّلت أيضًا صفاء، شعرت بالغثيان.لم تعرف من أين أتت لها القوة، لكنَّها دفعته بعيدًا وسقطت على حافة السرير لتتقيأ.بعدما انتهت من القيء والتفتت، رأت أن وجه أحمد الوسيم أصبح أسودًا كالرماد، مظلمًا كسواد الليل.عينيه كانتا تركزان بشدة عليها، فقالت له سارة : "قلت لك من قبل، لا تلمسني، أنا أعتبرك ملوثًا!"كان قلب أحمد مشتعلاً ككتلة نارية.عندما تقيأت، تم إطفاء الأجواء المتوترة تمامًا، فأتته مكالمة هاتفية، فخلع ساعته وخرج.

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل20

    راهنت سارة مع نفسها. إذا كان أحمد لا يزال يحبها، فإن موتها سيكون أكبر وسيلة انتقام له. حتى وإن ماتت حقًا، فإنها ستجعل حياته مضطربة إلى الأبد! بالطبع، إذا لم يكن يحبها، فإن إخبارها بحالتها الصحية لن يكون سوى إهانة لنفسها، وسيجعل صفاء تضحك عليها وتسخر منها.عندما خرجت، كانت هالة قد أعدت مائدة طعام كبيرة، مليئة بالأطباق التي كانت تحبها. دعت سارة هالة لتناول الطعام معها، فمسحت هالة يديها على المئزر وجلست بجانبها لتقدم لها الحساء، قائلة: "هذا حساء الدجاج الأسود واللوتس، هو أمر من السيد شخصيًا ليطبخ، كما كنت أقول لك إن السيد مازال يحبك."كانت المائدة مليئة بالأطعمة الدهنية والحارة، ورائحة الفلفل الحار والفلفل تنتشر في الهواء. كانت سارة تحب هذا الطعام، بينما كان أحمد يفضل نوعًا آخر. في السابق، كان دائماً هناك أطباق مختلفة تمامًا على المائدة. لكن الآن، معدتها مريضة ولم تعد تستطيع تناول مثل هذه الأطعمة الحارة.قالت هالة: "مدام، لماذا لا تأكلين؟ هل طبخي سئ؟، وعندما كان السيد في المنزل، كان دائمًا يطلب مني إعداد بعض الأطباق الحارة." نظرت سارة إليها بدهشة، كيف يتحمل كل هذا الطعام

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 21

    النداء الذي لم تسمعه منذ مدة طويلة تردد في المكان، وسارة بدت وكأنها أصيبت بالشلل، وظلت جامدة مكانها دون أي رد فعل.لم يكن واضحًا كم من الكحول قد شرب، لكنه كان مخمورًا بشكل كافٍ ليبدو وكأن أي خلاف بينهما لم يحدث من قبل. وبتلقائية، احتضن سارة بين ذراعيه.عندما كانت بين أحضانه، شعرت بدفئ حضنه الذي كان مألوفًا لديها، وهذا تسبب بها بصدمة كبيرة. حاولت أن تبقى هادئة ومدت يدها لدفعه بعيدًا، لكنه أمسك بأصابعها وقربها من شفتيه ليقبلها.شفاهه الدافئة مسحت برفق على ظهر يدها، وتمتم قائلاً: "زوجتي، أين كنتِ؟ لقد بحثت عنك طويلاً."لم تستطع سارة منع دموعها من الانهمار، وكأن دموع حياتها كلها قد جفت خلال هذا العام. قاومت حزنها وقالت:” ألم تكن أنت من تركتني؟ “رد عليها قائلاً:” هذا هراء. “واحتضنها بشدة أكبر، وقبلها مرة أخري برائحة الكحول على أذنها،” أنتِ أكثر شخص أحببته في حياتي، كيف يمكنني أن أكون قاسيًا هكذا وأتركك؟ “اندفعت سارة بعيدًا وقالت له:” أحمد، انظر جيدًا، من أنا؟ “كانت الغرفة مظلمة، ولم تكن الستائر مغلقة، فسقط الضوء الخافت القادم من مصابيح الحديقة على وجهها، ورأى أحمد الدموع اللامعة ت

أحدث فصل

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل30

    فكان لا بد من مواجهة الحقيقة.وهي أن أحمد قرر التخلي عنها نهائيًا.لكنها أيضًا اتخذت قرارها الخاص، بابتسمت بلطفٍ لمحمود قائلة: "أنا آسفة، أخبر أحمد أنني رجعت في كلامي"لم يستطع محمود فهم هذان الإثنان، ففي البداية، كان أحمد من يصر على الطلاق، وبعد ذلك أصبحت سارة هي من تطلب الطلاق، والآن بعد أن وافق أحمد على ذلك، رجعت سارة في كلامها.هل يعتقدون الأمر مزحة؟هل السجل المدني تحت إمرتهم؟لو كان خالد هنا لبدأ بالتذمر منذ وقتٍ طويل، لكن محمود أبقى على هدوئه، وأكمل بجديّةٍ قائلًا: "أنا أعتذر يا سيدتي، لكن ليس لدي الحق بقول ذلك، فلستُ أنا صاحب القرار، أرجو منك فقط أن ترافقيني""لن أصعب عليك الأمر، فلنذهب إذًا" كانت سارة تتوقع تلك النتيجة بالفعل، فأخذت وشاحها وغطت جسدها جيدًا، ثم خرجت برفقته.في كل محاولة للطلاق بينهما، كانت تحدث أمور غير متوقعة، لكن الأمر كان سلسًا بشكلٍ غريب اليوم، حتى أن العاصفة التي بدأت منذ أيامٍ قد توقفت بالفعل، وسطعت الشمس المشرقة في السماء.على الرغم من أن الشمس أشرقت بعد تساقط الثلوج، إلا أن الحرارة ظلت منخفظة كما هي، لكن أشعة الشمس الدافئة بدأت بإذابة الثلوج ع

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل29

    انهمرت دمعتانن صافيتان على وجنتي سارة، وأدركت أنه لم يعد بإمكانها هي وأحمد العودة لما كانا عليه من قبل.لقد خانها ودمر عائلتها، في حين أن عائلتها مدينةٌ له بحياة أخته.تلك الحسابات لا يمكن تسويتها مهما حدث، فهما كخيطان منعقدان، كلما تشابكا أكثر، انخنقا حتى الموت.أمسك أحمد وجهها بين كفيه، ومسح دموعها بإبهامه قائلًا: "حبيبتي سارة، لا تحبيني، بل اكرهيني. لقد خنتكِ، وقتلت طفلنا، ولا ينفع الندم الآن"شعرت بزعزعة مشاعره، وحنانه نادر الظهور، فكانت تلك اللحظة أشبه بالوادي الأخضر الذي أنبت حديثًا وسط جبالٍ من الثلوج.لكن سرعان ما جرفت عاصفة ثلجية جديدة تلك الخضرة بالكامل.استدار أحمد موجهًا ظهره لسارة، وغادر الغرفة المليئة بالفوضى.كانت سارة تعلم أن ذلك وداعهما الأخير.انقطعت كل سبل العودة بينهما نهائيًا.عندما خرجت سارة، لم تجد أي أثرٍ لهالة، وكانت هالة بطيب نيتها تظن أن الأمر مجرد خلافات بسيطة، لذا كانت تبذل جهدها للصلح بينهما.كانت سارة في نظرها هي زوجة أحمد الوحيدة، ولم تدرك أنها كانت مخطئة.ابتسمت سارة بسخرية، فلم تكن تشعر بالوحدة بوجود هالة معها في هذا المنزل الضخم، لكن الآن ب

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل28

    كانت أسماء تعني لأحمد ما تعنيه سارة لرشيد."لا يمكن إنكار أن رشيد قد يكون أبًا جيدًا، لكنه بالتأكيد لم يكن شخصًا جيدًا، فقد أخفى قلب شيطان خلف مظهره الزائف. يا حبيبتي، الآن وقد وصلت الأمور لهذا الحد، فسأخبركِ بكل شيء"ركع أحمد على ركبتيه ممسكًا بوجه سارة، ولمعت عيناه بابتسامةٍ غريبة."أنت حياتي كلها، أحبكِ لدرجة أنني لا أستطيع تحرير نفسي من قيود غرامك، لكن في الوقت نفسه أنت إبنة رشيد الوحيدة! لذا أكرهكِ بقدر ما أحبكِ"شعرت سارة بالبرودة تجتاح جسدها على الرغم من أنه كان مبتسمًا."ذلك اليوم حين سقطت أنا وصفاء بالماء، هل تعمّدت إنقاذها أولًا؟ هل أردت أن يدفع طفلنا ثمن حياة طفل أختك؟""نعم، العين بالعين"تشبثت سارة بقميصه والدموع تنهمر من عينيها، وصرخت: "هل جُننت؟ إنه طفلنا! لم يأتِ إلى الحياة بعد، فما ذنبه؟ إنه طفل بريء!"ابتسم أحمد بخبثٍ مميلًا رأسه، وقال: "وماذا عن أختي؟ ألم يكن طفلها أيضًا بريء؟"نظرت سارة لأحمد الذي بدا كشخصٍ آخر تمامًا، وأدركت أن هذا الصراع لا يمكن حله مهما حدث."أحمد، أنا أفهم كم هو مؤلمٌ فقدانك لأختك..."تغيرت تعبيرات وجه أحمد فجأة، وصرخ بصوتٍ حاد: "أنت

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل27

    كانت سارة تعتقد أن والدها أبٌ محبٌ في المنزل، ورجلٌ طيبٌ في الخارج، فقد كان يتبرع للأعمال الخيرية بشكلٍ منتظمٍ بجانب مساعدته وتكفله بالطلاب.ففي جميع الأخبار، كان والدها يُصوّر كإنسانٍ كريمٍ ومتواضع، بل كرجلٍ مثالي.وكانت تعبيرات وجه سارة تزداد دهشةً مع كل ورقةٍ تطالعها وهي جاثية على ركبتيها لجمع الأوراق المبعثرة على الأرض.من الواضح أن أحمد قد أتم عمله على أكمل وجه، فقد عثر على أدلةٍ واضحة حتى عن النسوة اللاتي خرجن مع رشيد لبضعة أيامٍ فقط.كان رشيد على علاقة بالكثير من النساء على مدار أكثر من عشرة سنوات، وكلهن كن فتيات صغيرات ذوات ملامح جميلة وبريئة.لم يكن هذا صعب التفسير، فهو وسيم، محافظ على وزنه حتى بعد أن بلغ منتصف العمر، يمارس الرياضة بانتظام فكان ممشوق القوام وأنيق، فكان الرجل الثري الوسيم هو أكثر ما يجذب الفتيات اليافعات.لكن يبدو أنه كان يفضل الفتيات القادمات من المناطق الجبلية، واللواتي يعانين من ظروفٍ معيشيةٍ صعبة.ربما لأنهن لم يتعرضن لما قد يُفسد براءتهن من تلوث.أكد أحمد ذلك، فقال: "أكنت تظنين أنه يساعد الأطفال في المناطق الجبلية بدافع الخير؟ لقد اعتبرهم ببساطة فر

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل26

    عُقد لسان سارة، وأثر هذا الأمر بها تأثيرًا عميقًا، فقد كان أحمد يدللها في السابق، والآن أصبح شديد القسوة تجاهها، وهذا لا يعني أنه قد تغير، وإنما هي التي لم ترَ هذا الجانب منه إلا الآن.قد يكون الأمر سيان مع رشيد.قالت سارة هامسةً: "مهما حدث فأنا متأكدة أنه لن... يقتل"داعب أحمد وجنة سارة بأصابعه برفق، وقال: "حبيبتي سارة، يا لك من ساذجة، ألم تكوني متأكدة أيضًا أنني لن أترككِ أبدًا؟"كان نبرته به مزيج من الحنان والغموض، وكأنه ما زال حبيبها اللطيف من الماضي، لكن عيناه كانتا خاليتان من أي مشاعر.أصابت كلماته سارة في الصميم، فلم تعتقد أبدًا أنه قد يتخلى عنها، حتى رأته في الأخبار وهو يضع يده على صفاء في المطار، فكان الأمر كصفعةٍ انهالت على وجهها.أكمل أحمد حديثه قائلًا: "ألم ترغبي دائمًا بمعرفة الحقيقة؟ سأخبرك اليوم؛ لم يرد رشيد هذا الطفل، حيث لم يرد أن يكوّن عائلة مع زهرة، وكانت الثلاثة أشهر الأولى هي أفضل فترة للإجهاض، فحدثت بينهما مشاجرة ذلك اليوم، فقتل زهرة وألقى بها في البحر"أحكم أحمد قبضته على ذقن سارة، وكان يرمقها بجفاءٍ قائلًا: "لم يكن لي أختٌ سواها، أحببتها بشدة منذ الصغر، و

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل25

    كانت سارة مستغرقة في التفكير، ففاجئها صوت أحمد، وجعلها تسقط على الأرض، وتناثرت الأوراق من حولها.يعود أحمد متأخرًا في العادة، فلما عاد مبكرًا اليوم؟وعلى الرغم من كونهما ما زالا متزوجين، إلا أن ما فعلته سارة كان أمرًا مشينًا، خاصةً وهي تعرف أن أحمد يكره حياكة الأمور من وراء ظهره.ابتلعت سارة ريقها، وقالت بوجهٍ شاحب: "لقد... لقد عدت"لم تكن تعرف من أي مناسبةٍ جاء أحمد، فقد كان يرتدي بدلةً رسميةً سوداء بقميصٍ أبيض، وكانت البدلة تظهر قوامه الممشوق، وسرت القشعريرة في جسدها ما إن نظر لها أحمد بعينيه الباردتاين.تقدم منها ببطء، بينما كانت أصابعه تخلع سترة البدلة بهدوء. ولد أحمد بملعقةٍ من الذهب في فمه، فكانت كل إيماءةً منه مفعمةً بالفخامة.وعلى الرغم من أن كل ما قام به هو خلع ملابسه، إلا أن الرعب قد دبَّ أوصال سارة التي أرادت الهرب، لكنها شعرت وكأن قدماها مشلولتان.قبل علاقتها بأحمد، كان يعرف عنه أنه وحش عديم الرحمة.الآن فقط أدركت مدى رعب أحمد من منظور الآخرين، فهالته المخيفة تلك تغطي على كل ما حوله. استندت سارة على يديها وهي جالسة على الأرض، وتراجعت خطوةً للوراء مع كل خطوةٍ يقتربها

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل24

    لم تعد سارة تفهم هذا الرجل على الإطلاق، فتقلب مزاجه أسرع من تقلب أمواج البحر.هو من طلب الطلاق منها في السابق، والآن بمجرد ذكرها للطلاق امتعض وجهه، أيمكن أن تكون وفاة أخته قد تسببت له باضطراباتٍ أو أزماتٍ نفسية؟حين أنهى أحمد غسيل وجهه وخرج، كانت سارة لا تزال مستلقية على السرير منصرفةً عنه.ولم يبقَ بينهما وداعٌ دافئ كما كان الأمر في السابق، بل كل ما تبقى هو الصوت الموحش للباب وهو ينغلق.كانت سارة تدرك ضعف جسدها في الأيام الأخيرة، لذلك لم تبدِ أي مقاومة.الشيء الوحيد الذي بقي على حاله طوال تلك الزيجة هو هالة التي كانت تضع مئزرها يوميًا، وتعد لسارة الطعام بشغف."سيدتي، لقد أعددت لكِ حساء الخضراوات اليوم ليقوي بدنكِ، عليكِ أن تشربي منه الكثير"ابتسمت سارة برقةٍ وقالت: "يا هالة، أيمكنكِ إعداد حساء المأكولات البحرية من أجلي؟""بالطبع!"نظرت هالة إلى الجو بالخارج، وقالت: "لقد غطت الثلوج الحديقة بالكامل، ألا ترغبين بالخروج للعب بالثلج؟ أذكر أنك لطالما أحببت اللعب بالثلج مع زوجكِ في السابق، أليست العلاقة بين الرجل والمرأة مجرد لعبٍ ولهو؟""لن أخرج، سأغفو قليلًا"أغلقت هالة الباب خل

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل23

    انفتح باب الحمام بعنف، مما أفزغ سارة التي كانت قد انتهت للتو من تمشيط شعرها، ونظرت إلى أحمد بارتباكٍ قائلةً: "أيها ال..."لم تتم حديثها، فقد خرج أمامها أحمد عاري الصدر، مفتول العضلات دون سابق إنذار.وعلى الرغم من أنهما حملت طفله بداخلها، إلا أن هيئته العارية تلك التي لم ترها منذ قرابة العام جعلتها ترتبك، فأشاحت بنظرها عنه على الفور.خيم ظلّ أحمد على وجهها، وأخذت أنفاسه المميزة المحملة بالدفء ترتطم بوجهها، فضمّت سارة جسدها لا شعوريًا، ونظرت له بتوجسٍ قائلةً: "ماذا تريد؟"انحنى أحمد ببطءٍ واستقرت نظرات عيناه السوداوان الثاقبتان على وجهها الشاحب، وسألها: "قلت في السابق أنكِ مريضة، فما الذي تعانين منه؟"تلاقت نظرات سارة مع عينيه المليئتان بالحيرة، وغمرتها مشاعر مختلطة.لم تكن بتلك العيون سخريةً أو ازدراء أو برود، وإنما كان يسأل عن مرضها بصدق.في تلك اللحظة، تضاربت مشاعر سارة، وتسائلت في نفسها فجأةً عما إن كان أحمد سيشعر بالندم حيال ما فعله في الماضي إذا أخبرته الآن بمرضها.حين لاحظ ترددها، دنا أحمد منها أكثر فأكثر، حتى كادت المسافة بينهما تتلاشى، وبدت عيناه قادرة على كشف كل ما تخفي

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل22

    ما الذي غيّرك هكذا ؟كم كنت أتمنى أن نعود إلى ما قبل عامين، إلى تلك الأيام الخالية من الهموم.” أنا هنا، أنا هنا “كان يرد عليها بلا كلل ولا ملل.كانت سارة تعرف أن لطفه في تلك اللحظة ليس سوى وميض عابر، وكان ينبغي لها ألا تقترب منه، لكنها لم تستطع مقاومة الرغبة في التمسك بأي قدر من الدفء.أحمد، لو كنت كما كنت سابقًا، هل كان هذا سيعجبك؟……استفاق أحمد قبل بزوغ الفجر، ووجد نفسه يشعر بوجود شخص آخر بين ذراعيه قبل أن يفتح عينيه. تذكر تلك الزجاجات الفارغة من الكحول التي شربها ليلة أمس، وكان يعرف جيدًا أنه يتمتع بقدرة تحمّل جيدة، ومع كونه منضبطًا، لم يكن من الممكن أن يعاني من فقدان الذاكرة بعد شرب الكحول.كان الألم في رأسه شديدًا، ولم يستطع تذكر ما حدث ليلة أمس، مما جعله يشعر بالقلق، بل وحتى الخوف من فتح عينيه. وعندما تهيأ نفسيًا، فتح عينيه ببطء، وعندما رأى أن تلك الشخص كانت سارة، تنفس الصعداء بارتياح.ولكن، تذكر وضعهما الحالي، وهم بأن يدفعها بعيدًا. وعندما كان يستعد لسحب ذراعه، نظر إلى وجهها، فتجمدت حركته.كم من الوقت مضى منذ أن نظر إليها بهدوء هكذا؟ وعندما تذكر لقاءاتهما الأخيرة، كا

امسح الكود للقراءة على التطبيق
DMCA.com Protection Status