Share

الفصل8

Author: أسامة الفاخري

ازدادت مها غضبًا كلما فكرت في الأمر.

نهض شاهين من على الأرض، ووجهه مغطى بالكدمات ومليء بالغبار، يبدو عليه الضيق الشديد.

"هذا مستحيل!"

صرخ شاهين بغضبٍ مكبوتٍ، قائلًا: "لؤلؤة هي الإبنة الكبرى لعائلة باهر، مكانتها مرموقة للغاية لا يضاهيها أحد، ولم يستطع أبناء العائلات الثرية ولا أصحاب الجاه والنفوذ في المنصورة جذب انتباهها، فكيف يمكن أن تهتم بشخص بلا قيمة مثل مُراد؟"

"ربما التقيا فقط بمحض الصدفة"

ظل شاهين يهمهم وهو يدلّك وجهه المتألم.

فإنه يرى لؤلؤة بمثابة الملاك التي يُصعب الوصول إليه، بينما كان مُراد في عينيه مجرد شخصٍ تافه، حتى ولو حدث المستحيل، فلن يصدق أبدًا أن هناك أي علاقة بين لؤلؤة ومُراد!

"صحيح، إلا إذا فقدت لؤلؤة عقلها، عندها فقط يمكن أن تهتم بمثله"

"لا! حتى ولو فقدت لؤلؤة وعيها، فمن المستحيل أن تميل إلى هذا الشخص التافه!"

قالت مها ذلك بابتسامة متعالية، وبدأت تشعر بالراحة وكأن الأمور بدأت تعود إلى نصابها.

ثم أضاف شاهين بملامح مليئة بالحقد: "لا يهم كيف هي طبيعة علاقتهما"

"على كل حال، بما أن هذا التافه سبّب لي هذا الضرر، فلن أجعله يفلت بما فعله أبدًا!"

لكنه لم يستطع استفزاز عائلة باهر لقوة نفوذها، ولم يجرؤ على حمل أي ضغينة ضد لؤلؤة.

لذلك لم يسعه إلا رمي كل اللوم على مُراد!

لم يستطع من حولهم التوقف عن نظرات الازدراء نحو مها وشاهين بسبب وقاحتهما.

لاحظ الجميع للتو بكل وضوح، أن لولا تدخل مُراد في الأمر، لما كانت لؤلؤة لتعفو عن شاهين.

وبدلًا من أن يشعر شاهين بالامتنان لمُراد، كان ممتلئًا بالحقد تجاهه.

يا لها من وقاحة حقًا!

نظرًا لقوة عائلة شاهين، لم يجرؤ أحد من الحاضرين على التعبير عن احتقارهم علنًا.

.....

في فندق الجزيرة.

يعد أفخم وأرقى الفنادق ذات الخمس نجوم في مدينة المنصورة.

بعد أن انفصل مُراد عن مها، غادر المنزل دون أخذ شيء.

فأصبح الآن لا يملك شيئًا، حتى أنه في أشدّ الحاجة لمكان يأويه.

قررت لؤلؤة أن تودعه مؤقتًا في فندق فاخر، على أمل أن تسأله عما حدث الليلة الماضية.

عند الوصول إلى الفندق.

أشارت لؤلؤة إلى حراسها ليبقوا في الخارج، ودخلت هي ومُراد بمفردهما.

"أهلًا وسهلًا"

استقبلتهما مضيفتان مبتسمتان بكل رسمية ترحيبًا بهما.

عندما وطئ مُراد بقدمه على السجادة الحمراء الفاخرة، نظر إلى الأعلى وسرعان ما صُدم بتصميم الفندق الفخم، وبنائه الرائع المدهش.

لم يسبق له من قبل أن دخل فندقًا فخمًا ذا خمس نجومٍ كهذا، مما جعله يشعر ببعض الارتباك.

فكان يرتدي من ملابسٍ رثةٍ لا تليق بهذا الفندق الفخم.

وكان يتحرك بحذرٍ شديدٍ مع كل خطوةٍ يخطوها، خائفًا من أن يلوث السجادة الحمراء اللامعة بحذائه البالي.

ثم سمع صوتًا فجأة: "قف مكانك!"

"هذا فندق راقٍ، ممنوع دخول المتسولين أمثالك!"

"إذا كنت ترغب في التسول، اذهب إلى مكانٍ آخر ولا تلوث فندقنا!"

في هذه اللحظة، تقدمت امرأة شابة ترتدي زيًا رسميًا، تبدو في السابعة أو الثامنة والعشرين من عمرها.

كانت تتخذ هيئة التعجرف والغرور، ووجهت كلامها بحدة إلى المضيفتين قائلةً: "ما خطبكما؟ هل أصابكما العمى؟ كيف تسمحان لمتسول بالدخول؟"

"أي متسول؟"

تساءلت لؤلؤة بدهشة، غير مستوعبة لما يجري.

وبعدها تقدمت مشرفة الفندق نحو مُراد، وصرخت في وجهه موجهة إصبعها نحو أنفه: "أيها المتسول القذر! ألا تنصرف من هنا فورًا؟"

فكانت على وشك أن تطرده بنفسها.

احمرّ وجه مراد -الذي كان يشعر بالإحراج بالفعل- بشدة من الخجل وكأنه يتمنى لو تنشق الأرض وتبتلعه في تلك اللحظة.

وأخيرًا أدركت لؤلؤة ما يحدث، فتغيرت ملامح وجهها إلى البرود الشديد وأبعدت يد المشرفة بقوة وهي تقول بحدة: "هل فقدتِ بصرك؟ أي عينٍ من عينيك رأت أنه متسول؟"

"إنه صديقي، ونحن هنا لحجز غرفة في الفندق"

"حجز غرفة؟"

ألقت المشرفة نظراتها على لؤلؤة، ثم قالت لها بسخرية: "تبدين وكأنك ابنة لعائلة ثرية، لكنك تأتين مع متسول لحجز غرفة؟"

"يبدو أنكِ لست أفضل منه، أنتما من نفس النوع"

"هيا، اخرجا من فندقنا على الفور"

غضبت لؤلؤة بشدة، وقالت: "ألا يخرج من فمك إلا القذارة؟"

ثم أضافت بغضب: "أين مديركم؟ أريد مقابلته فورًا!"

ردت المشرفة وهي مبتسمة باستخفافٍ قائلةً: "من تظنين نفسك؟ أنت لا تسوين شيئًا"

"ولا يحق لكِ مقابلة المدير"

أثارت كلمات المشرفة غضب لؤلؤة، حتى ارتعش جسدها غيظًا، فلولا التزامها بالحفاظ على صورتها، لكانت قد صفعتها على الفور.

وسرعان ما لفت هذا الجدال انتباه العاملين في الفندق.

وفي الحال اقترب رجل في منتصف الثلاثينيات بخطوات سريعة.

وكان يعلق على صدر البدلة بطاقة صغيرة مكتوب عليها (أدهم-مدير الاستقبال-)

Related chapters

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 9

    "نسمة، ما الأمر؟""ما الذي حدث؟"سأل أدهم."يا سيدي، لقد أتيت في الوقت المُناسب، يوجد مُتسولان يُثيران الفوضى هنا، مما يؤثر على صور فُندقنا..."أشارت المُشرفة بيدها نحو لؤلؤة ومُراد، وبدا على وجهها الاحتقار والجفاء.نظر أدهم بالاتّجاه الذي تُشير إليه، فلمح سريعًا لؤلؤة.شعر بالذهول من النظرة الأولى، واندهش بمظهرها الفاتن ورُقيّها.وللوهلة الثانية تغيرت ملامحه تمامًا وأخذت جبهته تتصبب عرقًا. لا تظهر لؤلؤة عادةً في الأماكن العامة، وليست شخصية بارزة في مجال الأعمال ولا يعرفها إلا القليل من الأشخاص.كما أن أدهم لا يستوفي الشروط المطلوبة أساسًا لمعرفة لؤلؤة.تُدير شركة باهر أعمال كُبرى وتمتلك العديد من الصناعات وعادة عندما تستقبل ضيوف موقرين أو عُملاء كِبار للشركة، فإنها تُنظم لهم إقامة في فندق الجزيرة.لقد حالف أدهم الحظ وقابل لؤلؤة مرة مُسبقًا.مما جعله يتعرف على هوية لؤلؤة الرفيعة من الوهلة الأولى.خشيّ أدهم في تلك اللحظة أن ترتخي ساقاه وكان على وشك أن يجثو مباشرةً على ركبتيه.حيث لا يُمكنهم الإساءة إلى أشخاصٍ مثلها."أين حرّاس الأمن؟ أين الأمن؟""ما الفائدة من عملكم ب

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 10

    بعد سلسلة من الأفكار العشوائية، عاد مُراد إلى وعيه سريعًا اقترب من لؤلؤة وجذب ذراعها برفق، ثم قال بصوتٍ منخفضٍ: "لؤ... لؤلؤة، دعكِ من هذا، فقد اعتدت الأمر على أي حال..."شعرت لؤلؤة بألمٍ في قلبها، فقد أحست بالحزن والعجز في كلمات مُراد وشعرت بانكساره أيضًا."آنسة لؤلؤة، كل هذا بسبب خطأ نسمة، أعدُكِ أنني سأؤدبها بشكلٍ جيدٍ لاحقًا. أرجوكِ، كوني كريمة وامنحيها فرصة لتصلح أخطاءها"قال أدهم بصدق.بدأت الأفكار تتصارع في ذهنه، وعزم في قرارة نفسه أنه مهما حدث، لن يسمح لنسمة بمواصلة تصرفاتها الطائشة، وإلا فحتى لو نجا هذه المرة، فسيأتي اليوم الذي ستدمره فيه!"انهضي!""بما أن صديقي قد شفع لكِ، سأعطيكِ فرصة واحدة، آمل أن تحسني التصرف في المستقبل!"قالت لؤلؤة بنبرة باردة.العفو أفضل عند المقدرة.لطالما كانت تفضل عدم استغلال مكانتها لإذلال الآخرين، ولا ترغب بالنزول إلى مستوى الأشخاص العاديين."شكرًا لكِ يا آنسة لؤلؤة، وشكرًا لك أيها السيد..."شعرت نسمة وكأنها نالت عفوًا كبيرًا، فنهضت، لكن ملابسها من الخلف كانت قد ابتلت تمامًا بالعرق دون أن تدرك.في تلك اللحظة، انتبه العديد من الزبائن

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 11

    "بالمناسبة يا مُراد، رأيت ذلك الشرير ليلة أمس وهو يطعن صدرك بالخنجر""هل جرحك بخير؟""هل تحتاج أن أذهب معك إلى المستشفى؟"سألته لؤلؤة بقلق.كانت لؤلؤة قد رأت بوضوح ليلة أمس أن الخنجر اخترق صدر مُراد.لكن الغريب هو أنه الآن يبدو بصحةٍ جيدةٍ وكأن شيئًا لم يحدث.مما جعلها تتساءل عما إذا كانت قد أخطأت الرؤية في تلك اللحظة؟أجاب مُراد: "لا بأس""الجرح ليس خطيرًا"ثم لمس صدره بشكل لا إرادي، إلا أن لمس الجرح جعل الألم يظهر على وجهه، فلم يستطع منع نفسه من التأوه بهدوء."ماذا يحدث؟""هل يؤلمك؟""لنذهب إلى المستشفى الآن!"قالت لؤلؤة وهي تنهض بقلق."لا أتألم""كان الألم لحظيًا، ثم اختفى""لا أعتقد أنني بحاجة إلى المستشفى"مرر مُراد يده على الجرح مرة أخرى، وأحس بأن الألم بدأ يخف تدريجيًا.أراد أن يخلع قميصه ليتفحص الجرح، لكنه شعر بالخجل أمام لؤلؤة، فلم يفعل."اخلع قميصك، دعني أرى كيف حال جرحك"قالت لؤلؤة وهي ما زالت قلقة."هذا..."شعر مُراد بالإحراج، فخلع ملابسه أمام فتاة جعله يشعر بعدم الارتياح."أسرع واخلعه!"استعجلته لؤلؤة بقلق، وقد نسيت تمامًا أن مُراد رجل، بل رجل مفعم

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 12

    ندّد بها الرجل بوجهٍ باردٍ: "لو لم آتِ الآن، لما كنت عرفت أنكِ تأوين عشيقًا في المنزل!"ردت عليه لؤلؤة بوجهٍ عابسٍ:"أي عشيق؟""كيف تتحدث بهذه الطريقة؟""مراد هو مجرد صديق لي، ليس بيني وبينه أي شيء" ثم قالت هذه المرأة الجميلة بابتسامةٍ ساخرةٍ:"كيف تدّعين أنه ليس بينكما شيء وأنتما في هذا الوضع؟""هذا مثير للسخرية حقًا!""لؤلؤة، ألا تشعرين بالخزي لفعل ذلك في وضح النهار، فلماذا لم تذهبا مباشرة إلى الفناء؟"قالت لؤلؤة بغضب: "هذا ليس من شأنك!""يمكنني فعل ما أريد ولا يحق لكِ إبداء انتقادات غير مبررة"تبادلت بينهما النظرات الغاضبة وبدأت الأجواء تتصاعد بينهما.ثم صاحت المرأة ذات المظهر الجذاب، وهي تتدلل على ذراع زوجها متصنعة الأنين: "انظر إليها يا بسام!""إنها لا تحترم صغيرًا ولا كبيرًا، كيف يمكنها أن تتصرف هكذا؟"ندّد بسام بابنته بحدة: "يا لؤلؤة؟ ما خطبك؟""هدى هي والدتكِ على كل حال، فلا يمكنكِ التحدث معها بهذا الأسلوب"ردت لؤلؤة بابتسامة ساخرة: "إنها ليست والدتي""لقد ماتت والدتي بالفعل قبل عشرين عامًا""إنها مجرد عشيقة استطاعت بمكرها الوصول إلى منصبها هذا، فهي لا تستحق

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 13

    لكن مُراد يعلم أن هذه الأموال ليست من حقه، فلا يمكنه أخذها.قالت لؤلؤة بغضب: "المال، المال مرةً أخرى، هل يمكن للمال حلّ جميع الأمور؟""لقد قلت بالفعل، أنا أحب مُراد ولن أتزوج غيره طيلة حياتي""لا يمكن التفريق بيننا إلا بموتي"منذ وفاة والدتها، لم تشعر طوال حياتها بحنان الأب، في كل مرة كانت تحتاج شيئًا، كان والدها يلقي عليها المال، فقد سئمت من هذا التصرف منذ زمنٍ طويل!"أنتِ...""حسنًا، جيد جدًا"صرخ بسام بحدة حتى تغير لون وجهه، ثم استدار وغادر غاضبًا وهو يقول: "سأذهب الآن للتحدث مع جدكِ"دائمًا ما يحدث سوء تفاهم كبير بينه وبين ابنته على مرّ السنوات، حتى أصبحت العلاقة بينهما متوترة بشكلٍ متزايد.وبعد أن كبرت ابنته الآن وأصبح لديها شركتها الخاصة وحياتها المهنية، فلم يعد بإمكانه السيطرة عليها.فإن الشخص الوحيد في العائلة الذي قد يمكنه التأثير على ابنته لتغيير رأيها هو جدها فقط.جلست لؤلؤة على الأريكة بوجهٍ شاحبٍ وحزينٍ، وهي تنظر إلى والدها بسام وهو يسير بعيدًا مع زوجته.حاول مُراد أن يقول شيئًا ليواسيها، لكنه لطالما لم يكن لبقًا، ولا يعرف كيف يعبر عن مشاعره.مرّ وقتٌ طويل.ب

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 14

    حينذاك، لم يكن السيد باهر وحده بالردهة، بل كان يجلس بجانبه بسام وهدى.أخذ بسام ينظر إلى مُراد ببرودٍ بسبب ما حدث في الفيلّا، فكان انطباعه الأول تجاه مُراد سيء للغاية.وعلى العكس، كان السيد باهر ودودًا للغاية، وأمر الخدم بتقديم الشاي والماء له، كما لم يُبدي أدنى احتقار أو تقصير بالضيافة تجاهه."جدّي، أُقدم لك مُراد، الفضل يعود له بإنقاذي ليلة أمس"سردت لؤلؤة ما حدث تفصيلًا."مُراد، أشكرك كثيرًا على إنقاذ حياة حفيدتي، لن تنسى عائلة باهر معروفك هذا""وكما يقول المثل، رد الجميل دينٌ على ظهر الأصيل""أخبرني، ماذا تتمنى؟ سنُبذل ما بوسعنا لتلبية رغباتك"ابتسم السيد باهر بحرارة."لا داعٍ، لا أريد شيئًا"هزّ مُراد رأسه.كان إنقاذه لـلؤلؤة ليلة أمس نابعًا من العدل بداخله، ولم يُفكر بالحصول على أي شيءٍ في المقابل، كما أنه حصل على مكافأته نظريًا ليلة أمس.إلى جانب أنها لقنت شاهين درسًا قاسيًا في قطاع الأحوال المدنية وساعدته على استرداد كرامته.مما يجعل كلا الطرفين متساويين."حقًا؟""عليك أن تُفكر جيدًا، لن تتاح لك مثل هذه الفرصة مُجددًا"ترك السيد باهر فنجان الشاي من يده، وبدت نظرا

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 15

    من حيث الخلفية أو النفوذ، من المؤكد أن الطبيب عثمان لا يمكنه أن يُقارن بعائلة باهر الكبيرة، لكن من حيث السمعة والمكانة، فهو لا يقل مكانة عن السيد باهر الكبير.فبعد كل شيء، الجميع قد يمرض في وقتٍ ما، والسيد عثمان هو الطبيب الأول المعترف به في مدينة المنصورة، فالعديد من أثرياء المدينة وذوي السلطة قد لجأوا إليه للعلاج، ويحترمونه بشدة."السيد باهر، أعتذر عن الإزعاج هذه المرة، لكني أتيت لإجراء فحص متابعة آخر لك..."قال السيد عثمان بابتسامة وهو يحيي السيد باهر.قبل نصف شهر، أصيب السيد باهر فجأة بمرضٍ خطير، وشعر بألم في صدره وصعوبة في التنفس.في ذلك الوقت، كان الطبيب عثمان هو الذي عالج السيد باهر من مرضه.اتفق الجانبان حينها على إجراء فحص متابعة بعد نصف شهر، وإذا كانت نتيجة الفحص مطمئنة، فهذا يعني أن المرض قد شُفي تمامًا."السيد عثمان، شكرًا لك على مجهودك""لا داعي للشكر يا سيد باهر، هذا واجبي"بعد تبادل بعض المجاملات القصيرة، أشار الطبيب عثمان إلى السيد باهر للجلوس، ثم بدأ بفحص نبضه وأخذ ينظر إلى لون وجهه.بدأ وجهه بالتجهم شيئًا فشيئًا.شعر بسام ببعض القلق، فسأل بصوت متردد: "كيف ح

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 16

    "هذه أحد مواضع الوخز القاتلة في جسم الإنسان!"عبس العم عثمان، وأدرك أن دراسة هذا الشخص لكتب الطب كانت سطحية، لابد أنه درس الطب فقط ليجني ثناء الناس، لكن النتيجة أنه لا يعرف حتى أن هذا الفعل سيؤدي لوفاة الشخص."يا بني، ما هذا الهراء الذي تقوله؟ وخز الإبرة عند السرَّة والصدر قد يؤدي إلى الوفاة، هل يعقل أنك تقوم بالوخز بشكلٍ عشوائي؟""ألا تفهم في مواضع الوخز؟"وبَّخ مساعد العم عثمان مُراد، قائلًا: "يا بني، أرى أنك قد درست قشورًا من الطب ثم أتيت تبحث عن الثناء، أليس كذلك؟ لكن دعني أخبرك، أمثالك هم من جعلوا أبناء وطننا يتجنبون اللجوء للطب كما لو كان عقربًا سامًا."بدأ هذا المساعد بإعطاء مراد محاضراتٍ أخلاقية.كان مراد يفكر في شيء ليقوله، لكن سرعان ما قاطعته لؤلؤة."مراد، إن حياة جدي في خطر، والعم عثمان يحاول أن ينقذه، ألا يمكنك التوقف عن إثارة المشاكل؟"قالت لؤلؤة باستياء.بالرغم من أن مراد أنقذ حياتها البارحة، لكن هذا لا يعني أنه يمكنه التصرف باستهتار في منزل عائلتها.وعلاوة على ذلك، فإن هذا الأمر يتعلق بحياة جدها، لذلك لا يمكنها أن تسمح لمراد أن يتأمر وينتقد كما يحلو له."يا بن

Latest chapter

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 30

    شعر مُراد بألمٍ حاد على خده، فغطى وجهه بيده وهو يشعر بالغضب الشديد، كان متأكدًا أن خالد قد فعل ذلك عمدًا!ومع ذلك، فقد اعتاد على السخرية والإهانة خلال السنوات الثلاث التي قضاها متزوجًا في عائلة عامر، وقد طمست مها كل الحدة في شخصيته.اختار في النهاية أن يكتم غضبه ويتحمل مضايقات خالد.صرخ خالد بغضب: "ماذا تنتظر!""قم بجمع كل القطع المكسورة ونظف المكان!"مُراد حاول كبت غضبه، وركع ليجمع القطع الخزفية المكسورة من على الأرض.ضحك خالد بسخرية وقال: "أتريد أن تتحداني؟ أنت مجرد كلب أعمى، ما زلت صغيرًا جدًا لتلعب هذه اللعبة!"ثم داس بقوة على ظهر يد مُراد وأدار قدمه بقسوة.كانت يد مُراد مليئة بالقطع الحادة من الخزف، وتدفق ألم شديد عبرها، مما أدى إلى تمزق جلده فورًا وسال دمه بغزارة. شهق مُراد من الألم وسحب يده بسرعة، مسببًا انزلاق قدم خالد المفاجئ، ما أدى إلى سقوطه أرضًا وارتطامه بشدة، لينتهي به الأمر مستلقيًا على ظهره.صرخ خالد غاضبًا: "أيها الحقير، سوف أقتلك!"أمسك خالد بقطعة من سيجارته، محاولًا أن يحرق بها وجه مُراد.تفاجأ مُراد ورفع يده ليتصدى للهجوم، لكن قطعة السيجارة لامست جرحه ا

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 29

    على الأقل ضميره لن يسمح له أن يمر بهذا الموقف بسهولة.صرخ خالد: "لا يهمني من تكون، غادر فوراً وإلا لن أكون لطيفًا معك!"كاد خالد أن ينفجر من الغضب، ونظراته كانت مليئة بالكراهية تجاه مُراد.كان مُراد مترددًا.لكن لؤلؤة كانت في ظهره وتدعمه، ولذلك لم يكن يخشى تهديدات خالد.ولكن لؤلؤة أوضحت له من قبل أنها لا تريد الكشف عن العلاقة بينهما، ولا ترغب في أن يستغل مُراد هذه العلاقة في الشركة.إضافة إلى ذلك، خالد كان رسميًا رئيسه المباشر وأحد الشخصيات المؤثرة في الشركة، ممثلًا لمصالح العديد من القيادات العليا.إذا دخل في مواجهة مع رئيسه في أول يوم له في العمل، فلن يكون ذلك في صالحه.وإذا تفاقمت الأمور ونتج عنها آثار سلبية داخل الشركة، فإن صورة مُراد أمام لؤلؤة ستتدهور كثيرًا.رأى خالد أن مُراد التزم الصمت، فظن أنه خائف وضحك ساخرًا: "ماذا تنتظر؟ غادر فوراً!"مُراد، وقد قرر أخيرًا، قال: "أيُها المدير خالد، جئت لأقدم نفسي لك حسب القواعد والإجراءات، وإن طلبت مني المغادرة، فهذا لا يبدو مناسبًا أليس كذلك؟"لقد اتخذ قراره النهائي.عندما أنقذ السيد عامر دون تردد وقبل أيام خاطر بحياته لإنقاذ ل

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 28

    "أيُها المدير خالد، أرجوك دعني وشأني..."قالت سلمى بنبرةٍ يائسة وملامحها تعكس حيرة عميقة، إذ لم تكن تعرف ما الذي يجب أن تفعله.رد خالد مبتسمًا بخبث: "يا سلمى، النساء الجميلات مثلكِ خلقن ليُعجب بهن الرجال. يجب عليكِ استغلال هذه الميزة جيدًا!""لا تقلقي، طالما أنكِ ستكونين معي، أضمن لكِ الترقية وزيادة الرواتب. ستحصلين على كل ما تريدين في الشركة!"ضحك خالد ضحكة شيطانية وانتهز لحظة انهيار دفاعاتها النفسية ليحتضنها ويبدأ في محاولة تقبيل وجهها الجميل.حاولت سلمى المقاومة ولكن كلما تذكرت صورة والدتها المريضة في السرير، وحاجات شقيقها الدراسية، شعرت بالعجز عن المقاومة، وفقدت كل الشجاعة.في لحظة من اليأس الشديد، استسلمت تمامًا وامتلأ وجهها بالحزن.ثم فجأة، سمعوا طرقًا على الباب ودخل مُراد وهو يحمل بعض أوراق الانضمام للشركة من قسم الموارد البشرية.تجمد مُراد للحظة عند رؤية المشهد في المكتب، غير قادر على فهم ما يحدث.استفاقت سلمى فجأة ودفعت خالد بعيدًا، وقد احمرّ وجهها خجلًا.كان خالد على وشك تحقيق هدفه، ولكن مُراد قاطع المشهد، مما أشعل غضبه. نظر بغضب شديد إلى مُراد وقال: "من أنت أيها ال

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 27

    في المكتب.جلس خالد، الذي يبلغ من العمر حوالي خمسين عامًا، ذو الرأس الأصلع والجسم الممتلئ قليلًا، خلف مكتبه.أمام مكتبه كانت تقف فتاة شابة ملامحها تبدو عليها علامات التوتر، ويديها متدليتين بجانبها.كانت الفتاة بالواحد والعشرين أو الثانية والعشرين من عمرها، ملامح وجهها دقيقة وجميلة، تبدو هادئة وعلى وجهها نظارة سوداء كبيرة تخفي جمال ملامحها.جسدها صغير وملابسها بسيطة، لكن ذلك لم يخفِ جمالها الطبيعي.اسم الفتاة التي تقف أمامه هو سلمى، وهي إحدى سكرتيرات الرئيس التنفيذي الثلاث في الشركة، مكانتها الوظيفية مثل مُراد، حيث كان مُراد سكرتيرًا إداريًا وهي سكرتيرة شخصية.بالإضافة إلى ذلك، فإن سكرتير الرئيس التنفيذي له رئيسان مباشران، الأول هو الرئيس التنفيذي نفسه والثاني هو مدير مكتب الرئيس التنفيذي.قال خالد وهو ينظر إليها بعينين ضيقتين ووميض خبيث في عينيه: "أيتُها السكرتيرة سلمى، لقد مر شهر منذ انضمامكِ إلى الشركة. صحيح أن أداؤك في العمل جيد، لكن ردود أفعالك ليست سريعة بما يكفي.""لستُ راضيًا تمامًا عن أدائكِ!""برأيكِ، كيف يمكننا حل هذا الأمر؟"شعرت سلمى بالصدمة وانحنت بسرعة قائلة: "أ

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 26

    "لا أرى أنه سيء لهذا الحد..."احمر وجه لؤلؤة الجميل بشكلٍ ملحوظ لوهلة.ما كانت تتحدث عنه مع هيام قبل قليل كان مجرد حديث بين الصديقات.ولكن هيام قامت بشيءٍ غير متوقع، حيث ذكرت كل شيء أمام مُراد مباشرة.في تلك اللحظة، شعرت لؤلؤة بالحرج الشديد ولم تكن تعرف كيف تواجه مُراد.أما هيام، فقد كانت أكثر إحراجًا، فقد شعرت برغبة في البكاء بسبب خيبة أملها. لقد كانت تترقب ذلك الرجل بشدة، حتى أنها بدأت في الإعجاب بهذا الرجل المثالي في مخيلتها!لكنها لم تكن تتوقع أن الرجل الذي كانت تعتبره قويًا وشهمًا، كان في الحقيقة الرجل الخنيث الذي قابلته للتو!كانت تلك ضربة قاسية لها!لقد شعرت وكأن لؤلؤة قد وضعتها في مأزق!تنفست لؤلؤة بعمق وهدأت نفسها أولاً.ثم قالت، "مُراد، أنا بحاجة إلى سكرتير إداري بجانبي، أريد تعيينك في هذا المنصب، ما رأيك؟""إذا لم يعجبك المنصب، يمكنني تغيير الوظيفة لك!"قال مُراد بحماس، "بالطبع يعجبني! أنا سعيد جدًا."كان مُراد في غاية السعادة، إذ كانت الوظيفة التي عرضتها عليه لؤلؤة أفضل بكثير مما كان يتوقع، كما أنه سيكون بجانبها دائمًا ويتعلم منها الكثير من الأمور، وهذا شيء لم

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 25

    "أنا بخير، كل الفضل يعود لمُراد الذي أنقذني..."هزت لؤلؤة رأسها وأخبرت هيام بكل ما حدث بالتفصيل.كانت هيام زميلة الجامعة وأقرب صديقة للؤلؤة.لم يكن لدى لؤلؤة الكثير من الأصدقاء وكانت هيام صديقتها المقربة الوحيدة.بالطبع، الجزء المتعلق بمعاكسته لها لم تخبرها به؛ فمثل هذه الأمور لا تُقال حتى للأخوات."هل تقولين إن هذا الرجل الغريب عنكِ تماماً، لم يكتفِ بحمايتك بل تصدى لضربة سكين وحتى أنه كاد يفقد حياته لحمايتكِ!""هذا هو الرجل الحقيقي!""لابد أن التواجد بجانبه يُشعركِ بالأمان للغاية!"قالت هيام وعيناها تلمعان. لقد كانت معجبة بالرجال الأقوياء الذين يظهرون في المسلسلات العسكرية بسبب شعورها بعدم الأمان منذ صغرها.لكن للأسف، كانت تلك مجرد مسلسلات ولم تصادف يوماً رجلاً حقيقياً مثلهم.لكن الآن، ظهر أمامها مثال حي.من خلال وصف لؤلؤة، استطاعت هيام تقريباً أن تتخيل المشهد الخطر والشعور بالأمان لذي لطالما افتقدته."نعم، في المجتمع الآن أصبح الناس غير مبالين، من النادر جداً أن نجد مثل هذا الشخص الشجاع.""لو لم يحمِني في ذلك الوقت، كنت سأفقد حياتي بالتأكيد."قالت لؤلؤة وهي متأثرة.عند

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 24

    نزلت امرأة طويلة القامة ذات قوام ممشوق من السيارة."آسف، آسف..."سارع مُراد بالاعتذار.شخصيته دائماً كانت متسامحة ولا يحب أن يتجادل مع الناس، حتى لو كان الخطأ من الطرف الآخر، إلا أنه يبادر بالاعتذار."كيف تقود دراجتك بهذا الطيش؟ هل فقدت بصرك؟"تأففت المرأة ذات القوام الطويل، وبدت غير راضية.عبس مُراد قليلاً، فالموقف بسيط جداً، لكن تصرف المرأة المتعجرف جعله يشعر بعدم الارتياح: "سيدتي، من الواضح أنك فتحت باب السيارة دون أن تنظري في المرآة الجانبية ولا أظن أن اللوم يقع عليَّ.""ثم إني قد اعتذرت بالفعل، ألا يمكنكِ أن تكوني أكثر تفهماً؟""أنت تقول إنني غير منصفة؟"غضبت المرأة طويلة القامة وألقت نظرة باردة على دراجة مُراد الوردية باحتقار: "يالها من دراجة بالية تلك التي تقودها والأسوأ أنها وردية!""رجلٌ كبير بالغ يتصرف كأنثى، كم هذا مقزز!""لون ما أركبه لا يعنيكِ بشيء!""يا أنت... لا تدفعني إلى الجنون!"احمرت وجنتا مُراد فوراً.من الواضح أنها هي من فتحت الباب عليه، وبدلاً من الاعتراف بالخطأ، تقوم بإهانته وتصفه بالخنيث!مهما كانت طيبته، لم يستطع أن يتحمل إهانة كهذه.في هذه الأث

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 23

    قالت لؤلؤة بصدمة: "ليس لديك رخصة قيادة؟""هذا سيكون مزعجًا بعض الشيء."فكرت لؤلؤة قليلاً، وكأنها تذكرت شيئًا: "هل تعرف كيفية قيادة دراجة نارية رياضية؟""نعم، أعرف كيفية قيادتها ولدى رخصة قيادة."أومأ مُراد برأسه. في السابق، كانت مكانته في عائلة عامر أسوأ من الكلب، ولم يكن لدىه الحق في قيادة سيارة.لكن عائلة عامر كانت تحتاجه غالبًا لتوصيل بعض الأشياء، فخصصوا له دراجة نارية قديمة مستعملة لتسهيل المهمة."حسنًا، هذا جيد.""لدى هنا دراجة نارية رياضية، هدية عيد ميلادي من عمتي العام الماضي.""لا أستخدمها كثيرًا على أي حال، لذا سأعطيك إياها لتستخدمها كوسيلة نقل."سحبت لؤلؤة مُراد إلى الزاوية، حيث كانت هناك دراجة نارية رياضية وردية اللون تبدو مذهلة."لا تستهين بهذه الدراجة النارية، فهي تكلّف على الأقل أكثر من مليون دولار...""ماذا؟""أكثر من مليون؟"صُدم مُراد لدرجة أن فكّه كاد يسقط على الأرض."نعم، أذكر أن عمتي قالت إن هذه الدراجة النارية الرياضية تم تصنيعها بواسطة رولز رويس كإصدار محدود خاص، ويبدو أن سعرها حوالي 1.7 مليون دولار!"تذكرت لؤلؤة.صُدم مُراد، وقال في نفسه أن الأثري

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 22

    بعد تناول العشاء، غادر مُراد ولؤلؤة منزل عائلتها وعادا بالسيارة إلى فيلّا التجمع. في ذلك الوقت، كانت الخادمة أمينة قد رتبت غرفة الضيوف لمُراد ليقيم فيها.استلقى مُراد على السرير أخيرًا، حيث استطاع أن يهدأ قليلاً، حيث قرر أن يدرس تراث أجداده بتمعن. بمجرد أن أغلق عينيه، تدفقت إلى ذهنه كميات هائلة من الذكريات المتعلقة بهذا الورث، والتي تضمنت أنواعًا مختلفة من كتب المهارات. من بينها كتب طب قديمة وأساليب اعتكاف سحرية وغيرها الكثير...ماذا؟ هناك أيضًا ما يسمى بالاعتكاف الثنائي؟ سعل مُراد قليلًا وقرر التركيز على فهم معنى الاعتكاف. فالمقاتلون يسعون وراء طريق القوة ويعتمدون على تدريب قدراتهم على التحكم الداخلي. أما في الاعتكاف، فيسعون وراء فهم الحياة من خلال استيعاب طاقة الطبيعة.وبالمقارنة، فإن أسرار الاعتكاف أعمق بكثير من فنون القتال. لكن مع مرور آلاف السنين، اندثرت هذه الأسرار تمامًا، وحتى المقاتلون المتمرسون أصبحوا نادرين.من الواضح أن هذه الأسرار تعتبر شيئًا عظيمًا، لذا يجب أن يتدرب عليها جيدًا.أزال مُراد كل الأفكار المشوشة من عقله، وجلس متربعًا على السرير وبدأ في ممارسة التأمل.با

Scan code to read on App
DMCA.com Protection Status