مشاركة

الفصل3

مؤلف: أسامة الفاخري
تقع المقابر هنا، إنها بعيدة للغاية.

بالتأكيد ليس هناك أرواح تطوف بالمكان، ولكن لطالما سمع مُراد أن ذئابًا برية تظهر أحيانًا هنا، كما أن الفتاة الجميلة قد خرجت للتو من الماء،

وجسدها مُبلل ومُصاب، ولا يُمكنها إطلاقًا السير لمسافةٍ بعيدة. أوشك منتصف الليل أن يحل مُجددًا، ويبعد موقعها الحالي عن الطريق الرئيسي، ولن يأتي أحد لإنقاذها، كما أنها لا تملك مفتاح سيارة أو هاتف محمول، هل ستصمد إن قضت الليلة هنا؟

هذا هو عِقاب مُراد لها.

سيُعاقبها لأنها ضيقة الأفق، ولا تُقدّر إحسان الآخرين.

غادر مُراد آخذًا خطواتٍ كبيرة.

"أيها الوغد! أيها الوغد! لا تتركني"

تبعته لبضعة خطوات، ولكنها لم تستطع إطلاقًا اللحاق بمُراد الذي تعتريه نوبة غضب، فوبخته وشعرت بالحزن، فهي لم تتوقع أن لؤلؤة الرائعة تُعامل بهذا الشكل من شخصٍ عادي.

"أيها الوغد سأنال منك عندما أعرف هويتك"

صاحت لؤلؤة عاليًا.

وبمجرد أن قالت ذلك، تجاهلها مُراد بقسوة بعدما كان مشفقًا عليها.

رأت مُراد يتلاشى من أمام ناظرها، وأرادت أن تبكي ولكن لم تذرف الدموع، وكان حِذاؤها ذو الكعب العالي مكسورًا، كما كان جسدها مبللًا بالكامل.

وبعدما سارت لبضع خطوات، هبت الرياح، فارتجفت بردًا، ونظرت حولها، وكان المكان موحشًا ومُخيفًا، فحتى وإن لم يكن هناك ذئاب، لكنها ما زالت مقابر على كل حال، فربما يوجد بالفعل أرواح تطوف بالمكان.

شعرت بكراهية شديدة في تلك اللحظة تجاه مُراد، فهي فتاة مُدللة، لم يسبق لها أن تعرضت لمثل هذه المعاناة.

لم يبتعد مُراد كثيرًا، وانتابه الشعور بالندم، فهو شخص صالح، وإلا فلما أنقذ السيد عامر وتحمل إساءة عائلة عامر للعديد من السنوات في صمت؟

لقد كان غاضبًا، ولكنه في الواقع أفرغ غضبه الناتج من مها ووالدتها على لؤلؤة، وحاليُا عندما سار مسافة قصيرة في الهواء الطلق، خمد غضبه.

قال لنفسه أنها فتاة على أي حال، وظن أنه تمادى كثيرًا بتصرفه هذا، فهي مُبللة بالكامل، وحتى إن لم تُصادف ذئاب أو أرواح، بقاؤها هناك

طوال الليل سيُصيبها بنزلة بردٍ سيئة، وإن أصابها مكروه، سيلوم نفسه بقية حياته. حسنًا، إخافتها تكفي، لا يُمكنه حقًا تركها هناك طِوال الليل.

عاد مُراد في النهاية للبحث عنها.

وعندما وصل إلى المكان الذي تركها به، لم يجدها.

شعر مُراد حينئذٍ بالقلق الشديد، فأسرع بالبحث عنها في كل مكان، ولم يجد شيئًا سوى حِذائها.

يا لها من كارثة!

أدرك مُراد أن مكروهًا ما أصابها، وسمع صوتها خافتًا تطلب المساعدة، فأسرع لإلقاء نظرة، ثم اندفع الدم إلى رأسه، ليتضح أن القاتلين السابقين قد عادا، وهذه المرة لم يكتفيا بمحاولة قتلها فقط، بل ربما لم يتمكنا من كبح رغباتهما أمام لؤلؤة المبللة.

عندما وجدها مُراد، كانت شبه مجردة من ملابسها، لم يكترث حينها إن كان قادرًا على مواجهة القاتلين، فأسرع وركل القاتل الذي يعلوها، ثم نظر للأسفل، ووجد أن لم يتبق على جسدها سوى بضعة قطع من الملابس، بالرغم من أنها سعت جاهدًا لستر جسدها، إلا أنها لم تستطع تغطية مفاتنها، أحسّ مُراد لا شعوريًا بأن جسدها مبهرًا، وتتميز بجمال نادر.

نعم، إن جسدها أفضل من جسد زوجته السابقة مها الذي رآه خلسةً أثناء استحمامها.

"هل أنتِ بخير؟"

خلع مُراد ملابسه بينما يشعر بالذنب، وأعطاها لها لتستر مفاتن جسدها.

سترت نفسها سريعًا بالملابس، لم تتوقع أن من أتى لإنقاذها هو مُراد، فشعرت بمزيجٍ من الغضب والعجز، وأرادت لا شعوريًا أن تصفعه على وجهه، وفي تلك اللحظة، أشاحت بنظرها، ثم صرخت مذعورةً.

"انتبه!"

قالت ذلك، ولكن قد فات الأوان.

كان القاتل يرتدي بدلة سوداء، وماهرًا بالفنون القتالية، أما مُراد فكان شخصًا عاديًا، ليس بإمكانه التصدي له، لذلك عندما ركله القاتل برجل واحدة، اندفع مسافة مترين أو ثلاثة أمتار، ثم أخرج الخنجر الذي تركه من قبل، وضحك ضحكة صفراء.

"سأقتلك"

وضع الرجل ذو البدلة السوداء قدمه على صدر مُراد حاملًا خنجره اللامع، ومستعدًا لطعنه.

وكان خلفه القاتل الآخر الذي ركله مُراد للتو عندما كان منكبًا على لؤلؤة، ويُمزق ملابسها، أخذ يستعجله قائلًا: "سامي، لقد عززت عائلة لؤلؤة قوتها، علينا التفتيش ورائهم، لا نملك الكثير من الوقت، سوّي أمريهما سريعًا، ولا تقترف أي أخطاء"

أتعلم أمرًا؟

إن سامي غير راضي عن هذا الأمر، فلولا شهوته تجاه لؤلؤة، لقتلها منذ فترة طويلة.

ولكن هذا الوقت ليس مناسبًا لمناقشة ما عليه فعله، طعن سامي مُراد مباشرةً في صدره،

وتناثر الدم في كل مكان.

وقبل موته، عضّ مُراد على أسنانه، وأمسك فخذ سامي بقوة، ثم صاح بلؤلؤة.

"اركضي سريعًا"

"لا بأس إن فقدت حياتي عديمة القيمة، لا تهتمي لأمري"

قبل موته، وجّه مُراد ابتسامة حزينة لـ لؤلؤة، فعلى الرغم من استيائه، إلا أنه احتفظ بأخلاقه الطيبة لآخر لحظة في حياته.

لن يكون طيبًا في حياته القادمة.

تضمنت ابتسامته الحزينة العديد من الأمور، ومنها الألم، والكآبة، واليأس من الحياة.

ارتجف جسد لؤلؤة الحساس، ويبدو أنها أدركت أن هشاشته الداخلية وحُزنه لا يُشبها تمامًا شجاعته الخارجية، وصلابته.

لم تهرب لؤلؤة، فقد أدركت أنها لن تتمكن من ذلك، حتى وإن مات مُراد.

بعدما رأته يحتضر، شحب وجهها الجميل، وجلست أرضًا.

وبالرغم من أنه أساء إليها بطرقٍ مُختلفة من قبل، ولكنها حزنت شديدًا كما هو متوقع، لأنه مات لأجل إنقاذها.

وفي هذه الأثناء.

سال الدم من صدر مُراد، وغطى سريعًا القلادة المُعلقة في رقبته.

لم يلحظ أحد أن ضوءًا أبيضًا خرج من القلادة، وتدفق شعاع خافت إلى جسد مُراد عبر الجرح.

"أنا كبير عائلتك، وأتّصف بالخلود، ويُمكن لشخصٍ مُقدّر من أسلافي أن يرث صفاتي…"

اندفعت أشياء مُختلفة نحو دماغ مُراد واحدة تلو الأخرى.

وبدأ وجهه الشاحب يتورّد بنحوٍ غير طبيعي في لمح البصر، وظهرت قوة عجيبة في جسده.

"لؤلؤة، لقد حان دوركِ الآن"

ابتسم الرجل ذو البدلة السوداء للؤلؤة ابتسامةً صفراء، وسار نحوها حاملًا الخنجر.

كانت لؤلؤة جالسة على الأرض يملأ عينيها اليأس والحُزن.

"انتبه!"

في تلك اللحظة، صاح الرجل الذي خلفه بغضب، ولكن بعد فوات الأوان.

أمسك مُراد بالخنجر الواقع على الأرض، ونهض فجأة، ثم طعن الرجل ذا البدلة السوداء بقميصه من الخلف.

"أنت..."

استدار الرجل ذو البدلة السوداء، ونظر إلى مُراد بذهول، ثم سقط جسده على الأرض مُصدرًا صوتًا قويًا، وعاجزًا عن إغلاق عينيه.

يا مُراد كيف عُدت إلى الحياة؟

الفصول ذات الصلة

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل4

    اكتسب مُراد قوة لا مُتناهية بعد عودته للحياة، وبالرغم من أنه حينذاك لم يتمكن من السيطرة عليها، إلا أن مواجهته لقاتلين عاديين كان أكثر من كافٍ، لذلك استغّل مُراد هروب القاتل الآخر قبل مُواجهته، وأمسكه بقوة، ثم تدحرجا إلى الماء بينما يتضاربان.هل سيكون مصيرهما الموت؟ظهر في عينّي لؤلؤة تعابير مُعقدة، بالرغم من أن ذلك الرجل كان مزعجًا للغاية، إلا أنهما التقيا بمحض الصدفة، فلماذا يُضحي فجأة بنفسه متعمدًا لأجلها؟لم تحملها قدميها في تلك اللحظة، فزحفت إلى جانب الماء، وشعرت بمشاعر مُعقدة، فكانت تريد أن يخرج مُراد، وأرادت ألا يخرج أيضًا، لأنه رأى جسدها الشريف والحساس ولمسه، كما أنه قبّلها.أخذت لؤلؤة تعض على شفتيها منتظرةً إياه لفترةٍ طويلة، ولكنه لم يخرج، ولم تعرف لوهلة إن كانت تريد أن يعود ذلك الرجل مجهول المصير، أم تريده أن يموت.ولكن دموعها انهمرت لا إراديًا، ولم تتمكن من إيقافها…لم يمضِ الكثير.ارتفع صوت بوق سيارة، حيث تعقب العديد من الحرس الشخصي لعائلة لؤلؤة مسارها وأتوا.كانت تضع ملابس مُراد وانتظرت طويلًا وبعدما تأكدت من أنه لن يخرج، قالت بلطفٍ للنهر: "اسمي لؤلؤة، فلتبحث عني

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل5

    "سيدتي مها، أعتذر لكِ ولكن وفقًا لقانون الزواج، لا بد من الالتزام بفترة تهدئة الطلاق لمدة شهر""بالإضافة إلى ذلك، زوجك لا يملك بطاقة هويته، فلا يمكننا إتمام الطلاق على الفور"قالت الموظفة هذا الكلام بلطفٍ شديدٍ وهي تعيد لمها الأوراق المتعلقة بالطلاق."هذا هراء! أيّ طلاقٍ يحتاج لفترة تهدئة؟" "استدعي مدير المكتب فورًا لإنهاء الإجراءات!"صرخ شاهين بغضبٍ وهو يضرب على الطاولة بقوة.تغيرت ملامح الموظفة ولكنها ما زالت تحافظ على هدوئها وقالت بلطف: "سيدي، أنا ألتزم بالإجراءات القانونية…"صاح شاهين بغطرسة: "كفاكِ تلاعبًا معي""قلت لكِ استدعي مدير المكتب الآن! هل أنتِ صماء؟"جذبت هذه الضجة انتباه الكثير من الحاضرين، حيث بدت عليهم علامات الاستغراب.فمثل هذه الفوضى لم تحدث من قبل في مكتب الأحوال المدنية.لم يمضِ وقت طويل حتى انتبه كبار المسؤولين للأمر، فهرع مسؤول قوي البنية في منتصف العمر نحو المشهد بخطوات سريعة."السيد شاهين هنا!"قال المسؤول مبتسمًا، محاولاً تهدئة الأجواء: "سيد شاهين، اهدأ رجاءً، الموظفة سندس لم تكن تعرف شيئًا عن شخصيتك المرموقة ولم تقصد الإساءة إليك، أرجو منكَ أن ت

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل6

    "يا آنسة لؤلؤة، هل أتيت للقائي؟"استقبلها شاهين بابتسامة متملقة، وكان مظهره أشبه بكلب صغير يهز ذيله، ولم يبقَ إلا أن ينحني لها ويعبر عن إعجابه بهذا الملاك.لم تلتفت لؤلؤة إلى شاهين على الإطلاق، بل ألقت نظرة على المكان، لتتوقف أخيرًا عند مُراد وظهرت ملامح الانفعال على وجهها الجميل والبارد.لقد بذلت جهدًا كبيرًا ليلة أمس ولم تتمكن من العثور على جثة مُراد.كانت واثقة تمامًا أن مُراد لم يمت!هذا الوغد الصغير استغلها كثيرًا، فكيف يمكن أن يموت بهذه السهولة؟بسبب هذا الإصرار، استخدمت نفوذ عائلة باهر في الصباح الباكر وسرعان ما كشفت عن خلفية مُراد، وسمعت عن خطته للطلاق من مها اليوم.لذلك، سارعت إلى قسم الأحوال المدنية على الفور، في محاولةٍ لمعرفة ما إذا كانت ستتمكن من العثور على مُراد.وكما توقعت، رأت شخصًا يشبه مُراد كثيرًا، لكن الرجل كان جالسًا على الأرض دافنًا رأسه بين ذراعيه، فلم تستطع رؤية وجهه بوضوح أو التأكد إن كان هو الشخص الذي تبحث عنه!في تلك اللحظة، ومع ظهور لؤلؤة، توقف الحارسان عن ضرب مُراد.شعر مُراد بأن الجو أصبح غريبًا بعض الشيء، فرفع رأسه ليلتقي بنظرة لؤلؤة الصافية وال

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل7

    صوت صفعة!علا صوت واضح لصفعة، حيث رفعت لؤلؤة يدها، وصفعت مها بقوة."أيتها الوقحة! كيف تجرؤين على ضربي؟ سأقتلك..."غطت مها خدها واحمرّت عينيها غضبًا، فأسرعت نحو لؤلؤة بينما تكشّر عن أنيابها.أصدرت لؤلؤة رد فعل سريع وصفعت مها بقوة على خدها الآخر بظهر يدها.لم يسبق لمها أن تعرضت لمثل هذه الإهانة، فذهبت بخطواتِ متعثرة إلى شاهين تشتكي له باكيةً: "يا زوجي، لقد ضربتني تلك الوضيعة، أريد منك أن تثأر لي""انتقم لي"استشاط شاهين غضبًا وصفع مها، فسقطت أرضًا.ذُهلت مها من الصفعة، وظهرت الحيرة على وجهها، "يا زوجي، لقد طلبت منك أن تضربها، لماذا ضربتني؟""إنكِ من تستحقين الضرب""ألا تعلمين من تكون؟ إنها الآنسة لؤلؤة من عائلة باهر""هل تريدين القضاء على عائلة شاهين؟"صاح شاهين غاضبًا.صُدمت مها بالكامل، لقد أدركت للتو أنها تسببت بكارثة كبيرة.انضمت عائلة شاهين إلى طبقة الأثرياء حديثًا في مدينة المنصورة، وتندرج قوتها إلى قوى الدرجة الثانية على الأكثر، فإن قوتهم أقل بكثير مقارنةً بالقوة الحقيقية ذات الدرجة الأولى الخاصة بعائلة باهر.فحتى إن جاء والد شاهين بنفسه، فلن يجرؤ على الإساءة إليها

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل8

    ازدادت مها غضبًا كلما فكرت في الأمر.نهض شاهين من على الأرض، ووجهه مغطى بالكدمات ومليء بالغبار، يبدو عليه الضيق الشديد."هذا مستحيل!"صرخ شاهين بغضبٍ مكبوتٍ، قائلًا: "لؤلؤة هي الإبنة الكبرى لعائلة باهر، مكانتها مرموقة للغاية لا يضاهيها أحد، ولم يستطع أبناء العائلات الثرية ولا أصحاب الجاه والنفوذ في المنصورة جذب انتباهها، فكيف يمكن أن تهتم بشخص بلا قيمة مثل مُراد؟""ربما التقيا فقط بمحض الصدفة"ظل شاهين يهمهم وهو يدلّك وجهه المتألم.فإنه يرى لؤلؤة بمثابة الملاك التي يُصعب الوصول إليه، بينما كان مُراد في عينيه مجرد شخصٍ تافه، حتى ولو حدث المستحيل، فلن يصدق أبدًا أن هناك أي علاقة بين لؤلؤة ومُراد!"صحيح، إلا إذا فقدت لؤلؤة عقلها، عندها فقط يمكن أن تهتم بمثله""لا! حتى ولو فقدت لؤلؤة وعيها، فمن المستحيل أن تميل إلى هذا الشخص التافه!"قالت مها ذلك بابتسامة متعالية، وبدأت تشعر بالراحة وكأن الأمور بدأت تعود إلى نصابها.ثم أضاف شاهين بملامح مليئة بالحقد: "لا يهم كيف هي طبيعة علاقتهما""على كل حال، بما أن هذا التافه سبّب لي هذا الضرر، فلن أجعله يفلت بما فعله أبدًا!"لكنه لم يستطع ا

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 9

    "نسمة، ما الأمر؟""ما الذي حدث؟"سأل أدهم."يا سيدي، لقد أتيت في الوقت المُناسب، يوجد مُتسولان يُثيران الفوضى هنا، مما يؤثر على صور فُندقنا..."أشارت المُشرفة بيدها نحو لؤلؤة ومُراد، وبدا على وجهها الاحتقار والجفاء.نظر أدهم بالاتّجاه الذي تُشير إليه، فلمح سريعًا لؤلؤة.شعر بالذهول من النظرة الأولى، واندهش بمظهرها الفاتن ورُقيّها.وللوهلة الثانية تغيرت ملامحه تمامًا وأخذت جبهته تتصبب عرقًا. لا تظهر لؤلؤة عادةً في الأماكن العامة، وليست شخصية بارزة في مجال الأعمال ولا يعرفها إلا القليل من الأشخاص.كما أن أدهم لا يستوفي الشروط المطلوبة أساسًا لمعرفة لؤلؤة.تُدير شركة باهر أعمال كُبرى وتمتلك العديد من الصناعات وعادة عندما تستقبل ضيوف موقرين أو عُملاء كِبار للشركة، فإنها تُنظم لهم إقامة في فندق الجزيرة.لقد حالف أدهم الحظ وقابل لؤلؤة مرة مُسبقًا.مما جعله يتعرف على هوية لؤلؤة الرفيعة من الوهلة الأولى.خشيّ أدهم في تلك اللحظة أن ترتخي ساقاه وكان على وشك أن يجثو مباشرةً على ركبتيه.حيث لا يُمكنهم الإساءة إلى أشخاصٍ مثلها."أين حرّاس الأمن؟ أين الأمن؟""ما الفائدة من عملكم ب

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 10

    بعد سلسلة من الأفكار العشوائية، عاد مُراد إلى وعيه سريعًا اقترب من لؤلؤة وجذب ذراعها برفق، ثم قال بصوتٍ منخفضٍ: "لؤ... لؤلؤة، دعكِ من هذا، فقد اعتدت الأمر على أي حال..."شعرت لؤلؤة بألمٍ في قلبها، فقد أحست بالحزن والعجز في كلمات مُراد وشعرت بانكساره أيضًا."آنسة لؤلؤة، كل هذا بسبب خطأ نسمة، أعدُكِ أنني سأؤدبها بشكلٍ جيدٍ لاحقًا. أرجوكِ، كوني كريمة وامنحيها فرصة لتصلح أخطاءها"قال أدهم بصدق.بدأت الأفكار تتصارع في ذهنه، وعزم في قرارة نفسه أنه مهما حدث، لن يسمح لنسمة بمواصلة تصرفاتها الطائشة، وإلا فحتى لو نجا هذه المرة، فسيأتي اليوم الذي ستدمره فيه!"انهضي!""بما أن صديقي قد شفع لكِ، سأعطيكِ فرصة واحدة، آمل أن تحسني التصرف في المستقبل!"قالت لؤلؤة بنبرة باردة.العفو أفضل عند المقدرة.لطالما كانت تفضل عدم استغلال مكانتها لإذلال الآخرين، ولا ترغب بالنزول إلى مستوى الأشخاص العاديين."شكرًا لكِ يا آنسة لؤلؤة، وشكرًا لك أيها السيد..."شعرت نسمة وكأنها نالت عفوًا كبيرًا، فنهضت، لكن ملابسها من الخلف كانت قد ابتلت تمامًا بالعرق دون أن تدرك.في تلك اللحظة، انتبه العديد من الزبائن

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 11

    "بالمناسبة يا مُراد، رأيت ذلك الشرير ليلة أمس وهو يطعن صدرك بالخنجر""هل جرحك بخير؟""هل تحتاج أن أذهب معك إلى المستشفى؟"سألته لؤلؤة بقلق.كانت لؤلؤة قد رأت بوضوح ليلة أمس أن الخنجر اخترق صدر مُراد.لكن الغريب هو أنه الآن يبدو بصحةٍ جيدةٍ وكأن شيئًا لم يحدث.مما جعلها تتساءل عما إذا كانت قد أخطأت الرؤية في تلك اللحظة؟أجاب مُراد: "لا بأس""الجرح ليس خطيرًا"ثم لمس صدره بشكل لا إرادي، إلا أن لمس الجرح جعل الألم يظهر على وجهه، فلم يستطع منع نفسه من التأوه بهدوء."ماذا يحدث؟""هل يؤلمك؟""لنذهب إلى المستشفى الآن!"قالت لؤلؤة وهي تنهض بقلق."لا أتألم""كان الألم لحظيًا، ثم اختفى""لا أعتقد أنني بحاجة إلى المستشفى"مرر مُراد يده على الجرح مرة أخرى، وأحس بأن الألم بدأ يخف تدريجيًا.أراد أن يخلع قميصه ليتفحص الجرح، لكنه شعر بالخجل أمام لؤلؤة، فلم يفعل."اخلع قميصك، دعني أرى كيف حال جرحك"قالت لؤلؤة وهي ما زالت قلقة."هذا..."شعر مُراد بالإحراج، فخلع ملابسه أمام فتاة جعله يشعر بعدم الارتياح."أسرع واخلعه!"استعجلته لؤلؤة بقلق، وقد نسيت تمامًا أن مُراد رجل، بل رجل مفعم

أحدث فصل

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 30

    شعر مُراد بألمٍ حاد على خده، فغطى وجهه بيده وهو يشعر بالغضب الشديد، كان متأكدًا أن خالد قد فعل ذلك عمدًا!ومع ذلك، فقد اعتاد على السخرية والإهانة خلال السنوات الثلاث التي قضاها متزوجًا في عائلة عامر، وقد طمست مها كل الحدة في شخصيته.اختار في النهاية أن يكتم غضبه ويتحمل مضايقات خالد.صرخ خالد بغضب: "ماذا تنتظر!""قم بجمع كل القطع المكسورة ونظف المكان!"مُراد حاول كبت غضبه، وركع ليجمع القطع الخزفية المكسورة من على الأرض.ضحك خالد بسخرية وقال: "أتريد أن تتحداني؟ أنت مجرد كلب أعمى، ما زلت صغيرًا جدًا لتلعب هذه اللعبة!"ثم داس بقوة على ظهر يد مُراد وأدار قدمه بقسوة.كانت يد مُراد مليئة بالقطع الحادة من الخزف، وتدفق ألم شديد عبرها، مما أدى إلى تمزق جلده فورًا وسال دمه بغزارة. شهق مُراد من الألم وسحب يده بسرعة، مسببًا انزلاق قدم خالد المفاجئ، ما أدى إلى سقوطه أرضًا وارتطامه بشدة، لينتهي به الأمر مستلقيًا على ظهره.صرخ خالد غاضبًا: "أيها الحقير، سوف أقتلك!"أمسك خالد بقطعة من سيجارته، محاولًا أن يحرق بها وجه مُراد.تفاجأ مُراد ورفع يده ليتصدى للهجوم، لكن قطعة السيجارة لامست جرحه ا

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 29

    على الأقل ضميره لن يسمح له أن يمر بهذا الموقف بسهولة.صرخ خالد: "لا يهمني من تكون، غادر فوراً وإلا لن أكون لطيفًا معك!"كاد خالد أن ينفجر من الغضب، ونظراته كانت مليئة بالكراهية تجاه مُراد.كان مُراد مترددًا.لكن لؤلؤة كانت في ظهره وتدعمه، ولذلك لم يكن يخشى تهديدات خالد.ولكن لؤلؤة أوضحت له من قبل أنها لا تريد الكشف عن العلاقة بينهما، ولا ترغب في أن يستغل مُراد هذه العلاقة في الشركة.إضافة إلى ذلك، خالد كان رسميًا رئيسه المباشر وأحد الشخصيات المؤثرة في الشركة، ممثلًا لمصالح العديد من القيادات العليا.إذا دخل في مواجهة مع رئيسه في أول يوم له في العمل، فلن يكون ذلك في صالحه.وإذا تفاقمت الأمور ونتج عنها آثار سلبية داخل الشركة، فإن صورة مُراد أمام لؤلؤة ستتدهور كثيرًا.رأى خالد أن مُراد التزم الصمت، فظن أنه خائف وضحك ساخرًا: "ماذا تنتظر؟ غادر فوراً!"مُراد، وقد قرر أخيرًا، قال: "أيُها المدير خالد، جئت لأقدم نفسي لك حسب القواعد والإجراءات، وإن طلبت مني المغادرة، فهذا لا يبدو مناسبًا أليس كذلك؟"لقد اتخذ قراره النهائي.عندما أنقذ السيد عامر دون تردد وقبل أيام خاطر بحياته لإنقاذ ل

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 28

    "أيُها المدير خالد، أرجوك دعني وشأني..."قالت سلمى بنبرةٍ يائسة وملامحها تعكس حيرة عميقة، إذ لم تكن تعرف ما الذي يجب أن تفعله.رد خالد مبتسمًا بخبث: "يا سلمى، النساء الجميلات مثلكِ خلقن ليُعجب بهن الرجال. يجب عليكِ استغلال هذه الميزة جيدًا!""لا تقلقي، طالما أنكِ ستكونين معي، أضمن لكِ الترقية وزيادة الرواتب. ستحصلين على كل ما تريدين في الشركة!"ضحك خالد ضحكة شيطانية وانتهز لحظة انهيار دفاعاتها النفسية ليحتضنها ويبدأ في محاولة تقبيل وجهها الجميل.حاولت سلمى المقاومة ولكن كلما تذكرت صورة والدتها المريضة في السرير، وحاجات شقيقها الدراسية، شعرت بالعجز عن المقاومة، وفقدت كل الشجاعة.في لحظة من اليأس الشديد، استسلمت تمامًا وامتلأ وجهها بالحزن.ثم فجأة، سمعوا طرقًا على الباب ودخل مُراد وهو يحمل بعض أوراق الانضمام للشركة من قسم الموارد البشرية.تجمد مُراد للحظة عند رؤية المشهد في المكتب، غير قادر على فهم ما يحدث.استفاقت سلمى فجأة ودفعت خالد بعيدًا، وقد احمرّ وجهها خجلًا.كان خالد على وشك تحقيق هدفه، ولكن مُراد قاطع المشهد، مما أشعل غضبه. نظر بغضب شديد إلى مُراد وقال: "من أنت أيها ال

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 27

    في المكتب.جلس خالد، الذي يبلغ من العمر حوالي خمسين عامًا، ذو الرأس الأصلع والجسم الممتلئ قليلًا، خلف مكتبه.أمام مكتبه كانت تقف فتاة شابة ملامحها تبدو عليها علامات التوتر، ويديها متدليتين بجانبها.كانت الفتاة بالواحد والعشرين أو الثانية والعشرين من عمرها، ملامح وجهها دقيقة وجميلة، تبدو هادئة وعلى وجهها نظارة سوداء كبيرة تخفي جمال ملامحها.جسدها صغير وملابسها بسيطة، لكن ذلك لم يخفِ جمالها الطبيعي.اسم الفتاة التي تقف أمامه هو سلمى، وهي إحدى سكرتيرات الرئيس التنفيذي الثلاث في الشركة، مكانتها الوظيفية مثل مُراد، حيث كان مُراد سكرتيرًا إداريًا وهي سكرتيرة شخصية.بالإضافة إلى ذلك، فإن سكرتير الرئيس التنفيذي له رئيسان مباشران، الأول هو الرئيس التنفيذي نفسه والثاني هو مدير مكتب الرئيس التنفيذي.قال خالد وهو ينظر إليها بعينين ضيقتين ووميض خبيث في عينيه: "أيتُها السكرتيرة سلمى، لقد مر شهر منذ انضمامكِ إلى الشركة. صحيح أن أداؤك في العمل جيد، لكن ردود أفعالك ليست سريعة بما يكفي.""لستُ راضيًا تمامًا عن أدائكِ!""برأيكِ، كيف يمكننا حل هذا الأمر؟"شعرت سلمى بالصدمة وانحنت بسرعة قائلة: "أ

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 26

    "لا أرى أنه سيء لهذا الحد..."احمر وجه لؤلؤة الجميل بشكلٍ ملحوظ لوهلة.ما كانت تتحدث عنه مع هيام قبل قليل كان مجرد حديث بين الصديقات.ولكن هيام قامت بشيءٍ غير متوقع، حيث ذكرت كل شيء أمام مُراد مباشرة.في تلك اللحظة، شعرت لؤلؤة بالحرج الشديد ولم تكن تعرف كيف تواجه مُراد.أما هيام، فقد كانت أكثر إحراجًا، فقد شعرت برغبة في البكاء بسبب خيبة أملها. لقد كانت تترقب ذلك الرجل بشدة، حتى أنها بدأت في الإعجاب بهذا الرجل المثالي في مخيلتها!لكنها لم تكن تتوقع أن الرجل الذي كانت تعتبره قويًا وشهمًا، كان في الحقيقة الرجل الخنيث الذي قابلته للتو!كانت تلك ضربة قاسية لها!لقد شعرت وكأن لؤلؤة قد وضعتها في مأزق!تنفست لؤلؤة بعمق وهدأت نفسها أولاً.ثم قالت، "مُراد، أنا بحاجة إلى سكرتير إداري بجانبي، أريد تعيينك في هذا المنصب، ما رأيك؟""إذا لم يعجبك المنصب، يمكنني تغيير الوظيفة لك!"قال مُراد بحماس، "بالطبع يعجبني! أنا سعيد جدًا."كان مُراد في غاية السعادة، إذ كانت الوظيفة التي عرضتها عليه لؤلؤة أفضل بكثير مما كان يتوقع، كما أنه سيكون بجانبها دائمًا ويتعلم منها الكثير من الأمور، وهذا شيء لم

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 25

    "أنا بخير، كل الفضل يعود لمُراد الذي أنقذني..."هزت لؤلؤة رأسها وأخبرت هيام بكل ما حدث بالتفصيل.كانت هيام زميلة الجامعة وأقرب صديقة للؤلؤة.لم يكن لدى لؤلؤة الكثير من الأصدقاء وكانت هيام صديقتها المقربة الوحيدة.بالطبع، الجزء المتعلق بمعاكسته لها لم تخبرها به؛ فمثل هذه الأمور لا تُقال حتى للأخوات."هل تقولين إن هذا الرجل الغريب عنكِ تماماً، لم يكتفِ بحمايتك بل تصدى لضربة سكين وحتى أنه كاد يفقد حياته لحمايتكِ!""هذا هو الرجل الحقيقي!""لابد أن التواجد بجانبه يُشعركِ بالأمان للغاية!"قالت هيام وعيناها تلمعان. لقد كانت معجبة بالرجال الأقوياء الذين يظهرون في المسلسلات العسكرية بسبب شعورها بعدم الأمان منذ صغرها.لكن للأسف، كانت تلك مجرد مسلسلات ولم تصادف يوماً رجلاً حقيقياً مثلهم.لكن الآن، ظهر أمامها مثال حي.من خلال وصف لؤلؤة، استطاعت هيام تقريباً أن تتخيل المشهد الخطر والشعور بالأمان لذي لطالما افتقدته."نعم، في المجتمع الآن أصبح الناس غير مبالين، من النادر جداً أن نجد مثل هذا الشخص الشجاع.""لو لم يحمِني في ذلك الوقت، كنت سأفقد حياتي بالتأكيد."قالت لؤلؤة وهي متأثرة.عند

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 24

    نزلت امرأة طويلة القامة ذات قوام ممشوق من السيارة."آسف، آسف..."سارع مُراد بالاعتذار.شخصيته دائماً كانت متسامحة ولا يحب أن يتجادل مع الناس، حتى لو كان الخطأ من الطرف الآخر، إلا أنه يبادر بالاعتذار."كيف تقود دراجتك بهذا الطيش؟ هل فقدت بصرك؟"تأففت المرأة ذات القوام الطويل، وبدت غير راضية.عبس مُراد قليلاً، فالموقف بسيط جداً، لكن تصرف المرأة المتعجرف جعله يشعر بعدم الارتياح: "سيدتي، من الواضح أنك فتحت باب السيارة دون أن تنظري في المرآة الجانبية ولا أظن أن اللوم يقع عليَّ.""ثم إني قد اعتذرت بالفعل، ألا يمكنكِ أن تكوني أكثر تفهماً؟""أنت تقول إنني غير منصفة؟"غضبت المرأة طويلة القامة وألقت نظرة باردة على دراجة مُراد الوردية باحتقار: "يالها من دراجة بالية تلك التي تقودها والأسوأ أنها وردية!""رجلٌ كبير بالغ يتصرف كأنثى، كم هذا مقزز!""لون ما أركبه لا يعنيكِ بشيء!""يا أنت... لا تدفعني إلى الجنون!"احمرت وجنتا مُراد فوراً.من الواضح أنها هي من فتحت الباب عليه، وبدلاً من الاعتراف بالخطأ، تقوم بإهانته وتصفه بالخنيث!مهما كانت طيبته، لم يستطع أن يتحمل إهانة كهذه.في هذه الأث

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 23

    قالت لؤلؤة بصدمة: "ليس لديك رخصة قيادة؟""هذا سيكون مزعجًا بعض الشيء."فكرت لؤلؤة قليلاً، وكأنها تذكرت شيئًا: "هل تعرف كيفية قيادة دراجة نارية رياضية؟""نعم، أعرف كيفية قيادتها ولدى رخصة قيادة."أومأ مُراد برأسه. في السابق، كانت مكانته في عائلة عامر أسوأ من الكلب، ولم يكن لدىه الحق في قيادة سيارة.لكن عائلة عامر كانت تحتاجه غالبًا لتوصيل بعض الأشياء، فخصصوا له دراجة نارية قديمة مستعملة لتسهيل المهمة."حسنًا، هذا جيد.""لدى هنا دراجة نارية رياضية، هدية عيد ميلادي من عمتي العام الماضي.""لا أستخدمها كثيرًا على أي حال، لذا سأعطيك إياها لتستخدمها كوسيلة نقل."سحبت لؤلؤة مُراد إلى الزاوية، حيث كانت هناك دراجة نارية رياضية وردية اللون تبدو مذهلة."لا تستهين بهذه الدراجة النارية، فهي تكلّف على الأقل أكثر من مليون دولار...""ماذا؟""أكثر من مليون؟"صُدم مُراد لدرجة أن فكّه كاد يسقط على الأرض."نعم، أذكر أن عمتي قالت إن هذه الدراجة النارية الرياضية تم تصنيعها بواسطة رولز رويس كإصدار محدود خاص، ويبدو أن سعرها حوالي 1.7 مليون دولار!"تذكرت لؤلؤة.صُدم مُراد، وقال في نفسه أن الأثري

  • انتقام الزوج من طليقته   الفصل 22

    بعد تناول العشاء، غادر مُراد ولؤلؤة منزل عائلتها وعادا بالسيارة إلى فيلّا التجمع. في ذلك الوقت، كانت الخادمة أمينة قد رتبت غرفة الضيوف لمُراد ليقيم فيها.استلقى مُراد على السرير أخيرًا، حيث استطاع أن يهدأ قليلاً، حيث قرر أن يدرس تراث أجداده بتمعن. بمجرد أن أغلق عينيه، تدفقت إلى ذهنه كميات هائلة من الذكريات المتعلقة بهذا الورث، والتي تضمنت أنواعًا مختلفة من كتب المهارات. من بينها كتب طب قديمة وأساليب اعتكاف سحرية وغيرها الكثير...ماذا؟ هناك أيضًا ما يسمى بالاعتكاف الثنائي؟ سعل مُراد قليلًا وقرر التركيز على فهم معنى الاعتكاف. فالمقاتلون يسعون وراء طريق القوة ويعتمدون على تدريب قدراتهم على التحكم الداخلي. أما في الاعتكاف، فيسعون وراء فهم الحياة من خلال استيعاب طاقة الطبيعة.وبالمقارنة، فإن أسرار الاعتكاف أعمق بكثير من فنون القتال. لكن مع مرور آلاف السنين، اندثرت هذه الأسرار تمامًا، وحتى المقاتلون المتمرسون أصبحوا نادرين.من الواضح أن هذه الأسرار تعتبر شيئًا عظيمًا، لذا يجب أن يتدرب عليها جيدًا.أزال مُراد كل الأفكار المشوشة من عقله، وجلس متربعًا على السرير وبدأ في ممارسة التأمل.با

امسح الكود للقراءة على التطبيق
DMCA.com Protection Status