"أمي، أنا وأختي بخير"، قالها مالك بهدوء و ثبات.امتلأ قلب وفاء بالارتياح، ممتنة لأن الصغار لم يصابوا بجروح خطيرة، ويبدو أن الطرف الآخر قد فرمل في الوقت المناسب، مما جعلها تتنفس الصعداء."يا صغاري، ستلقي أمكم نظرة على ما حدث. ابقيا بهدوء في السيارة"، تنهدت و فكت حزام الأمان، ثم فتحت الباب وخرجت من السيارة.خرج سائق السيارة الأخرى خلفها أيضًا وفحص حالة السيارة، ووجهه ممتلأ بالغضب، ثم ألتفت إلى وفاء وسألها، "كيف كنت تقودين؟ كنت تقودين بسلاسة، ثم توقفتِ فجأة على الطريق!"قالت وفاء:"أنا آسفة حقًا، يبدو أن سيارتي تعطلت" ، وهي تعلم أن ذلك كان خطأها، واعتذرت بصدق، ونظرت إلى سيارتها ثم إلى السيارة الأخرى.تشحب وجها وتحول للون الأبيض على الفور عندما تعرفت على نوع السيارة أمامها - كانت سيارة مرسيدس مايباخ- و إصدار محدود على مستوى العالم، بل وسعرها لا يقل عن 500 ألف دولار.كانت وفاء على دراية أن المسؤولية هذه المرة تقع على عاتقها، وسيتعين عليها تحمل تعويض الحادث.أصيبت بفزع شديد بينما كانت تفكر في حجم التعويضات المالية التي ستضطر لدفعها. كانت الأسرة تكافح ماليًا خلال العامين الماضيين بسبب مرض جدت
بالنظر إلى هيئته فالرجل الذي يقف أمامها يبدو وكأنه ليس هو الشخص المسئوول.و من المؤكد أن مالك السيارة يجلس في المقعد الخلفي.وبطريقة عفوية انحرفت نظرات وفاء تجاه الراجل الجالس بالمقعد الخلفي، مرتدياً بدلة سوداء أنيقة، ذو هيبة ووقار،تنبع ملامحه بسحر خارق للطبيعة يجذب العيون ويفرض الاحترام.ومع ذلك، زينت شفتيه بشحوب غريب، مما يشير إلى ضعفه وكان يستريح، وعيناه مغلقتان.جلس بجانبه رجل أصغر سناً يرتدي نظارة ذات إطار ذهبي، لقد بدا ناضجاً وثابتاً. كانت عيناه الحادتان تلمعان بالذكاء، لكن ارتسم ظلًا من القلق على حاجبيه. كسر الصمت قائلاً: "حامد، فلنترك لهذه السيدة الكارت الشخصي. ولنناقش معها موضوع التعويض لاحقًا. في الوقت الحالي، دعنا ننقل السيد الشاب إلى منزل السيد جمال. لا يمكننا إضاعة المزيد من الوقت هنا."بينما كانوا يتحدثون، وجدت وفاء نفسها تقترب من السيارة، واعتمادا على حاسة الشم القوية لديها، شمت رائحة الدم القوية المنبعثة من السيارة. لم تستطع إلا أن تتجهم، وحدثها قلبها أن الرجل الذي في السيارة ربما قد أصيب، و لم تستطع أن تمنع نفسها من تكرار النظر تجاه عين هذا الرجل، للوهلة الأولى شعرت
أخذت وفاء نفسًا عميقًا لكن مايزال قلبها مثقلاً بالقلق.اتصلت أولا بشركة متخصصة في نقل السيارات بعد الحوادث و شرحت لهم العنوان،بعدها اتصلت بالشرطة.بعد فترة وجيزة، وصلت الشركة والشرطة لمكان الحادث. أخذ الضابط منها بيانًا موجزًا عما حدث، وعندما علم أن الأمر قد تم تسويته بينهم، أنهى الأمور بسرعة ولم يطل في الحديث.شاهدت وفاء سيارتها وهي تُسحب بعيدًا، وامتلأ قلبها بخليط من المشاعر المختلفة.قال ضابط المرور: "أستاذة وفاء، من فضلك تعالي معي إلى قسم الشرطة لعمل محضر."أومأت برأسها، وأمسكت بأيدي صغارها بينما صعدوا إلى سيارة الشرطة. وبحلول الوقت الذي عادوا فيه إلى المنزل، كان الليل قد حل.وفي الوقت نفسه، وفي مكان آخر، توقفت سيارة هيثم عند الصيدلية المملوكة لعائلة السيد جمال. وكان مساعده عماد أول من قفز خارج السيارة، وفتح الباب، وحمل هيثم للداخل بمساعدة السائق.بمجرد أن وصل للداخل اتجه ناحية موظفة الاستقبال و سألها بسرعة:" أين السيد جمال؟"تقدمت موظفة الاستقبال بسرعة، وقادته إلى الداخل قائلة:"السيد جمال ينتظرك منذ وقت طويل، من فضلك ادخل بسرعة."سرعان ما تم إدخال هيثم إلى داخل الغرفة. الغرفة التي
عماد الواقف بالجانب الآخر أصيب بالدهشة أيضاً و سأل بسرعة:"سيد جمال، هل لديك المزيد؟ إذا كان لديك، نأمل أن تتمكن من بيع بعضه لنا! مهما كانت الكمية المتاحة لديك، سنأخذها!"قد يعني هذا أن السيد هيثم لن يضطر إلى المعاناة كثيرًا بعد الآن.ضحك السيد جمال بشئ من المرارة و العجز: "هل تعتقد أن هذا هو العشب الذي يمكنك شراؤه بهذه السهولة؟ لقد أخبرتك، إنه نادر!""إذن ..." كان من الصعب رؤية بصيص الأمل في هذا الأمر لكن عماد كان لايزال غير راغب في الاستسلام.تابع السيد جمال قائلا: "لقد كانت مجرد صدفة. فالفتاة التي تزودنا بالأعشاب دائما، قد حصلت على هذا القدر القليل منه. عندما سألتها عما إذا كان لديها أي شيء إضافي، قالت إنها لا تملك المزيد."غمرت خيبة الأمل وجه عماد، بينما ظلت ملامح هيثم هادئة إلا أن نظرة الحماس في عينه خفت قليلاً.لقد عانى من مرضه القديم لسنوات عديدة.طوال تلك السنوات، كان يبحث عن أطباء مشهورين في جميع أنحاء العالم، لكن لم يقدم أي منهم أي أمل حقيقي في العلاج بالكامل، على الأقل مع السيد جمال وجد بعض الراحة.الآن بعد أن عرف أخيرًا وجود مثل هذا الدواء المعجزة، كان هيثم يأمل بطبيعة الحال
كانت وفاء تهتم بلا كلل بنباتاتها العشبية الثمينة، وتسقيها بعناية وتقص أي أوراق أو فروع عديمة الفائدة. استهلكت هذه المهمة الدقيقة أكثر من ساعة.وبحلول الوقت الذي انتهت فيه، كان الليل قد غطى السماء بالكامل، تنفست الصعداء أخيراً.وهي تعلم أن الأعشاب التي رعتها للتو كانت نادرة وقيمة بشكل لا يصدق - تساوي مائة مرة- أكثر من تلك التي باعتها للسيد جمال خلال النهار. خلال اليوم جلبت تلك النباتات القليلة أكثر من ثلاثة ألاف دولار، وهذه البراعم الصغيرة، إذا تمت زراعتها بعناية، يمكن أن تنتج ثروات أعظم! كنز لا يمكن تعويضه في سوق يبحث عنها بشدة!أحست وفاء وهي تمسح العرق عن جبينها بإحساس بالراحة يغمرها خاصة عندما فكرت في الطفلين الصغيرين اللذين ينتظرانها في المنزل، شعرت بتحسن كبير وكان لديها ابتسامة على وجهها.بمجرد أن جمعت أدواتها وأغلقت بوابة حديقة الأعشاب الخاصة بها، توجهت إلى المنزل.عندما فتحت الباب، استقبلها مشهد يبعث الدفء و البهجة في القلب، كان طفلاها ملفوفين بمنشفة الحمام، منغمسين في لعبة الشطرنج مع جدتهما .كانت القطتان "مشمش" و"خوخة" تدوران بحماس بجانبهما، وكان المشهد دافئاً ومبهجاً."الجدة
في القاعة، وجدت وفاء نفسها وحيدة. ثابتة في مكانها، غير متأكدة مما إذا كانت ستبقى أم تغادر. تعرفت وفاء بسرعة على الرجل ذو النظارات ذات الإطار الذهبي؛ كان أحد الركاب من حادث السيارة بالأمس وكان يجلس في المقعد الخلفي.أما بالنسبة للرجل الآخر...... ذو الهيبة و الوقار كأنه شخص كان يتمتع بسلطة و مكانة عالية لفترة طويلة، بالإضافة لرائحة الدم التي شمتها في وقت سابق و بالأضافة للوضع الحالي فمن المؤكد أن الشخص الموجود بداخل القاعة كان هو!أدركت وفاء أن هذا الرجل ليس شخصًا يمكن الاستخفاف به، ومن المنطقي أن تغادر على الفور. ومع ذلك، فإن شفقة المعالج شدّت ضميرها. شعرت أنه من الخطأ تجاهل شخص محتاج.وبينما كانت مترددة، صرخ عماد من الداخل بعجالة:"سيدي...."دون أدنى تفكير آخر، خطت وفاء إلى غرفة الاستراحة.بمجرد دخولها، شمت رائحة قوية لأدوية تقليدية. على سرير المستشفى النظيف يرقد رجل وسيم، عيناه مغمضتان، شاحبًا فاقدًا للوعي، ووجنتاه محمرتان بشكل مثير للقلق.كان بإمكانها أن ترى من نظرة سريعة أنه يعاني من الحمى، ولا بد أن الحمى الشديدة استمرت لفترة طويلة.كان عماد و سلوى على الجانب قلقين للغاية وفي
أجابت وفاء بلا حول ولا قوة: "لم تسأل من قبل، لذلك لم أخبرك.أنا بالفعل أعلم ببعض المهارات الطبية." لقد فكرت في الأمر إذا قالت إنها على دراية كاملة بالمهارات الطبية، فسيكون ذلك موضعًا للشك.لقد كانت المهارات الطبية لمعلمها ممتازة، وقد علمها الكثير بالفعل، لذلك يمكنها علاج الأمراض العادية دون أى مشكلة.لم يسمع عماد عنها قبل ذلك، و عبس جبينه وشك في أنها شخص يمكن الوثوق به." تعلمي بعض المهارات فقط، آنسة وفاء هذا ليس مزاح لا يمكنني تعريض حياة سيدي للخطر." قبل أن ينتهي من حديثه، قاطعته وفاء قائلة: "لقد فات الأوان بالنسبة لانتقاله إلى المستشفى الآن. أنفاس سيدك تضعف وحياته في خطر في أي وقت.المكان هنا ليس قريب من المستشفي، فأقرب مستشفي من هنا تبعد حوالي نص ساعة بالسيارة. ومن المحتمل أن تضعه مثل هذه المتاعب في وضع خطير للغاية."شحب وجه سلوى ، لأن ما قالته كان منطقيًا، فماذا يجب أن نفعل الآن؟ "آنسة وفاء، هل لديك أي طريقة لعلاج مرض السيد هيثم؟ إنه في وضع خطر الآن." لم يقل عماد أي شيء، فقط كان يحدق بها، وكان الرد واضح من عينيه. تنهدت وفاء وأجابت بشكل مباشر للغاية: "الطب له حدود، ولا يوجد طبي
لم تقل ذلك بصوت عالٍ. حتى لو فعلت ذلك، فسيكون ذلك بلا جدوى. من الأفضل أن توفر على نفسها مجهود المجادلة.سحبت يدها من معصم ذاك الشخص، واستدارت لتسأل سلوى:"سلوى، هل لديك أي إبر؟ النوع المستخدم في الوخز بالإبر."أضاءت عيون سلوى بالفرح:"نعم! آنسة وفاء، هل تقصدي أنك تستطيعين علاجه؟"همهمت وفاء.كان عماد قلقًا بعض الشيء بشأن مهاراتها الطبية وسألها بلا تردد: "آنسة وفاء، هل أنت جيدة حقًا في هذا؟"ألقت عليه نظرة بلا كلام. لقد شكك هذا الرجل فيها عدة مرات،لقد كثر هذا الهراء.ردت وفاء بغضب: "إذا قلت إنني أستطيع، فأنا أستطيع! هل تعالجه أنت أم أنا؟"أغلق عماد فمه مطيعًا ولم يقل المزيد.ركضت سلوى إلى الطابق العلوي وعادت إلى الأسفل بحقيبة بها مجموعة إبر، مليئة بالإبر بأحجام مختلفة."لن أستطيع إتمام الأمر بمفردي، أحتاج إلى مساعدتكم."أومأت سلوى برأسها: "فقط أخبريني ماذا أفعل."، و لم يتردد عماد أيضًا."حسنًا يا سلوى، من فضلك ساعدي في تعقيم جميع الإبر،" ألتفت وفاء إلى المساعد عماد وقالت:" أستاذ عماد من فضلك ساعده في خلع ملابسه ماعدا ملابسه الداخلية.""آه" قالتها سلوى التي كانت على وشك الذهاب لتعقيم الإبر
"استعد لحزم الحقائب. بمجرد أن أنتهي من مراجعة هذه المستندات، سنتوجه إلى المطار."أومأ عماد برأسه، وألقى نظرة على الساعة. كان الوقت لا يزال مبكراً.ذكر قائلاً:"يا سيد هيثم، بمجرد عودتنا إلى مصر، يجب أن نذهب إلى الآنسة وفاء لأخذ جلسة للوخز بالإبر في أقرب وقت ممكن."أومأ هيثم برأسه موافقًا. لقد حان وقت العلاج بالفعل.ثم توجهوا إلى المطار وشرعوا في رحلتهم إلى أرض الوطن.بعد النزول من الطائرة، فرك هيثم صدغيه، وشعر بالإجهاد. لقد تركته الرحلة الطويلة التي استمرت أكثر من عشر ساعات منهكًا للغاية.خارج المطار، كان سائق عائلة الشناوي ينتظر بالفعل. عند رؤية هيثم، انحنى السائق باحترام وقال، "سيد هيثم، طلب الرئيس حضورك في حفل زفاف ماجد الشاذلي الليلة في الساعة 8 مساءًا."عبس وجه عماد، وتحقق من ساعته: "الساعة الثامنة؟ إنها السادسة بالفعل.أينبغي لنا أن نتوجه إلى هناك مباشرة؟ لقد كان السيد هيثم يعمل بجد طوال الأسبوع ويحتاج إلى الراحة."كان قلقًا بشأن صحة السيد هيثم. في رأيه، يجب أن تكون الأولوية للاتصال بالآنسة وفاء للعلاج.بدا السائق مترددًا، في انتظار قرار السيد هيثم. الذي تفقد الوقت وقال:"لنذهب. لن
"ارتسمت على طرف شفاه عادل ابتسامة انتصار. تحدث ببطء:"لقد تركت والدتك وراءها قلادة، جزء من مهرها، وما زالت معي."شعرت وفاء بالريبة.لماذا يطلب منها فجأة العودة؟ هل كانت هذه القلادة مجرد خدعة لخداعها؟"لماذا يجب أن أصدقك؟"عبست وتساءلت وهي تمسك الهاتف بإحكام."إذا كنت لا تصدقني، يمكنك أن تسألي جدتك. ستؤكد ذلك. لقد أرسلت لك الدعوة بالفعل."كان تعبير وجه عادل ممتلأ بالشر و عيناه تتلألأ بالنصر.أغلقت وفاء الهاتف وهرعت إلى غرفة نوم الجدة ليلى.كانت الجدة ليلى تغني أغنية، وتخيط قطعة ممزقة من الملابس في يدها."جدتي، أحتاج أن أسألك شيئًا." قالت وفاء، ودخلت مباشرة إلى هذه النقطة.توقفت الجدة ليلى عما كانت تفعله ونظرت إليها:"وفاء، تفضلي"كان تعبير وجه وفاء جادًا، مما يشير إلى أنه أمر مهم."قال أبي إن مهر والدتي يشمل قلادة معه. هل يوجد مثل هذا القلادة حقاً؟" سألت وفاء.أومأت الجدة ليلى برأسها:"نعم، يوجد مثل هذا القلادة. كانت هدية من جدك لي عندما كنت شابة. لاحقًا، أعطيتها لفريدة عندما تزوجت."عندما قالت هذا، بدت تشعر بالحنين قليلاً."متى قال لك أن تحصلى عليها؟" سألت الجدة ليلى"في الأربعاء المقبل،
أومأ عماد أيضاً برأسه، موافقاً على كلماتهلقد استمر مرض السيد هيثم لفترة طويلةلقد أهدروا الكثير من الجهد فقط للعثور على شخص يمكنه تخفيف آلامه.و لسوء الحظ، لم يكن الأمر مجدياً، ففي كل مرة يأتي متحمسًا، لكن يعود بخييبة الأمل.و الآن بعد أن ظهر هذا الشخص، بل و كانت امرأة شابة، إنه أمر يصعب تصديقه.كان حادث السيارة هذا مصيرهم.في هذه اللحظة، أصدر هيثم تعليماته فجأة: "عندما نسافر إلى الخارج هذه المرة، اشترِ بعض مجموعات ألعاب ليجو لهذين التوأمين."أومأ عماد برأسه، ونظر إليه بدهشة. لماذا أصبح السيد الشاب فجأة قلقًا بشأن أطفال شخص آخر؟سأل بتردد: "يبدو أن السيد الشاب يحب هذين التوأمين؟"حدق هيثم من النافذة وتنهد. لم تكشف عيناه، الهادئتان عادة والخالية من المشاعر عن أي شيء."لا أعرف لماذا، لكنني أشعر بقرب منهما لا يمكن تفسيره."لقد حيره هو نفسه لماذا لم يتمكن من إخراج صورة الطفل بملامحه المحبطة لأنه لم يكن لديه لعبة الليجو من ذهنه. يجب أن يكون هناك بعض الارتباط بينه وبينهم.لم يفكر عماد كثيرًا في الأمر وابتسم: "ربما لأن هؤلاء الأطفال رائعين وأذكياء للغاية."لم يفاجأ على الإطلاق؛ حتى أنه أحب ه
كاد عماد أن يبصق من فمه من الصدمة. كانت تطلب مبلغاً باهظاً."فقط هاتان العبوتين من الدواء مقابل سبعة الآف دولار ؟ هذا مكلف للغاية! كيف يمكن أن يكلف الطب التقليدي سبعة الآف دولار ؟ ألم نتفق على أن تعويض حوادث السيارات سيغطي العلاج؟ لماذا تطلب منا تحويل الأموال؟" عبس عماد في وجهها، ووجد ذلك غير معقول.لقد شك في أنها تحاول الاستفادة من ثروة السيد هيثم.نظرت إليه وفاء بثقة: "الأعشاب العادية لا تساوي الكثير. لكن أحد مكونات هذا الدواء هو عشب نادر. لدي ثلاثة نباتات فقط، وهو لا يقدر بثمن! هذه العشبة هي المكون الرئيسي لعلاج حالة سيدك الشاب."لقد زرعت هذه العشبة، ولم تكن رخيصة. حتى عند التعامل مع السيد جمال، كان سعرها هو نفسه. كانت تفتخر بأنها عادلة وصادقة، ومع ذلك كانت موضع شك؟تذكرت اتفاقهم السابق وأضافت: "يغطي تعويض حادث السيارة رسوم العلاج، لكن تكلفة الدواء منفصلة. لقد اتفقنا على هذا منذ البداية."و كانت تعتقد أن الأمر طبيعي، ولم يعترضوا على تكلفة الدواء من قبل. كان عماد غاضبًا وكان على وشك اتهامها بالابتزاز عندما قاطعه صوت هيثم الهادئ:"أعطى لها."بموافقة سيده الشاب، أخرج عماد هاتفه على مضض
أصر هيثم: "لقد عاملتني والدتك جيدًا، وأنا مدين لها. إن إعطائك لعبة هو أقل ما يمكنني فعله!"لا يزال مالك يهز رأسه، رافضًا بشدة قبول أي شيء منه. شعر هيثم بالإعجاب بالطفل. لم يكن أنانيًا، وكان مهذبًا، ويعرف حدوده. لقد قامت الآنسة وفاء بعمل رائع في تربيته.لم يستطع عماد إلا أن يثني عليه: "يجب أن يكون والدك ووالدتك رائعين في تعليم الأطفال."كانت هذه هي المرة الأولى التي يلتقي فيها بطفل محبب مثل هذا. لكن مالك عبس، من الواضح أنه غير سعيد.قال بصوت مشوب بالاستياء، ومن الواضح أنه يشعر بالإهانة: "ليس لدينا أب، فقط أم وجدة عظيمة."لقد فوجئ هيثم و عماد، وأدركا أنهما تطرقا إلى موضوع حساس. لم يروا والد الأطفال منذ وصولهم. وكانت الآنسة وفاء دائمًا بمفردها أثناء لقاءاتهم السابقة. بدا الأمر وكأنها قد تكون مطلقة."آسف يا صغيري، لم أقصد ذلك." اعتذر عماد بصدق، لا يريد أن يجرح مشاعر الطفل. على الرغم من كونهم من عائلة ذات والد واحد، كان هؤلاء الأطفال حسنو السلوك بشكل استثنائي.لم يبدو مالك مهتما كثيرًا: "لا بأس، لقد تقبلت الأمر. على الرغم من أنني ليس لدي أب، فأنا لا أزال رجلًا صغيرًا. سأحمي هذه العائلة."
لاحظ عماد رد فعلها باهتمام، وكان متفاجئًا إلى حد ما.لو كان أي شخص آخر، يعرف هوية سيدهم الشاب المرموقة، لكانوا حريصين على كسب الود.لكن الآنسة وفاء بدت مندهشة للحظة فقط واستعادت رباطة جأشها بسرعة.لقد كان مرتبكاً بعض الشئ، ألم تكن تعرف ماذا تمثل هذه الهوية؟على الرغم من فضوله، لم يكن يريد التباهي أمام الآخرين.بعد أن أمضى وقتًا طويلاً في عالم الأعمال، كان يعرف أهمية البقاء متواضعًا.بحلول هذا الوقت، أنهت وفاء الوخز بالإبر.فحصت بعناية كل إبرة للتأكد من الضغط الصحيح.تنهدت بارتياح، ووقفت."انتهى الأمر. لا تحرك الإبر التي على ظهره. سأعود لإزالتها في غضون نصف ساعة." قالتها وفاء برشاقة لعماد.ثم توجهت لأطفالها قائلة: "كارمن، تعالي مع أمك لإعداد الدواء. مالك، ابقى هنا أحسب الوقت. أخبرني عندما يحين الوقت."أومأ الأطفال برؤوسهم مطيعين. أخذت يد كارمن الصغيرة الناعمة وغادرت غرفة النوم.راقبهم مالك وهم يغادرون، ثم ذهب إلى غرفة المعيشة.عندما عاد، كان يحمل ساعة توقيت ولعبة في يديه.وضع ساعة الإيقاف على طاولة السرير وجلس على كرسي قريب.يلعب بمكعب روبيك، دون التحدث إلى أي شخص.تحركت يداه بسرعة، وخل
وقف مالك و كارمن خلف وفاء يتبادلان نظرات حائرة.لم يفهما لماذا تعاملت والدتهما فجأة مع هذا العم الوسيم. على الرغم من ارتباكهما، لم يجرؤا على المقاطعة وشاهدا بهدوء فقط."مواء~"جاء صوت مواء القطة ناعم من خارج الباب. لكن تم ترك القطتين الصغيرتين خارج الباب.نظرا إلى بعضهما البعض، وأدركا أن قطتيهما جاءتا تبحثان عنهما. مشيا على أطراف أصابعهما، وفتحا الباب، والتقط كل منهما قطة صغيرة، وعادا لمراقبة والدتهما.قامت وفاء بتعقيم الإبر بمهارة."لنبدأ."أومأت برأسها بسرعة، وبسهولة متمرسة، أدخلت إبرة في ظهر هيثم. كانت سريعة لدرجة أنه لم يشعر بالألم حتى قبل الانتهاء، تاركة وجعًا طفيفًا.ألتقت نظرات مالك و كارمن اللذان شعرا بالملل بنظرة هيثم.الموقف حاد، لكن يجعل الناس يشعرون بالود لسبب غير مفهوم."عمي الوسيم، إذن لم تأت إلى منزلنا لطلب المال حقًا."تحدثت كارمن بشجاعة، وكان صوتها ناعمًا وحلوًا.شعرت أن هذا العم لا يبدو مخيفًا على الإطلاق.نظر إليها هيثم، وأخيرًا سنحت له الفرصة لمراقبة الفتاة الصغيرة عن كثب.كانت تشع بهالة من الذكاء و الجمال، بسلوك ناعم وحلو، تبتسم مثل ملاك صغير.سماع صوتها يشعرك بالش
تغير وجه وفاء وبدت عاجزة بعض الشيء،لكن أتضح الأمر أنه على هذا النحو.لم تلاحظ نورا تعبير وجهها، وشرحت ما حدث للتو: "يا وفاء، كنت ألعب مع الأطفال عندما اقتحم هؤلاء الأشخاص المكان. لقد أخافونا حتى الموت."انحنت بالقرب من أذن وفاء وهمست:"لا تخافي. إذا تجرأوا على التسبب في المتاعب، فسوف نتصل بالشرطة."كما أمسك مالك و كارمن بأصابع وفاء، وكانت تعابير وجههما حازمة، كما لو كانا يحاولان منحها الشجاعة.لم تستطع إلا أن تضحك وتبكي، وهي تربت على ظهور الأطفال وتهدئهم: "أمكم بخير، لا تخافوا".ثم التفتت إلى نورا : "لا بأس، لن يسببوا المتاعب."عابسة، حولت نظرتها إلى هيثم، وكانت نبرتها ملطخة بالغضب."لماذا لم تخبرنا قبل مجيئك؟ "انظر إلى الضجة التي أحدثتها، لقد أخفت عائلتي."قال عماد، وهي يشعر بالحرج قليلاً:"آسف لإخافة عائلتك، آنسة وفاء. لم نقصد ذلك. كان الموقف عاجلاً، لذلك أتينا دون سابق إنذار."وقفت نورا، وهي ترى تغير الموقف، هناك مذهولة: "ما الذي يحدث؟"طمأنت صديقتها المقربة، "لا بأس، إنهم هنا من أجلي، لا توجد نوايا سيئة. جدتي في الطابق السفلي في منزل العمة فاطمة. خذي مالك و كارمن للعثور عليهما. سأشر
لم يكن الشخص الجالس على الأريكة سوا هيثم.وكان يقف بجانبه مساعده عماد، مرتديًا نظارته ذات الإطار الذهبي.كانا يفحصان الغرفة، التي كانت صغيرة ولكنها مزينة بعناية.مليئة بأجواء دافئة ومريحة.عند سماع كلمات نورا، أصيبا بالذهول للحظة وحوّلا نظرهما إلى الطفلين خلفها.لاحظت نورا تحول انتباههما.وعانقت الطفلين بالقرب منها و تراجعت للوراء وكانت عيناها مليئة باليقظة.كانت متوترة، تتذكر تقارير إخبارية عن الاتجار بالأطفال.اذا لو استهدفوا الأطفال؟ ماذا يمكنها أن تفعل؟ كانت في وضع ضعيف.اختبأت الفتاة الصغيرة كارمن تمامًا خلف نورا، خائفة جدًا من النظر إليهما.على النقيض كان مالك، الصبي شجاعًا، يحدق في الرجال بنظرة حذرة و ليس بها خوف.لمس هيثم ذقنه، ثم نظر للطفلين شعر بأنهم مثيرين للاهتمام لسبب لا يعلمه.تذكر عندما ألتقي بوفاء في حادث السيارة.تذكر بشكل مبهم عندما ألتقي بوفاء في حادثة السيارة السابقة، كان برافقتها طفلين، على الأرجح كانوا هذين الطفلين.كانت أعمارهم حوالي أربع أو خمس سنوات، وقت الحادثة لم يستطيع التركيز عليهم، لكمن الآن يمكنه ألقاء نظرة فاحصة على ملامحهم الدقيقة الجميلة.كان كلاهما ي