كانت وفاء تهتم بلا كلل بنباتاتها العشبية الثمينة، وتسقيها بعناية وتقص أي أوراق أو فروع عديمة الفائدة. استهلكت هذه المهمة الدقيقة أكثر من ساعة.وبحلول الوقت الذي انتهت فيه، كان الليل قد غطى السماء بالكامل، تنفست الصعداء أخيراً.وهي تعلم أن الأعشاب التي رعتها للتو كانت نادرة وقيمة بشكل لا يصدق - تساوي مائة مرة- أكثر من تلك التي باعتها للسيد جمال خلال النهار. خلال اليوم جلبت تلك النباتات القليلة أكثر من ثلاثة ألاف دولار، وهذه البراعم الصغيرة، إذا تمت زراعتها بعناية، يمكن أن تنتج ثروات أعظم! كنز لا يمكن تعويضه في سوق يبحث عنها بشدة!أحست وفاء وهي تمسح العرق عن جبينها بإحساس بالراحة يغمرها خاصة عندما فكرت في الطفلين الصغيرين اللذين ينتظرانها في المنزل، شعرت بتحسن كبير وكان لديها ابتسامة على وجهها.بمجرد أن جمعت أدواتها وأغلقت بوابة حديقة الأعشاب الخاصة بها، توجهت إلى المنزل.عندما فتحت الباب، استقبلها مشهد يبعث الدفء و البهجة في القلب، كان طفلاها ملفوفين بمنشفة الحمام، منغمسين في لعبة الشطرنج مع جدتهما .كانت القطتان "مشمش" و"خوخة" تدوران بحماس بجانبهما، وكان المشهد دافئاً ومبهجاً."الجدة
في القاعة، وجدت وفاء نفسها وحيدة. ثابتة في مكانها، غير متأكدة مما إذا كانت ستبقى أم تغادر. تعرفت وفاء بسرعة على الرجل ذو النظارات ذات الإطار الذهبي؛ كان أحد الركاب من حادث السيارة بالأمس وكان يجلس في المقعد الخلفي.أما بالنسبة للرجل الآخر...... ذو الهيبة و الوقار كأنه شخص كان يتمتع بسلطة و مكانة عالية لفترة طويلة، بالإضافة لرائحة الدم التي شمتها في وقت سابق و بالأضافة للوضع الحالي فمن المؤكد أن الشخص الموجود بداخل القاعة كان هو!أدركت وفاء أن هذا الرجل ليس شخصًا يمكن الاستخفاف به، ومن المنطقي أن تغادر على الفور. ومع ذلك، فإن شفقة المعالج شدّت ضميرها. شعرت أنه من الخطأ تجاهل شخص محتاج.وبينما كانت مترددة، صرخ عماد من الداخل بعجالة:"سيدي...."دون أدنى تفكير آخر، خطت وفاء إلى غرفة الاستراحة.بمجرد دخولها، شمت رائحة قوية لأدوية تقليدية. على سرير المستشفى النظيف يرقد رجل وسيم، عيناه مغمضتان، شاحبًا فاقدًا للوعي، ووجنتاه محمرتان بشكل مثير للقلق.كان بإمكانها أن ترى من نظرة سريعة أنه يعاني من الحمى، ولا بد أن الحمى الشديدة استمرت لفترة طويلة.كان عماد و سلوى على الجانب قلقين للغاية وفي
أجابت وفاء بلا حول ولا قوة: "لم تسأل من قبل، لذلك لم أخبرك.أنا بالفعل أعلم ببعض المهارات الطبية." لقد فكرت في الأمر إذا قالت إنها على دراية كاملة بالمهارات الطبية، فسيكون ذلك موضعًا للشك.لقد كانت المهارات الطبية لمعلمها ممتازة، وقد علمها الكثير بالفعل، لذلك يمكنها علاج الأمراض العادية دون أى مشكلة.لم يسمع عماد عنها قبل ذلك، و عبس جبينه وشك في أنها شخص يمكن الوثوق به." تعلمي بعض المهارات فقط، آنسة وفاء هذا ليس مزاح لا يمكنني تعريض حياة سيدي للخطر." قبل أن ينتهي من حديثه، قاطعته وفاء قائلة: "لقد فات الأوان بالنسبة لانتقاله إلى المستشفى الآن. أنفاس سيدك تضعف وحياته في خطر في أي وقت.المكان هنا ليس قريب من المستشفي، فأقرب مستشفي من هنا تبعد حوالي نص ساعة بالسيارة. ومن المحتمل أن تضعه مثل هذه المتاعب في وضع خطير للغاية."شحب وجه سلوى ، لأن ما قالته كان منطقيًا، فماذا يجب أن نفعل الآن؟ "آنسة وفاء، هل لديك أي طريقة لعلاج مرض السيد هيثم؟ إنه في وضع خطر الآن." لم يقل عماد أي شيء، فقط كان يحدق بها، وكان الرد واضح من عينيه. تنهدت وفاء وأجابت بشكل مباشر للغاية: "الطب له حدود، ولا يوجد طبي
لم تقل ذلك بصوت عالٍ. حتى لو فعلت ذلك، فسيكون ذلك بلا جدوى. من الأفضل أن توفر على نفسها مجهود المجادلة.سحبت يدها من معصم ذاك الشخص، واستدارت لتسأل سلوى:"سلوى، هل لديك أي إبر؟ النوع المستخدم في الوخز بالإبر."أضاءت عيون سلوى بالفرح:"نعم! آنسة وفاء، هل تقصدي أنك تستطيعين علاجه؟"همهمت وفاء.كان عماد قلقًا بعض الشيء بشأن مهاراتها الطبية وسألها بلا تردد: "آنسة وفاء، هل أنت جيدة حقًا في هذا؟"ألقت عليه نظرة بلا كلام. لقد شكك هذا الرجل فيها عدة مرات،لقد كثر هذا الهراء.ردت وفاء بغضب: "إذا قلت إنني أستطيع، فأنا أستطيع! هل تعالجه أنت أم أنا؟"أغلق عماد فمه مطيعًا ولم يقل المزيد.ركضت سلوى إلى الطابق العلوي وعادت إلى الأسفل بحقيبة بها مجموعة إبر، مليئة بالإبر بأحجام مختلفة."لن أستطيع إتمام الأمر بمفردي، أحتاج إلى مساعدتكم."أومأت سلوى برأسها: "فقط أخبريني ماذا أفعل."، و لم يتردد عماد أيضًا."حسنًا يا سلوى، من فضلك ساعدي في تعقيم جميع الإبر،" ألتفت وفاء إلى المساعد عماد وقالت:" أستاذ عماد من فضلك ساعده في خلع ملابسه ماعدا ملابسه الداخلية.""آه" قالتها سلوى التي كانت على وشك الذهاب لتعقيم الإبر
هل الأمر بهذه السهولة حقًا؟ مرض السيد هيثم خطير للغاية، هل يمكن لبضعة إبر أن تجعله أفضل في عشر دقائق؟على الرغم أن لهجة وفاء كانت واثقة و حازمة،إلا أن عماد و سلوى كانوا متشككين، لكن لم يستطيعا قول أي شيء ولم يكن لديهما خيار سوى الانتظار بقلق. فكر عماد في الاتصال بالطبيب المتواجد بالمستشفى عدة مرات، قلقاً للغاية من احتمالية حدوث مكرره للسيد هيثم.وغير متأكد مما إذا كان يمكن الوثوق بوفاء أم لا.على عكس توترهم، كانت وفاء مسترخية تماما.الآن فقط بدأت تلاحظ الشخص الموجود على السرير.كان وسيمًا بشكل لا يصدق، ولم يقلل مرضه من مظهره. على الرغم من أن وجهه كان شاحبًا، لكن ملامحه كانت جذابة بشكل رائع إلى درجة ساحرة جداً.بحاجبين يشبهان السيف وعينين مرصعتين بالنجوم، وأنف ممتلئة، وشفتين رقيقتين مثل أزهار الخوخ، كان جماله مذهلاً.على الرغم من أنها لم تستطع رؤية جسده بالكامل من الأمام، إلا أن عضلاته تبدو قوية مشدودة وموزعة بشكل جميل عبر جسده النحيف القوي، مع خطوط مثالية تجعل الناس غير قادرة على إبعاد أعينهم عن شكله المثير الذي يشع جاذبية شديدة.كيف يمكن لشخص أن يكون وسيمًا إلى هذا الحد؟نظرة واحدة ف
غلت سلوى الدواء بصبر لمدة ساعة وأحضرته إلى هيثم ليشربه. كان لا يزال يبدو ضعيفًا للغاية، وعندما استيقظ كان وعيه مشوشاً، لكنه شعر بتحسن طفيف عن ذي قبل.بعد بضع ساعات، مع اقتراب الظهر، اندهش عماد عندما وجد أنه بعد وعاء واحد فقط من الدواء، أصبح وجه رئيسه أكثر وردية، و زادت طاقته، وهدأت الحمى. لم يعد يظهر عليه أي علامات للضعف على الإطلاق.بالقليل من الإبر ووعاء الدواء، تعافى كثيراً بالفعل!"سيدي، هذا رائع، لقد استيقظت أخيرًا!"كانت سلوى مندهشة بنفس القدر. كانت تشك في مهارات الوخز بالإبر لدى الآنسة وفاء. سألت بفضول:"السيد هيثم، هل فعلا لا تشعر بأي تعب بجسمك؟"أخذ هيثم رشفة من الماء وهز رأسه:"لا، أشعر براحة كبيرة."بسبب مرضه القديم، كان يشعر دائمًا بضيق في صدره،مما جعله يشعر بعدم الارتياح لكن الآن تبدد هذا التعب بطريقة ما، مما جعله يشعر براحة غير مسبوقة. أخذ نفسًا عميقًا طويلًا.في الماضي، عندما تفاقم مرضه القديم، غالبًا ما كان يطلب المساعدة من السيد جمال. في حين أن دوائه كان فعالًا، ولكن تأثيره لم يكن جيدا على الإطلاق. لم يستطع إلا أن يلجأ إلى عماد ويسأله: "ما هو الدواء الذي تناولته هذه ا
"يا سيد جمال، بعد وقت قصير من مغادرتك،ساءت حالة السيد هيثم. ودخل في غيبوبة، وكان قلبه ينبض بسرعة، وارتفعت حرارته بشدة. حاولت الاتصال بك، لكنك لم تجب. كنا قلقين للغاية. ولم نكن نعرف ماذا نفعل. لحسن الحظ، جاءت الآنسة وفاء للقيام بأعمال تجارية معك وعرضت مساعدتها. بفضلها، تمكن السيد هيثم من الخروج من الخطر بسرعة كبيرة. لم أتوقع أبدًا أن تكون مهاراتها الطبية جيدة جدًا. بعدما وضعت الإبر وأعطته بعض الأدوية، استيقظ السيد هيثم و تحرك بشكل طبيعي!"شعرت سلوى بالطمأنينة عندما رأت السيد جمال، و انزاحت الحجرة التي أثقلت قلبها أخيرا عندما شرحت بنبرة مرح ما حدث للتو معهم."هذا صحيح، يا سيد جمال"، أومأ عماد برأسه قليلاً مبتسماً."وفاء؟"، بدا السيد جمال مندهشًا وهو يمسح على لحيته."نعم" أومأت سلوى برأسها.ازداد دهشة السيد جمال:"هل لديها مهارات طبية؟""نعم، إنها ماهرة للغاية. لقد اكتشفت ذلك بنفسي. بما أنك تعرف الآنسة وفاء جيدًا، فقد اعتقدت أنك ستعرف ذلك عنها بالفعل."بعد الاستماع إلى كلمات سلوى،سقط السيد جمال في تفكير عميق. كان لديه العديد من التعاملات التجارية مع وفاء، وكان يعلم فقط أنها كانت تزرع المو
لقد اندهشت وفاء فهذه هي المرة الأولى التي ترى فيها السيد جمال متحمسًا للغاية. لم تعرف كيف ترد للحظة، وقبل أن تتمكن من جمع أفكارها، قادها السيد جمال بحرارة نحو منطقة الراحة."الشمس قاسية جدًا يا آنسة وفاء، تعالي إلى الداخل لنبرد أجسامنا."كانت وفاء مرتبكة من حماس السيد جمال الزائد بعض الشيء اليوم.ماذا يحدث؟ عند رؤية الشاي المعد في منطقة الراحة، شعرت بالإرهاق قليلاً. كان السيد جمال ماهرًا للغاية في الطب، ذو أخلاق عالية وكان يحظى باحترام كبير، وليس شخصًا يُظهر مثل هذا الحماس عادةً.أومأت برأسها بأدب، وشعرت بالحرج قليلاً عندما أمسك السيد جمال بيدها بإحكام: "أنا هنا،يا سيد جمال،......ما هذا؟"أدرك السيد جمال أنه كان متحمسًا بعض الشيء، فابتسم وترك يدها قائلاً :"أوه، انظري إلى مدى حماستي!"ابتسمت وفاء بحرج وسحبت يدها. ثم استدارت و أدركت وجود سلوى و السيد هيثم و مساعده يقفون جميعًا على جانب واحد.ركزت نظراتها تجاه هيثم، الذي كان يقف في المنتصف، و يبدو أنه في حالة المعنوية جيدة. بدا أن علاجها نجح بشكل فعال، وعرفت لماذا تعافى بسرعة كبيرة هكذا.عندما رأت تعبير وجه السيد جمال العميق، كان لديها
"استعد لحزم الحقائب. بمجرد أن أنتهي من مراجعة هذه المستندات، سنتوجه إلى المطار."أومأ عماد برأسه، وألقى نظرة على الساعة. كان الوقت لا يزال مبكراً.ذكر قائلاً:"يا سيد هيثم، بمجرد عودتنا إلى مصر، يجب أن نذهب إلى الآنسة وفاء لأخذ جلسة للوخز بالإبر في أقرب وقت ممكن."أومأ هيثم برأسه موافقًا. لقد حان وقت العلاج بالفعل.ثم توجهوا إلى المطار وشرعوا في رحلتهم إلى أرض الوطن.بعد النزول من الطائرة، فرك هيثم صدغيه، وشعر بالإجهاد. لقد تركته الرحلة الطويلة التي استمرت أكثر من عشر ساعات منهكًا للغاية.خارج المطار، كان سائق عائلة الشناوي ينتظر بالفعل. عند رؤية هيثم، انحنى السائق باحترام وقال، "سيد هيثم، طلب الرئيس حضورك في حفل زفاف ماجد الشاذلي الليلة في الساعة 8 مساءًا."عبس وجه عماد، وتحقق من ساعته: "الساعة الثامنة؟ إنها السادسة بالفعل.أينبغي لنا أن نتوجه إلى هناك مباشرة؟ لقد كان السيد هيثم يعمل بجد طوال الأسبوع ويحتاج إلى الراحة."كان قلقًا بشأن صحة السيد هيثم. في رأيه، يجب أن تكون الأولوية للاتصال بالآنسة وفاء للعلاج.بدا السائق مترددًا، في انتظار قرار السيد هيثم. الذي تفقد الوقت وقال:"لنذهب. لن
"ارتسمت على طرف شفاه عادل ابتسامة انتصار. تحدث ببطء:"لقد تركت والدتك وراءها قلادة، جزء من مهرها، وما زالت معي."شعرت وفاء بالريبة.لماذا يطلب منها فجأة العودة؟ هل كانت هذه القلادة مجرد خدعة لخداعها؟"لماذا يجب أن أصدقك؟"عبست وتساءلت وهي تمسك الهاتف بإحكام."إذا كنت لا تصدقني، يمكنك أن تسألي جدتك. ستؤكد ذلك. لقد أرسلت لك الدعوة بالفعل."كان تعبير وجه عادل ممتلأ بالشر و عيناه تتلألأ بالنصر.أغلقت وفاء الهاتف وهرعت إلى غرفة نوم الجدة ليلى.كانت الجدة ليلى تغني أغنية، وتخيط قطعة ممزقة من الملابس في يدها."جدتي، أحتاج أن أسألك شيئًا." قالت وفاء، ودخلت مباشرة إلى هذه النقطة.توقفت الجدة ليلى عما كانت تفعله ونظرت إليها:"وفاء، تفضلي"كان تعبير وجه وفاء جادًا، مما يشير إلى أنه أمر مهم."قال أبي إن مهر والدتي يشمل قلادة معه. هل يوجد مثل هذا القلادة حقاً؟" سألت وفاء.أومأت الجدة ليلى برأسها:"نعم، يوجد مثل هذا القلادة. كانت هدية من جدك لي عندما كنت شابة. لاحقًا، أعطيتها لفريدة عندما تزوجت."عندما قالت هذا، بدت تشعر بالحنين قليلاً."متى قال لك أن تحصلى عليها؟" سألت الجدة ليلى"في الأربعاء المقبل،
أومأ عماد أيضاً برأسه، موافقاً على كلماتهلقد استمر مرض السيد هيثم لفترة طويلةلقد أهدروا الكثير من الجهد فقط للعثور على شخص يمكنه تخفيف آلامه.و لسوء الحظ، لم يكن الأمر مجدياً، ففي كل مرة يأتي متحمسًا، لكن يعود بخييبة الأمل.و الآن بعد أن ظهر هذا الشخص، بل و كانت امرأة شابة، إنه أمر يصعب تصديقه.كان حادث السيارة هذا مصيرهم.في هذه اللحظة، أصدر هيثم تعليماته فجأة: "عندما نسافر إلى الخارج هذه المرة، اشترِ بعض مجموعات ألعاب ليجو لهذين التوأمين."أومأ عماد برأسه، ونظر إليه بدهشة. لماذا أصبح السيد الشاب فجأة قلقًا بشأن أطفال شخص آخر؟سأل بتردد: "يبدو أن السيد الشاب يحب هذين التوأمين؟"حدق هيثم من النافذة وتنهد. لم تكشف عيناه، الهادئتان عادة والخالية من المشاعر عن أي شيء."لا أعرف لماذا، لكنني أشعر بقرب منهما لا يمكن تفسيره."لقد حيره هو نفسه لماذا لم يتمكن من إخراج صورة الطفل بملامحه المحبطة لأنه لم يكن لديه لعبة الليجو من ذهنه. يجب أن يكون هناك بعض الارتباط بينه وبينهم.لم يفكر عماد كثيرًا في الأمر وابتسم: "ربما لأن هؤلاء الأطفال رائعين وأذكياء للغاية."لم يفاجأ على الإطلاق؛ حتى أنه أحب ه
كاد عماد أن يبصق من فمه من الصدمة. كانت تطلب مبلغاً باهظاً."فقط هاتان العبوتين من الدواء مقابل سبعة الآف دولار ؟ هذا مكلف للغاية! كيف يمكن أن يكلف الطب التقليدي سبعة الآف دولار ؟ ألم نتفق على أن تعويض حوادث السيارات سيغطي العلاج؟ لماذا تطلب منا تحويل الأموال؟" عبس عماد في وجهها، ووجد ذلك غير معقول.لقد شك في أنها تحاول الاستفادة من ثروة السيد هيثم.نظرت إليه وفاء بثقة: "الأعشاب العادية لا تساوي الكثير. لكن أحد مكونات هذا الدواء هو عشب نادر. لدي ثلاثة نباتات فقط، وهو لا يقدر بثمن! هذه العشبة هي المكون الرئيسي لعلاج حالة سيدك الشاب."لقد زرعت هذه العشبة، ولم تكن رخيصة. حتى عند التعامل مع السيد جمال، كان سعرها هو نفسه. كانت تفتخر بأنها عادلة وصادقة، ومع ذلك كانت موضع شك؟تذكرت اتفاقهم السابق وأضافت: "يغطي تعويض حادث السيارة رسوم العلاج، لكن تكلفة الدواء منفصلة. لقد اتفقنا على هذا منذ البداية."و كانت تعتقد أن الأمر طبيعي، ولم يعترضوا على تكلفة الدواء من قبل. كان عماد غاضبًا وكان على وشك اتهامها بالابتزاز عندما قاطعه صوت هيثم الهادئ:"أعطى لها."بموافقة سيده الشاب، أخرج عماد هاتفه على مضض
أصر هيثم: "لقد عاملتني والدتك جيدًا، وأنا مدين لها. إن إعطائك لعبة هو أقل ما يمكنني فعله!"لا يزال مالك يهز رأسه، رافضًا بشدة قبول أي شيء منه. شعر هيثم بالإعجاب بالطفل. لم يكن أنانيًا، وكان مهذبًا، ويعرف حدوده. لقد قامت الآنسة وفاء بعمل رائع في تربيته.لم يستطع عماد إلا أن يثني عليه: "يجب أن يكون والدك ووالدتك رائعين في تعليم الأطفال."كانت هذه هي المرة الأولى التي يلتقي فيها بطفل محبب مثل هذا. لكن مالك عبس، من الواضح أنه غير سعيد.قال بصوت مشوب بالاستياء، ومن الواضح أنه يشعر بالإهانة: "ليس لدينا أب، فقط أم وجدة عظيمة."لقد فوجئ هيثم و عماد، وأدركا أنهما تطرقا إلى موضوع حساس. لم يروا والد الأطفال منذ وصولهم. وكانت الآنسة وفاء دائمًا بمفردها أثناء لقاءاتهم السابقة. بدا الأمر وكأنها قد تكون مطلقة."آسف يا صغيري، لم أقصد ذلك." اعتذر عماد بصدق، لا يريد أن يجرح مشاعر الطفل. على الرغم من كونهم من عائلة ذات والد واحد، كان هؤلاء الأطفال حسنو السلوك بشكل استثنائي.لم يبدو مالك مهتما كثيرًا: "لا بأس، لقد تقبلت الأمر. على الرغم من أنني ليس لدي أب، فأنا لا أزال رجلًا صغيرًا. سأحمي هذه العائلة."
لاحظ عماد رد فعلها باهتمام، وكان متفاجئًا إلى حد ما.لو كان أي شخص آخر، يعرف هوية سيدهم الشاب المرموقة، لكانوا حريصين على كسب الود.لكن الآنسة وفاء بدت مندهشة للحظة فقط واستعادت رباطة جأشها بسرعة.لقد كان مرتبكاً بعض الشئ، ألم تكن تعرف ماذا تمثل هذه الهوية؟على الرغم من فضوله، لم يكن يريد التباهي أمام الآخرين.بعد أن أمضى وقتًا طويلاً في عالم الأعمال، كان يعرف أهمية البقاء متواضعًا.بحلول هذا الوقت، أنهت وفاء الوخز بالإبر.فحصت بعناية كل إبرة للتأكد من الضغط الصحيح.تنهدت بارتياح، ووقفت."انتهى الأمر. لا تحرك الإبر التي على ظهره. سأعود لإزالتها في غضون نصف ساعة." قالتها وفاء برشاقة لعماد.ثم توجهت لأطفالها قائلة: "كارمن، تعالي مع أمك لإعداد الدواء. مالك، ابقى هنا أحسب الوقت. أخبرني عندما يحين الوقت."أومأ الأطفال برؤوسهم مطيعين. أخذت يد كارمن الصغيرة الناعمة وغادرت غرفة النوم.راقبهم مالك وهم يغادرون، ثم ذهب إلى غرفة المعيشة.عندما عاد، كان يحمل ساعة توقيت ولعبة في يديه.وضع ساعة الإيقاف على طاولة السرير وجلس على كرسي قريب.يلعب بمكعب روبيك، دون التحدث إلى أي شخص.تحركت يداه بسرعة، وخل
وقف مالك و كارمن خلف وفاء يتبادلان نظرات حائرة.لم يفهما لماذا تعاملت والدتهما فجأة مع هذا العم الوسيم. على الرغم من ارتباكهما، لم يجرؤا على المقاطعة وشاهدا بهدوء فقط."مواء~"جاء صوت مواء القطة ناعم من خارج الباب. لكن تم ترك القطتين الصغيرتين خارج الباب.نظرا إلى بعضهما البعض، وأدركا أن قطتيهما جاءتا تبحثان عنهما. مشيا على أطراف أصابعهما، وفتحا الباب، والتقط كل منهما قطة صغيرة، وعادا لمراقبة والدتهما.قامت وفاء بتعقيم الإبر بمهارة."لنبدأ."أومأت برأسها بسرعة، وبسهولة متمرسة، أدخلت إبرة في ظهر هيثم. كانت سريعة لدرجة أنه لم يشعر بالألم حتى قبل الانتهاء، تاركة وجعًا طفيفًا.ألتقت نظرات مالك و كارمن اللذان شعرا بالملل بنظرة هيثم.الموقف حاد، لكن يجعل الناس يشعرون بالود لسبب غير مفهوم."عمي الوسيم، إذن لم تأت إلى منزلنا لطلب المال حقًا."تحدثت كارمن بشجاعة، وكان صوتها ناعمًا وحلوًا.شعرت أن هذا العم لا يبدو مخيفًا على الإطلاق.نظر إليها هيثم، وأخيرًا سنحت له الفرصة لمراقبة الفتاة الصغيرة عن كثب.كانت تشع بهالة من الذكاء و الجمال، بسلوك ناعم وحلو، تبتسم مثل ملاك صغير.سماع صوتها يشعرك بالش
تغير وجه وفاء وبدت عاجزة بعض الشيء،لكن أتضح الأمر أنه على هذا النحو.لم تلاحظ نورا تعبير وجهها، وشرحت ما حدث للتو: "يا وفاء، كنت ألعب مع الأطفال عندما اقتحم هؤلاء الأشخاص المكان. لقد أخافونا حتى الموت."انحنت بالقرب من أذن وفاء وهمست:"لا تخافي. إذا تجرأوا على التسبب في المتاعب، فسوف نتصل بالشرطة."كما أمسك مالك و كارمن بأصابع وفاء، وكانت تعابير وجههما حازمة، كما لو كانا يحاولان منحها الشجاعة.لم تستطع إلا أن تضحك وتبكي، وهي تربت على ظهور الأطفال وتهدئهم: "أمكم بخير، لا تخافوا".ثم التفتت إلى نورا : "لا بأس، لن يسببوا المتاعب."عابسة، حولت نظرتها إلى هيثم، وكانت نبرتها ملطخة بالغضب."لماذا لم تخبرنا قبل مجيئك؟ "انظر إلى الضجة التي أحدثتها، لقد أخفت عائلتي."قال عماد، وهي يشعر بالحرج قليلاً:"آسف لإخافة عائلتك، آنسة وفاء. لم نقصد ذلك. كان الموقف عاجلاً، لذلك أتينا دون سابق إنذار."وقفت نورا، وهي ترى تغير الموقف، هناك مذهولة: "ما الذي يحدث؟"طمأنت صديقتها المقربة، "لا بأس، إنهم هنا من أجلي، لا توجد نوايا سيئة. جدتي في الطابق السفلي في منزل العمة فاطمة. خذي مالك و كارمن للعثور عليهما. سأشر
لم يكن الشخص الجالس على الأريكة سوا هيثم.وكان يقف بجانبه مساعده عماد، مرتديًا نظارته ذات الإطار الذهبي.كانا يفحصان الغرفة، التي كانت صغيرة ولكنها مزينة بعناية.مليئة بأجواء دافئة ومريحة.عند سماع كلمات نورا، أصيبا بالذهول للحظة وحوّلا نظرهما إلى الطفلين خلفها.لاحظت نورا تحول انتباههما.وعانقت الطفلين بالقرب منها و تراجعت للوراء وكانت عيناها مليئة باليقظة.كانت متوترة، تتذكر تقارير إخبارية عن الاتجار بالأطفال.اذا لو استهدفوا الأطفال؟ ماذا يمكنها أن تفعل؟ كانت في وضع ضعيف.اختبأت الفتاة الصغيرة كارمن تمامًا خلف نورا، خائفة جدًا من النظر إليهما.على النقيض كان مالك، الصبي شجاعًا، يحدق في الرجال بنظرة حذرة و ليس بها خوف.لمس هيثم ذقنه، ثم نظر للطفلين شعر بأنهم مثيرين للاهتمام لسبب لا يعلمه.تذكر عندما ألتقي بوفاء في حادث السيارة.تذكر بشكل مبهم عندما ألتقي بوفاء في حادثة السيارة السابقة، كان برافقتها طفلين، على الأرجح كانوا هذين الطفلين.كانت أعمارهم حوالي أربع أو خمس سنوات، وقت الحادثة لم يستطيع التركيز عليهم، لكمن الآن يمكنه ألقاء نظرة فاحصة على ملامحهم الدقيقة الجميلة.كان كلاهما ي