الفصل 21

ألقى السائق نظرة خاطفة على طارق عبر مرآة السيارة الخلفية، ثم اتبع نظره إلى الخارج عبر النافذة.

اتسعت عينيه عندما رأى السيدة هناك.من يكون الرجل الذي بجانب السيدة؟

كان يرتدي قبعة و كمامه، وقد غطى نفسه بشكل محكم، وكان موجودًا في استوديو التصوير، هل يكون نجمًا مشهورًا؟بدا أن الرجل على علاقة جيدة جدًا مع السيدة.

همس السائق ، "سيدي، خرجت السيدة خلود."

طارق رد بصوت معتدل، "حسنًا."

السائق لم يكن متأكدًا مما يعنيه ذلك.

"قُد السيارة إلى باب الاستوديو." قال طارق.

وهو يقود السيارة إلى باب الاستوديو، تساءل السائق في نفسه: ألا يعني ذلك أن السيدة ستراه؟ولكنه امتثل لتعليمات طارق، وقاد السيارة إلى باب الاستوديو.

بينما كان يتحدث، رفع زهير ذقنه، وقال: "أليس هذا طارق؟"

هند نظرت إلى حيث أشار، ورأت أن هناك سيارة سوداء واقفه أمام الاستوديو. كان رقم اللوحة هو نفسه رقم لوحة السيارة التي اعتاد طارق ركوبها.

كانت خلود واقفة أمام السيارة.طارق نزل من السيارة وتحدث مع خلود، مما جعلها تبتسم بسعادة.

ثم دار طارق إلى الجهة الأخرى من السيارة، وفتح لها الباب بلطف، ووضع يده فوق السقف كي لا تصطدم، وعندما جلست خلود في الداخل، صعد هو إلى الجهة الأخرى وجلس في المقعد الخلفي.قاد السائق السيارة مبتعدًا.

كان طارق قد جاء خصيصًا لاصطحاب خلود.

شعرت هند بمرارة في قلبها.ولكن زهير لم يلاحظ ذلك وقال: "مديري في العمل يقوم بتحضير نص جديد حاليًا. ويقال إن البطلة قد تم اختيارها بالفعل، وهي خلود، والشركة التابعة لطارق، مجموعة فايف استار، هي من ستنتج العمل ، وتمت دعوة المخرج شريف خصيصاً . يبدو أن طارق يخصص ميزانية كبيرة لحبيبته.  سمعت أن العارضه الاساسيه كانت إسراء أليس كذلك ؟"

هند ابتسمت ابتسامة مشدودة، ويدها في جيبها أصبحت مشدودة دون أن تشعر، وظلت أظافرها تغرس في راحة يدها تاركةً آثارًا على شكل هلال عميق.شعرت بالاختناق الشديد، فعلمت أنها لم تكن على علم بكل ما فعله طارق من قبل لخلود.

"هند، زهير، أنت هنا أيضًا؟"خرجت سميرة من الاستوديو بعدما أنهت ترتيب الأشياء، وعندما رأت زهير، كانت متفاجئة، وقالت: "هل جئت هنا لتصوير إعلان؟"

"نعم. لم نلتق منذ فترة طويلة. ماذا عن تناول العشاء معًا؟" قال زهير وهو يبتسم.

سميرة ضحكت وقالت: " بالطبع، لا أستطيع رفض الطعام، أليس كذلك؟"

"إذن، هيا بنا إلى السيارة."عند وصولهم إلى المطعم الذي اختارته سميرة، طلبوا غرفة خاصة.

كانت سميرة تتصفح القائمة، ورفعت حاجبها إلى زهير وقالت: "زهير، هل لديك مشكلة إذا طلبت ما أريد من الطعام؟"

زهير ابتسم وقال: "اطلبي ما تريدين، فلا يمكنني أن أُنقص شيئًا مما تأكلين."

زهير دفع بقائمة أخرى نحو هند وقال: "هند، اختاري ما يعجبكِ ،لا تكوني خجوله."

أخذت هند القائمة واختارت بعض الأطباق المفضلة لها.

نظر زهير إلى الأطباق التي اختارتها، ثم نظر إلى هند وقال: "هل طلبتِ هذا فقط؟ أليس من المفترض أنكِ تحبين هذ المطعم بسبب التورتيلا بالجبن؟ لماذا لم تختاريها؟"

وهكذا، أضاف زهير طبق التورتيلا بالجبن إلى الطلب.

كانت عيني سميرة تتنقل بين الاثنين، وقالت مبتسمة بنظرة مازحة: "أوه، تتذكر كل شيء ، أليس كذلك؟ وهل تذكر ماذا أحب أنا؟"

زهير ابتسم وهو يهز رأسه قائلاً: "سأتذكر في المرة القادمة.

قدمت الأطباق، وبدأوا في تناول الطعام.أثناء تناول الطعام، ذهب زهير إلى الحمام.

اقتربت سميرة من هند وهمست: "هل بينكما شيء؟"

هند هزت رأسها وقالت: "ماذا تقولين؟ من أين أتيتِ بهذه الفكرة؟"

"من العينين، طبعًا، من كلتا العينين."

"أنتِ مخطئة."

عندما رأت هند تنفي، لم تعاود سميرة السؤال، بل قالت بتنهيدة: "هند، لماذا لا تبحثين عن شخص يرافقكِ؟ ألا يوجد أحد في شركتكِ مهتم بكِ ؟ ألا تجدين أحدًا يستحق؟ هل تريدينني أن أقدم لكِ أحدهم؟"

"أنا لدي حبيب."

كان هناك بعض الموظفين في الشركة الذين حاولوا التقرب من هند.حتى أن هناك من ظل يتودد إليها بلا هوادة.لذا، حرصت هند على إعلان أنها مرتبطة حتى تتجنب الإحراج.

سميرة أطلقت صوتًا ساخرًا وقالت: "هل تظنين أنكِ تستطيعين خداع الآخرين، ناهيكِ عني؟ إذا كنتِ مرتبطة، فلماذا لم تقدميه لنا؟"

نظرت هند إلى الأسفل وقالت: "لم أخدعك ، وإذا سنحت الفرصة، سأُعرفكِ عليه."

في الماضي، كانت هند تفكر في الأمر، بأنها إذا كانت علاقتها مع طارق مستقرة، ستبدأ بإخبار أصدقائها بذلك تدريجيًا لكن هذه الفكرة لم تعد ممكنة.

عندما رأت سميرة تعبير وجه هند، كانت تفكر في نفسها: هل فعلاً هند مرتبطة بشخص ما؟ ولماذا لم يظهر هذا الشخص من قبل؟حتي لو كان هذا الشخص بعيدًا، فلا يجب أن يكون صامتًا هكذا، إلا إن كان نجمًا مثلًا ؟

عاد زهير من الحمام، وبعد فترة قصيرة، ذهبت هند أيضًا إلى الحمام.

"هند؟"

في الممر وهي عائده، فجأة سمعت أحدهم ينادي اسمها.التفتت هند ورأت الشخص الذي يناديها، وأجابت بابتسامة خفيفة: "باسم."

"هند، هل أنتِ هنا أيضًا لتناول الطعام؟ أخي هنا في تلك الغرفة، هل تودين الذهاب للتحية؟" أشار باسم إلى الغرفة القريبة.

نظرت هند إلى هناك، وفكرت في المشهد الذي رأته في استوديو التصوير.

هل طارق هناك، هل خلود معه؟

بينما كانت هند مترددة، كان زهير قد اتجه بالفعل نحو باب الغرفة الخاصة.

لم يكن أمام هند خيار سوى أن تتبعه.

أخذت نفسًا عميقًا بهدوء، وحاولت الحفاظ على رباطة جأشها.لقد دعاها باسم إلى هنا، ولم تأتِ بنفسها، فلماذا تشعر بالقلق؟

كما أنهما لم يأتيا لملاحقة طارق وخلود، فما الذي يدعو للخوف؟فتح باسم باب الغرفة، وكان داخلها جو مفعم بالحيوية .

وقفت هند عند الباب، ألقت نظرة عابرة، ثم وقعت عيناها على طارق الجالس في منتصف الأريكة، وبجواره خلود.

بدا الاثنان وكأنهما يعيشان في عالم منفصل عن بقية الموجودين.

كان طارق يميل برأسه قليلًا نحو خلود، يصغي لما تهمس به في أذنه، وعلى وجهه ابتسامة لطيفة ودافئة.أما خلود، فكانت تمسك بذراعه بحميمية، وفجأة انحنت لتقبله على خده.

تجمد طارق في مكانه للحظة، متفاجئًا.

وفجأة، قطع صوت باسم القادم من عند الباب الصمت: "طارق، انظر من أتى!"