خارج قصر عائلة عبد الرحمن، تقدمت عشرات السيارات الجيب، وترجل منها جنود مدججون بالسلاح واندفعوا نحو القصر. سكان القصر أصيبوا بالذعرواستيقظ يوسف عبد الرحمن الذي كان نائماً مُردتديًا ملابس النوم، عندما رأى عشرات الجنود، شحب وجهه من الخوف وسأل بلهفة: "يا حضرة الضابط، ما الأمر؟" "خذوه." بإشارة واحدة، أُمسك يوسف عبد الرحمن من قبل جنديين وسُحب بالقوة. وبالمثل، أُخرج أفراد عائلة عبد الرحمن الآخرين من أسرّتهم بالقوة. وفي الوقت ذاته، في منزل ليلى عبد الرحمن، كان طارق عبد الرحمن وهدى الجبوري نائمين. "بووم!" اقتحم الجنود الباب، ودخلوا بقوة، وأخذوا الجميع معهم. في الطابق العلوي من فندق السلام، في غرفة سرية، كانت ليلى عبد الرحمن مُقيدة.وبعد وقت قصير، جُلب جميع أفراد عائلة عبد الرحمن إلى الغرفة، بما في ذلك جدها يوسف عبد الرحمن، ووالدها طارق، وعمها حازم، وعمها الآخر مازن، بالإضافة إلى عشرات من أفراد العائلة. جميعهم كانوا مقيدين. كانوا جميعاً في حيرة شديدة، غير قادرين على فهم سبب استهداف عائلة الصقور لهم ولماذا جُلبوا إلى هنا، وجوههم كانت مليئة بالخوف والارتباك. في ال
ظهرت جروح دامية على وجه ليلى عبد الرحمن الأبيض والدماء تقطر من خدها لتلطخ عنقها. عيناها امتلأتا بالدموع اللامعة التي انهمرت لتختلط بدمائها. في تلك اللحظة، شعرت باليأس المطلق. أمام زين الصقري القائد العسكري لعائلة الصقور، شعرت بالعجز واليأس. كانت تملأ قلبها الكراهية! كرهت نفسها لأنها قبل عشر سنوات سمعت صرخات الاستغاثة من وسط الحريق وقررت أن تقتحم النار. لقد أنقذت شخصاً، لكنها تعرضت للحروق وعاشت عشر سنوات من الألم والظلم! بعد إصابتها بالحروق، أصبحت موضع سخرية زملائها. الأصدقاء الذين كانوا قريبين منها ابتعدوا عنها تماماً. زملاؤها في الصف كانوا يعاملونها وكأنها طاعون، يتجنبونها بكل الطرق! حتى أفراد عائلتها نظروا إليها بازدراء، حتى والداها لم يكونا يستثنيانها من ذلك. عندما تعافت من جروحها، شعرت أن كل ما عانته خلال السنوات العشر كان يستحق ذلك. ولكن الآن، ها هي تعود إلى اليأس من جديد. قال أحد أفراد عائلة عبد الرحمن: "يا سيدي زين، أرجوك، ليس لنا علاقة بهذا، إنها ليلى عبد الرحمن وحدها السبب." "كل هذا بسببها، انتقم منها، أرجوك، أطلق سراحنا." في يأسها،
"أنا."كلمتان فقط، ولكنها كانت كالرعد القاصف الذي دَوَّى في أرجاء القاعة وترك الحاضرين في صدمة أفرغت عقولهم من أي تفكير، وجعلتهم مشوشين تماماً.حتى زين الصقري، الذي كان يقف على منصة المزاد، تجمد في مكانه لوهلة. زين وهو نائب قائد الغرب وصاحب الباع الطويل في الحروب، خاض المعارك جنباً إلى جنب مع حاكم الغرب ضد الأعداء، إلا أنه وجد نفسه مشدوهاً من صرخة عمران بن خالد المفاجئة. في تلك اللحظة القصيرة، لم يستوعب ما حدث. ولكن بمجرد أن استعاد وعيه، رأى رجلاً يدخل إلى القاعة. كان الرجل يرتدي قناعاً أسود على وجهه وتنبعث منه برودة تخترق العظام. تلك البرودة جعلت أجواء القاعة تنخفض وكأنها أصبحت أكثر برودة بعدة درجات. "إنه هو؟" "الرجل المقنع الذي قتل رائد الصقري!" بدأت شخصيات المجتمع الحاضرون يدركون من هو الرجل الذي تقدم نحوهم واتسعت أعينهم رعباً واصفرت وجوههم خوفاً. مرت في أذهانهم صور من نصف شهر مضى، عندما تعرض بدر الصقري لكسر في ذراعه وتم قطع رأس رائد الصقري، حيث ظل جسده ممدداً وسط بركة من الدماء."أنت؟" تغيرت ملامح زين الصقري إلى الصرامة. لقد تعرف على هذا الرجل المقن
مدينة السلام تُعرف بأنها مركز الطب. ثمانون بالمئة من الأعشاب الطبية في العالم يتم توزيعها من هنا. تحتوي المدينة على شركات أدوية بقيمة مليارات،وعشرات الآلاف من المصانع الصغيرة والكبيرة لمعالجة الأعشاب الطبية. في كل زاوية من شوارعها، تنتشر عيادات الطب التقليدي. شارع النجوم، هو أحد شوارع مدينة السلام، مليء بالتناقضات، حيث يختلط فيه كل أنواع البشر، تجد فيه متاجر التحف القديمة، النوادي الليلية، الحانات، وحتى مراكز التدليك. وعند مدخل شارع النجوم، تقف عيادة بسيطة. "عيادة البسطاء." كانت هذه العيادة ملاذاً للصقر الصغير، أحد أتباع عمران بن خالد في مدينة السلام. عمران بن خالد كان طبيباً بارعاً، والصقر الصغير الذي تبعه لسنوات طويلة تعلّم منه بعض المهارات الطبية. كان قادراً على علاج الأمراض البسيطة مثل نزلات البرد أو الإصابات السطحية. داخل عيادة البسطاء، على طاولة العمليات الصغيرة، كان عمران ينظر إلى ليلى عبد الرحمن التي كانت مستلقية أمامه. وجهها كان مغطى بالدماء، ركبتيها مجروحتين ومملوءتين بالغبار. لقد تعرضت لعذاب لا يمكن لإنسان عادي تحمله. كانت مرهقة بدنياً ونفس
أشرقت الشمس لتنير الأرض التي كانت غارقة في الظلام وبدأ سكان المدينة بالاستيقاظ، يغتسلون ويستعدون ليوم جديد. في الصباح، داخل برج الفجر الطبي في مكتب رئيس مجلس الإدارة. "يا سيد ياسين، لقد حدثت كارثة كبيرة الليلة الماضية." قالت امرأة جميلة تقف بجانب ياسين الياسمين، تروي بالتفصيل ما حدث في مزاد عائلة الصقور الليلة الماضية. "هل قام زين الصقري باختطاف ليلى عبد الرحمن وأفراد عائلتها؟" تساءل ياسين بدهشة طفيفة، قبل أن يضيف قائلاً: "وفي النهاية، هل مات زين الصقري؟" "نعم يا سيد ياسين، حسب المعلومات التي وصلتني، كان زين يخطط للتخلص من عائلة عبد الرحمن أولاً، ثم استهداف مجموعة الفجر الطبي، لكن بينما كان يستخدم اختطاف ليلى كوسيلة لترسيخ سطوته، ظهر الرجل المقنع الذي قتل رائد الصقري، وقتله على الفور." لوّح ياسين بيده قائلاً: "حسناً، يمكنكِ الانصراف." بعد مغادرة السكرتيرة، ابتسم ياسين ابتسامة خفيفة وهمس لنفسه: "أن يجرؤ أحدهم على المساس بليلى عبد الرحمن...... يا له من أحمق، نائب قائد الغرب؟ من يخال نفسه؟ حتى لو جاء حاكم الغرب شخصياً، فسوف ينحني أمام النسر الأسود." لم يهتم ياسين كثير
لم يكن عمران بن خالد يرغب في التورط أكثر، فقال: "أعطني بعض المال، سأذهب لشراء الإفطار لليلى." أجابه الصقر الصغير قائلاً: "حسناً." غادر عمران العيادة، وتوجه إلى الشارع واشترى لها بعض الخبز الساخن وحساء الأرز. عندما عاد، كانت ليلى قد استيقظت بالفعل. كانت ليلى مستلقية على السرير وجهها ملفوف بالضمادات وعيناها تائهتان تحدقان في السقف بلا حراك. تقدم عمران ووضع الإفطار جانباً وقال بصوتٍ هادئ: "زوجتي." لم ترد ليلى. أمسك عمران بيدها بلطف وقال: "لقد انتهى كل شيءـ كل هذا أصبح ماضياً." استدارت ليلى قليلاً لتنظر إليه، عيناها مليئتان بالخوف وبينما كانت تبكي بصوتٍ منخفض، قالت: "لقد أزعجت زين الصقري...... أنا انتهيت، فلتذهب بعيداً، لا أريد أن أكون سبباً في أذيتك." رد عمران مطمئناً: "كل شيء انتهى، هذا الصباح قرأت الأخبار، زين الصقري مات وأفراد عائلتك بخير الآن." "ماذا؟ مات؟" نظرت ليلى إليه بدهشة، والدموع ما زالت تملأ عينيها، غير مصدقة. "زين الصقري كان جنرالاً، كيف يموت بهذه السهولة؟" قال عمران: "ذكرت الأخبار أن رجلاً يرتدي قناعاً أسود قتله والشرطة الآن تبحث عن القات
"أبي." نادت ليلى بصوت خافت، "أنا بخير.""طارق، من هناك؟" جاء صوت من داخل المنزل وظهرت هدى الجبوري بخطوات متسارعة، عندما رأت ليلى، تغيرت ملامح وجهها على الفور وتحدثت ببرود: "يا شؤمنا! ماذا تفعلين هنا؟""أمي......""لا تناديني أمي! ليس لدي ابنة مثلك،" نظرت هدى إلى ليلى التي كان وجهها ملفوفًا بالشاش بملامح تمتلئ بالازدراء.بسبب ليلى، تعرضت هدى للخطف وتكبدت معاناة شديدة ولحسن الحظ، توفي زين الصقري، وإلا لكان مصير عائلة عبد الرحمن قد انتهى بالكامل.بعد عودة يوسف عبد الرحمن، غضب بشدة وأصدر قرارًا عائليًا بإلغاء منصب ليلى كمديرة تنفيذية لشركة السعادة الدائمة، وطردها من العائلة، وأعلن أمام الجميع أنه لم يعد لعائلة عبد الرحمن أي علاقة بها."هدى، ماذا تفعلين؟" قال طارق بقلق وهو يقطب حاجبيه، "صحيح أن والدك طرد ليلى من العائلة، لكنها تبقى ابنتنا!"وقفت هدى بيدين على خاصرتيها وتحدثت بحدة: "من يجرؤ على معارضة قرار والدي؟ ولا تنسَ أنك لا تزال تتلقى راتبك من شركة السعادة الدائمة، إذا أغضبت والدي، ستفقد عملك ومن دون عمل، كيف ستسدد أقساط المنزل؟"ثم أشارت إلى ليلى الواقفة عند الباب وقالت بغضب: "
"جدّي، نعم، لنذهب إلى جدي!" فجأة، وكأن ليلى قد وجدت طوق النجاة وسط بكائها، أمسكت بعمران وهي تبكي قائلة: "لنذهب إلى جدي، لقد كان يحبني كثيرًا عندما كنت صغيرة، لن يسمح بطردي من العائلة، لنطلب منه، لنطلب من جدي!"كانت تسحب عمران معها وهي تغرق في دموعها، رأى عمران وجهها الذي تشوبه الدموع وكأنه زهرة مبللة بالمطر، شعر بألم شديد في قلبه وطمأنها قائلاً: "لا تقلقي، سآخذكِ إلى عائلة عبد الرحمن لنطلب من جدك.""نعم، لنذهب فورًا!" قالت ليلى بحماس متقطع.كانت ليلى بالكاد قد بدأت تتعافى من الصدمة التي سببتها لها تعذيب زين الصقري والآن تجد نفسها تُطرد من عائلة عبد الرحمن، مما جعل حالتها النفسية تنهار، اعتقدت بسذاجة أن الذهاب إلى فيلا العائلة والتحدث إلى يوسف عبد الرحمن قد يعيدها إلى مكانها داخل العائلة.لكن يوسف عبد الرحمن نفسه كان الشخص الذي أصدر القرار بطردها.مع ذلك، لم يكن أمام عمران خيار آخر، كان عليه تهدئة ليلى أولاً، ثم التفكير في حل للمشكلة، لم يرد أن يحطم أملها، لذلك اصطحبها إلى فيلا عائلة عبد الرحمن.وصلوا بسرعة إلى باب الفيلا، ضغطت ليلى على جرس الباب وبدأت تمشي ذهابًا وإيابًا في قلق،
كان حاكم الغرب، القائد الأعلى لجيوش الغرب، شخصية تقف على قمة السلطة، شخصًا لا يعلوه إلا القليل. كان يتقدم بخطوات ثابتة، محاطًا بهالة قوية من الهيبة. أمام مطعم المذاق الراقي، صمت الجميع وكأن أنفاسهم توقفت. هذا هو حاكم الغرب، القائد الجديد لجيوش المناطق الخمس. كان الناس قد رأوه فقط عبر شاشات التلفاز ولكن رؤيته على أرض الواقع جعلتهم يشعرون برهبة لا توصف. دانيال الجبوري مدير المطعم، ومعه حراس الأمن، ركعوا على الأرض وارتجفت أجسادهم خوفًا. هدى الجبوري، التي كانت تجلس على الأرض تبكي، توقفت فجأة عندما رأت حاكم الغرب يقترب، فكانت قد رأت الأخبار وعلمت أن حاكم الغرب أكثر وحشية من زين الصقري. حتى صفاء العابد، التي كانت تتفاخر، لم تجرؤ على إصدار صوت. وقف الجميع في حالة من الذهول والخوف، إلا عمران بن خالد، الذي بدا عليه الهدوء التام. كان قد رأى حاكم الغرب من قبل، في اليوم الذي مُنح فيه لقب القائد. اقترب حاكم الغرب ببطء وعندما التقت عيناه بعيني عمران، بدا عليه الذهول للحظة وكأنه تعرف عليه، أراد أن يتحدث، لكنه قرأ الإشارة الصامتة التي أرسلها له عمران، فتوقف وفهم الأمر على
في لحظة، أمسك عمران بن خالد بيد ليلى ومنعها من الركوع وقال بهدوء: "ليلى، هذا ليس من شأنك. أنا من ضربها، وإذا كان هناك حساب، فليكن معي. لن أسمح بأن يُمس أي فرد من عائلتك." صفاء العابد، التي كانت جالسة على كرسي، ازداد غضبها واستشاطت عندما سمعت كلام عمران، أمسكت هاتفها واتصلت بمدير مطعم المذاق الراقي وقالت بصوت مفعم بالاستعلاء: "مرحبًا أيُها مدير دانيال الجبوري، أنا صفاء العابد، عضوة ذهبية في مطعم المذاق الراقي، لقد تعرضت للاعتداء خارج المطعم، أرسل حراس الأمن فورًا." بعد إنهاء المكالمة، نظرت صفاء إلى عمران وصرخت بغضب: "أنت انتهيت! حتى لو ركعت الآن وطلبت الرحمة، سأكسر ساقيكِ وأجعلكِ عبرة للجميع!" اقتربت هدى الجبوري من صفاء وهي تمسك بيدها، معتذرة بحماس: "سيدة صفاء، أرجوكِ، نحن آسفون جدًا، إنه خطأ زوج ابنتي الفاشل، أرجوكِ اغفري لنا، اعتبري هذا الحادث وكأنه لم يكن." كانت هدى مرعوبة. بعد أن حصلت عائلة عبد الرحمن أخيرًا على نسبة من الأسهم، لم تكن تريد أن تخسر كل شيء بسبب هذه المواجهة. صفاء، بنبرة مليئة بالاستعلاء، أشارت إلى هدى وقالت: "أنت لا شيء بالنسبة ل،. الآن اركعي واغسلي حذا
على مدى عشر سنوات، كانت ليلى عبد الرحمن تعاني من السخرية والإهانات، كلما خرجت إلى الشارع، كانت تخفي وجهها وراء الحجاب. اعتقدت أنها اعتادت ذلك. لكن الآن، مع تدفق الكلمات الجارحة من كل جانب، خفضت رأسها، غير قادرة على مواجهة نظرات الناس، شعرت بإحساس عميق من الدونية. "هذا الشكل؟ حتى لو دفعت لي، لن أقبل بها." "أجمل امرأة في مدينة السلام؟ الصحافة بالتأكيد عمياء، كيف يمكنها تقييم ذلك؟" رغم أن رأسها كان منخفضًا، إلا أنها كانت تتخيل الوجوه الساخره من حولها، شعرت بالظلم وامتلأت عيناها بالدموع، لتنهمر على خديها. أما صفاء العابد، فقد شعرت بسعادة غامرة عندما رأت ليلى بهذا الحال. أمسكت بذقنها، وجعلتها تنظر مباشرة إلى جروحها غير الملتئمة وهي تبتسم بازدراء: "يا لها من وجه جميل...... للأسف، ما حدث لك أفسده تمامًا. هاهاها......" "ما...... ما الذي تفعلينه؟" حاولت ليلى الإفلات وهي تخفض رأسها، غير قادرة على مواجهة نظرات صفاء. وفجأة، صدى صوت صفعة قوية ملأ المكان. رفعت ليلى رأسها لتجد يدًا قوية تمسك بها. نظرت لترى عمران بن خالد قد عاد، فور رؤيته، انفجرت بالبكاء وارتمت في أحضانه.
مطعم المذاق الراقي مشهور جدًا في مدينة السلام، ويُعد أفخم مطعم في المدينة. ينقسم إلى عدة مستويات. غرفة الألماس، غرفة الذهب، غرفة الفضة، غرفة البرونز، غرفة الحديد الأسود، وأخيرًا القاعة العامة. حتى لو تناولت وجبة في القاعة العامة، فستكلف عدة آلاف.في هذه اللحظة، كان وقت الذروة والقاعة العامة ممتلئة تمامًا، كان هناك طابور طويل بانتظار الدخول، مع أكثر من ثلاثين شخصًا في المقدمة.بدأت هدى الجبوري بالشكوى مرة أخرى. "طارق، أنت بلا فائدة. انظر إلى حازم، لديه عضوية برونزية في مطعم المذاق الراقي، يدخل إلى الغرف مباشرة دون انتظار. أما أنت، مجرد جندي سابق، لا مال لديك ولا نفوذ، انظر إلى صهر مازن، له مكانة وشأن، لديه عضوية فضية، باتصال واحد يأتي الموظفون لاستقباله، كيف لابنتي أن تتزوج رجلاً مفلساً مثل هذا؟"كان الانتظار للطعام قد أفسد مزاج هدى تمامًا. بدأت في لوم طارق على ضعفه وافتقاره للنفوذ، ثم وجهت غضبها نحو ليلى بسبب زواجها من رجل لا يملك شيئًا.أما عمران بن خالد، فقد اعتاد على سخريتها ولم يكترث. وخلال انتظارهم، قال لعائلته: "ليلى، انتظري قليلاً هنا، سأذهب إلى السوبرماركت المقا
كانت هدى الجبوري قد خرجت للتنزه مع كلبها، ولم تشاهد الأخبار. لم تكن تعلم بالمؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس مجموعة الفجر الطبي، ولم تعرف أن المجموعة قد ألغت تعاونها مع شركة السعادة الدائمة لعائلة عبد الرحمن، كما أنها لم تكن على علم بأن ليلى عبد الرحمن قد اشترطت العودة إلى العائلة للحصول على نسبة عشرة بالمئة من الأسهم. عندما سمعت هدى كلمات ليلى، توقفت في مكانها بدهشة: "عشرة بالمئة من الأسهم؟ ما هذه الأسهم؟"لم تستوعب الأمر في البداية. قامت ليلى بتقديم الوثيقة وقالت: "أمي، هذه وثيقة تنازل عن الأسهم كتبها جدي شخصيا، بمجرد أن يوقع أبي عليها سيحصل على نسبة عشرة بالمئة من أصول العائلة."أخذت هدى الوثيقة بسرعة وبدأت تقرأها بعناية. بعد أن انتهت من القراءة، احتضنت الوثيقة وبدأت تقبلها وتضحك بسعادة: "هاهاها، بالفعل إنها وثيقة التنازل! عشرة بالمئة من الأسهم! أخيرا اقتنع الشيخ الكبير!"قال جواد عبد الرحمن، الذي لم يصدق ذلك وهو يمد يده: "أمي، دعيني أراها، أنا لا أصدق أن العائلة ستمنحنا أي شيء."كانت هدى متحمسة وسلمت الوثيقة له قائلة: "جواد، ألم تكن تريد تغيير سيارتك؟ سأشتري لك واحدة جديدة غ
هذه العشرة بالمئة ليست مبلغا بسيطا وكانت قلقة من أن جدها لن يوافق على إعطائها. لم يكن أمامها سوى الانتظار.وبعد فترة قصيرة، عاد حازم عبد الرحمن إلى عيادة البسطاء. هذه المرة جاء بمفرده ومعه وثيقة تنازل عن الأسهم الخاصة بالشركة.قال وهو يسلم الوثيقة إلى ليلى عبد الرحمن: "ليلى، هذه وثيقة التنازل التي وقعها أبي بنفسه، بمجرد أن يوقع طارق عبد الرحمن، ستصبح نسبة العشرة بالمئة من أسهم الشركة باسمكِ والآن، بما أنني سلمتك الوثيقة، ألا ترين أنه من المناسب الاتصال بياسين الياسمين وطلب الاستمرار في التعاون مع شركة السعادة الدائمة؟"تناولت ليلى الوثيقة وبدأت تتصفحها بعناية.وعندما تأكدت من أنها وثيقة أسهم حقيقية، ظهرت الفرحة على وجهها وهتفت بسعادة: "عمران! لقد وافق جدي حقا! أبي أخيرًا سيتمكن من رفع رأسه عاليا!"قال حازم على الفور: "ليلى، اتصلي الآن، هناك عشرات الشاحنات تنقل المواد الخام إلى شركة السعادة الدائمة، عندما ننتهي من هذه المشكلة، يمكننا الاحتفال لاحقا."نظرت ليلى إلى عمران بن خالد، فأومأ برأسه وقال: "نعم، اتصلي."ترددت ليلى وقالت: "هل أستطيع فعل ذلك؟" فبعد كل شيء كان ياسين مدين
بيت عائلة عبد الرحمن.كان يوسف عبد الرحمن جالسًا في قاعة القصر وملامحه متجهمة عندما رأى حازم وعائلته يعودون بدون ليلى. تغيرت ملامح وجهه أكثر وصرخ بغضب: "أين ليلى؟ لماذا لم تعودوا بها؟"تقدمت مريم عبد الرحمن إلى جدها وأمسكت بيده قائلة: "جدي، لا تغضب دعني أخبرك بما حدث، ليلى تصرفت بطريقة لا تُغتفر، جعلتنا نركع أمامها ومع ذلك رفضت العودة، بل طلبت منك أن تمنح والدها عشرة بالمائة من أسهم شركة السعادة الدائمة وقالت إنك، أيها العجوز تحابي بقية العائلة، حيث يمتلك الجميع أسهمًا، بينما لا يمتلك والدها شيئًا."اهتزت ملامح يوسف عبد الرحمن وشحب وجهه من شدة الغضب.أضافت مريم بسرعة: "جدي، أنا لا ألومك، ولكن هذه كانت كلمات ليلى."“أنا استشيطُ غضبًا”صاح يوسف بغضب شديد: "هذا لا يُحتمل! تستغل علاقتها بياسين الياسمين لتتصرف وكأنها فوق القانون، ولم تعد تحترم حتى مكانتي كرب العائلة!"جواد، الذي كان ينتظر فرصته لإضافة المزيد من الزيت إلى النار، بدأ يروي بتفصيل ما حدث عندما ذهبوا لإحضار ليلى، وكيف ركعوا أمامها، وكيف أساءت إليهم ووجهت لهم الإهانات.على طول الطريق، كانت عائلة حازم قد خططت لهذا السينا
كان عمران يعلم أن أكثر ما يهم ليلى هو رأي عائلتها بها. على مدار السنوات العشر الماضية، كانت دائمًا محل ازدراء، وكانت تحلم بأن تحظى يومًا ما بتقديرهم."ليلى، هل تريدين العودة؟" سألها عمران.أومأت ليلى برأسها بخفة وقالت: "نعم."نظر عمران نحو حازم وعائلته الواقفين عند الباب وقال ببرود: "يمكن لليلى أن تعود، ولكن عليكم أن تركعوا وتطلبوا منها العودة.""عمران......" صرخ جواد بغضب وبدأت عروقه تنبض بشدة، وقال: "أنت مجرد كلب للعائلة، ليلى نفسها لم تتحدث، فما بالك أنت!"رد عمران بهدوء: "إذا لم تركعوا، دعوا يوسف عبد الرحمن يأتي بنفسه ويطلب من ليلى العودة وإلا فإنها لن تعود."سحبت ليلى بلطف طرف ثوب عمران، مشيرة إليه بأن يخفف من حدة كلامه، فهي لا تريد تصعيد التوتر بين أفراد العائلة.قال عمران: "ليلى، أنت طيبة القلب، لكن الآن هم من يحتاجونك، وليس العكس، إذا كان لديك أي طلبات، فاطلبيها الآن وسينفذونها.""حقًا؟" سألت ليلى بتردد."بالطبع. أين ذكاؤك الذي عرفته عنك؟ إن إلغاء التعاون مع مجموعة الفجر الطبي خسارة كبيرة لعائلة عبد الرحمن ولن يسمحوا بفقدانك، فكري الآن، إذا كان لديك أي طلبات."فكرت
شعر عمران بالسعادة وهو يرى الفرحة على وجه ليلى."عمران، سأعود إلى المنزل! سأعود إلى المنزل!" كانت ليلى تهتف بفرحة طفولية وكأنها طفلة صغيرة عوقبت سابقًا وأخيرًا حصلت على غفران عائلتها.لم يتحدث عمران كثيرًا، بل اكتفى باحتضانها بشدة.بعدما عرف حازم عبد الرحمن مكان ليلى، توجه بسيارته إلى عيادة البسطاء، لم يكن وحيدًا، بل كان بصحبته عدد من أفراد عائلة عبد الرحمن، منهم ابنه جواد وزوجته منيرة الهاشمي وابنته مريم عبد الرحمن.كان حازم، بصفته المدير التنفيذي لشركة السعادة الدائمة، يقود سيارة باهظة الثمن من طراز بي إم دبليو الفئة السابعة، تبلغ قيمتها مئات الآلاف.داخل السيارة، قال جواد بتذمر: "ماذا يفعل جدي؟ كيف يمكنه السماح بعودة ليلى إلى المنزل؟ أبي، إذا عادت ليلى، ستأخذ منصب المدير التنفيذي منك! لا يمكننا السماح لها بالعودة!"أيدته زوجته منيرة قائلة: "بالضبط، كيف يمكن أن تصبح ليلى المديرة التنفيذية؟ إذا استلمت هذا المنصب، كيف سنستمر نحن في الاستفادة من الشركة؟ ليلى هذه لا ندري كيف تعرفت على رئيس مجموعة الفجر الطبي!"وأضافت مريم: "الكل يتحدث عن أن ليلى هي عشيقة ياسين الياسمين."قاطعهم